Page 72 - كتاب تأبين حسنين ربيع
P. 72

‫إيسيدور‪ Isidore‬أسق اشبيلية أشار إلى تلك الخسائر التي نزلت بهرقل في حوليته‪ .‬وأضاف بأن‬
‫امبرايورية هرقل خسرت في الوقت نفسه بقية ممتلكاتها في أسبانيا لحساب الملك القويي سوينتيلا‬

                                              ‫‪ Suinthila‬ولم يبل بيد هرقل سوى جزر البليارإ‪1‬ر‪.‬‬

‫ويص المطران يوس الدبس أثر هذه الهزائم المتلاحقة على هرقل فيقول عنه و إ فضاق‬
‫ذرعه عن تحمل هذه المصائب والمصاعب فعزم على الفرار والعزلة في افريقيار بل شحن كل ما‬
‫كان نفيسا في سفن وأمر أن تمخر إلى قرياجنةر فثار عاص شديد غ َّرق بعق هذه السفن وكسر‬
‫أببعدوهضهممني التصيعلُّحلإلبيهه‬  ‫بعضهار وذاع خبر عزم الملك على الاعتزال فاحتشد جم غفير حول القصر وكان‬
                                 ‫بألا يغادرهم وبعضهم يهدد بقتله إن أصر على عزمه‪ .‬فرق الملك لهمر وكان لما‬
‫وقع شديد في قلبه فاستدعى البطريرك إليهر وسار معه إلى كنيسة القديسة صوفيا فحل هناك يمينا‬
‫على أنه لا يغادر عاصمة ملكه‪ .‬فجأر الشعب بالدعاء لهر وأكثروا من مظاهر السرور التي أ ْن ْستهم‬
                                 ‫إلى وقت تراكم المصائب عليهمإ‪2‬ر ر‪.‬‬

‫والمتأمل في الحالة التي وصلت إليها الأمبرايورية البيزنطية خلال سنتي ‪620-619‬م تبدو‬
‫له وكأنها قد وقعت في هوة سحيقة لا سبيل إلى الخروج منها ر بل وكأنها في يريل السقوي‬
‫والاندثارر ومع ذلك ظلت الحقيقة القرآنية ثابتة بأن الروم سوف يغلبون في نهاية المطاف‪ .‬لكن‬
‫السؤال الذي يطرم نفسه هنا هو و هل كانت هذه الهزيمة الثانية بسقوي مصر في أيدي الفر‬
‫وحصار القسطنطينية بعيدة عن مصادرنا الإسلامية؟ الحل أن مصادرنا لم تهمل هذه الهزيمة الثانية‬
‫بل أشار بعضها إليها لا سيما من جانب بعق المفسرينر فعلى سبيل المثال نجد أبو حيان يورد رأيا‬
‫َاولأهمول مّمىنب َبس ْعق مدويَغلَ مبب مهل ْامد}الباشلاقمورلوإه بزأيمنتاهلممعالنثاىنيةهنابفيقتداضنممنصغلربهموممحراتيصنررة‬  ‫في تفسير قوله تعالى و {‬  ‫آخر‬
                                                                                                                          ‫وهذه إشارة إلى هزيمتهم‬   ‫إ‪3‬ر‪.‬‬
‫القسطنطينية واجتيام الآفار والسلاف للبلقان حتى أسوار القسطنطينية‪ .‬ويفسر هذا الترمذي برواية‬
‫أخرى حيث يقول و إ فمضت ست سنين قبل أن يظهروا فأخذ المشركون رهن أبي بكر ر إ‪4‬ر وذلك‬
‫عندما حدثت هذه الغلبة الثانيةر وهذا الرهن كان عشر قلائصر لذلك قال له النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫و فزايده في الخطر وماده في الأجل كما ذكرنا من قبل‪ .‬ومن الطبيعي أن يقبل المشركون وعلى‬
‫رأسهم أبي بن خل الجمحي الرهان الجديدر بعد أن كسب الرهان الأول وبعد أن أيقن المشركون أن‬
                                 ‫سير الحرب لصالح الفر ر وأن امبرايورية الروم على وشك الزوال‪.‬‬

‫وإذا تأملنا هذه السنوات الست التي تلت سقوي بيت المقد بيد الفر ر منذ سنة ‪ 614‬وحتى‬
‫سنة ‪620‬مر والتي كانت كوارث متلاحقة وشدائد مهلكة على امبرايورية الرومر وقارناها بما كان‬
‫يجري في مكة فقد جاءت مثلما تفاءل المشركونر حيث جاءت قاسية وشديدة على الأقلية المسلمة‬
‫بقيادة النبي صلى الله عليه وسلم‪ .‬فقد اتبع المشركون أساليب كثيرة في محاربة النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم وأصحابهر مثل محاولات التأثير على عمه أبي يالب لوق دعوته أو التخلي عنهر والتهديد‬
‫بمنازلة بني هاشمر والاتهامات البايلة للنبي صلى الله عليه وسلمر والسخرية والاستهزاء بهر بل‬
‫والاستهزاء بالقرآن والمطالبة بالمعجزاتر وترهيب المسلمين والاعتداء عليهمر والتعذيب الجسدي‬
‫للمستضعفين من المسلمينر الأمر الذي أدى إلى هجرتي الحبشةر ثم محاولة قتل النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم والمقايعة الشاملة لبني هاشم في شعب أبي يالبر وغير ذلك من الشدائد التي أنزلها‬

                                                         ‫المشركون بالنبي وأصحابه في مكةإ‪5‬ر‪.‬‬

‫تراجع هرقل – كما رأينا – عن قرار الفرار إلى شمال افريقيا وذلك بفضل وقوف جماهير‬
‫القسطنطينية ضد هذا القرار‪ .‬كما كان للبطريرك سرجيو دوره في إعادة الهدوء إلى نفس هرقل‬

  ‫‪(68) Vasiliev : op. cit. vol. I, p. 196‬‬

                                                                ‫(‪ )2‬فر سىرة ح‪ 2‬الم ل ال ايبع ص ‪.549‬‬
  ‫(‪ )3‬س ى حلأفن ( ح م ‪ ،‬لي الا لسي ‪ 754‬د) الي ي الم لأ لأيات ‪ 1403‬د ‪1983 /‬م ج‪ 7‬ص ‪.161‬‬
‫(‪ )4‬س يج الةيحذم ي بفب الةفسلأي سىرا اليام يقا ‪ 3246 3245‬اقفا ن ح ي حس‪ ،‬د لأح ليدب اا ادي‬

                                                              ‫سيعف فة اسحىذم ج‪ 9‬ص ‪.54 – 51‬‬
‫(‪ )5‬ا ادي فف دلأي ذلدك دي سكديم دلأفء العمديم السدلأيا النيى دة الصد لأ ة الم يندة المندىرا ‪ 1412‬دد ‪1992 /‬م‬
‫ج‪ 1‬ص ‪194 – 147‬؛ حه م ر‪:‬ع الله سحم السلأيا النيى ة دي دىء المصدف ر اس دللأة اليدفل ‪ 1412‬د‬
‫‪1992 /‬م ص ‪240 – 165‬؛ ح م الصى ف ي السلأيا النيى دة طمدف جدفءت دي اسحف يد الصد لأ ة اليدفل‬

                                                             ‫‪ 1427‬د ‪2006 /‬م ج‪ 1‬ص ‪.186 – 87‬‬

                                      ‫‪71‬‬
   67   68   69   70   71   72   73   74   75   76   77