Page 74 - كتاب تأبين حسنين ربيع
P. 74
القسطنطينية عندما سمع أن الآفار نقضوا الصلح مع الروم وأنهم يتأهبون لمهاجمة بلادهإ1ر.
وإذا تأملنا هذه الحملة الأولى الناجحة لهرقل نجدها تزامنت مع حوادث عظيمة في سيرة
النبي صلى الله عليه وسلم ففي سنة 622م كانت الهجرة النبوية إلى المدينة التي كانت نقطة تحول
في تاريخ البشرية بأكملهر حيث وضع النبي قواعد الدولة الإسلامية في المدينةإ2ر .وقد قامت تلـك
الدولة على أسا العقيدة بين المسلمين حيث نصت الصحيفة المشهورة – التي كانت بمثابة دستور
العقيدة ملرلَّا مذبيطَنة أفرادها ر أمة تربط الدولة الجديدة – في بندها الثاني على إ أنهم أمة من دون النا
يقَاتَلو َن و {أ مذ َن قول الله تعالى تشريع الجهاد بنزول مبوأَلّنَيه ْمسظ ملرامبواطة َو مإال َّندمّإل َّل3اَرَ .ع َلوفىيَن سْصن مرة مه ْم 3لََ 2ق مد6يم ٌربد}أ
حركة الجهادإ5ر. 623م يلائع إ4ر ر وبدأت خلال سنة
أما الحملة الثانية التي قام بها هرقل وأحرز فيها سلسلة من الانتصارات الرائعة على الفر
فقد جرت حوادثها خلال سنة 624مر إذ تمكن هرقل من تجديد الصلح مع الآفار عن يريل زيادة
الأتاوة التي يدفعها لهم .ثم عبر البسفور في مار 624م واتجه بجيشه الضخمر الذي بلء نحو
000ر 120أل رجل ر إلى الشرق حتى وصل إلى أرمينية وتابع سيره حتى دخل أرمينية الفارسية
فاستولى على عاصمتها دوفين Dovinوأحرقها وعلى مدينة نقشفان Nakhchevanر وتقدم هرقل
صوب بلاد فار عبر أذربيجان ر ولما سمع كسرى أبرويز بحملة هرقل جمع جيشا كبيرا واستعد
لمواجهتهر والتقى الجانبان عند مدينة غانزاك Ganzacعاصمة أذربيجانر وأحرز هرقل نصرا كبيرار
فلاذ كسرى بالفرار وتبعه جيشه فطاردهم الروم وقتلوا عددا كبيرا منهمر واستولى هرقل على
غانزاك وأحرق معبد النار الشهير بها ودمرها انتقاما لما فعله الفر في بيت المقد ر ثم يارد
هرقل كسرى وفلوله إلى مدينة تبريز في جنوب أذربيجان .ولم يعد في وسع كسرى الصمود في
ميدان مكشوف فلجأ إلى سياسة الأر المحروقة المتمثلة في حرق كل ما يمكن أن يفيد منه جيش
هرقل من أعلاف وأقوات .ورغم ذلك فقد وصل هرقل إلى تبريز وأحرقها ر وظل كسرى يتقهقر
وهرقل يقفو أثره حتى وصل إلى بلاد ما بين النهرين .ولما كان شتاء عام 624م شديد البرودةر فقد
قرر هرقل الانسحاب شمالا إلى إقليم القوقاز للتزود بالمؤن من جانب الشعوب القوقازية مثل الكرج
والأبخاز ر وهي شعوب مسيحية تميل إلى الرومر وكان قد وقع في أسر هرقل نحو خمسين أل من
الفر ر فأيلل سراحهم بعد أن أصبحوا في حالة سيئة من شدة البردإ6ر.
والمتأمل في هذه الحملة الثانية التي قام بها هرقل ضد الفر سنة 624م والمعارك الكبيرة
التي خاضها يجدها وقعت في السنة نفسها التي وقعت فيها غزوة بدر التي حدثت في رمضان من
السنة الثانية للهجرة الموافل لشهر مار سنة 624مإ7ر .وإذا ما قارنا معركة بدر مع تلك المعارك
التي دارت بين الفر والروم في سنة 624م نجدها – بالمقاييس المادية – معركة صغيرة محدودةر
لا تمثل مع تلك الحرب إلا مثل اشتباك صغير بين يلائع تلك الجيوش التي كانت الحرب بينها
عالمية بالمفهوم المادي .وتتضح المقارنة الدقيقة بينهما إذا ما تذكرنا أنه وقع في أسر المسلمين في
معركة بدر سبعين أسيرا من المشركين بينما وقع في أسر الروم خمسين أل أسير من الفر .وإذا
(78) Theophanis: op. cit. pp. 468 – 471; Stratos: op. cit. vol. I, pp. 139-
;143
يىس ،ال بس فر سىرة ج 2الم ل ال ايبع ص 550؛ للأل ي ال ىا الميجع
السف ق ص .239 – 237
( )2ا اي حسنلأ ،ربلأع ارسفت ي فر ال الة اليلأشىلأة ص .60 – 59
( )3العمديم السدلأيا النيى دة الصد لأ ة ج 1ص 292؛ ح مد حملأد الله ح مى دة الىثدفئق السلأفسدلأة للعهد النيدىم
اال لا ة ال ايش ا ط حصي ان فر ص .47-41
( )4سىرا ال ب ية .39
( )5ا اي العميم السلأيا النيى ة الص لأ ة ج 2ص .348 – 345
;(83) Sebeos: op. cit. pp. 80-82; Theophanis: op. cit. pp. 471 – 475
;Ostrogorsky : op. cit. p. 102
للأل ي ال ىا الميجع السف ق ص .245 – 241
( )7ا ادي د ،لدشاا د ر العمديم السدلأيا النيى دة الصد لأ ة ج 2ص 373 – 354؛ حهد م ر:ع الله السدلأيا
النيى دة دي دىء المصدف ر اس دللأة ص 366 – 337؛ ح مد الصدى ف ي السدلأيا النيى دة طمدف جدفءت دي
اسحف ي الص لأ ة ج 2ص .155 – 51
73