Page 71 - كتاب تأبين حسنين ربيع
P. 71

‫قوت وملبس ومأوىر وأرسل رجلا من قبله إلى بيت المقد ر بعد أن زوده بالأموال والقمح‬
    ‫والملابس ليساعد بها الذين مكثوا في ديارهمر كما أرسل أموالا ورجالا ليفتدي بعق الأسرىإ‪1‬ر‪.‬‬

‫ولم يقتصر الغزو الفارسي لدولة الروم على انتزاع بلاد الشامر بل و ّجه الفر للروم ضربة‬
‫قاصمة أخرى بعد فترة قصيرة من احتلالهم لبيت المقد ‪ .‬ففي سنة ‪617‬م سار جيش فارسي كبير‬
‫نحو مصرر فانتزع أولا مدينة الاسكندرية من الروم بعد حصار يويلر ويبدو أن ذلك يبقا للسياسة‬
‫العسكرية التي اتبعها الفر بالشامر وذلك بالسيطرة على السواحل أولا لمنع تدفل النجدات من‬

  ‫العاصمة القسطنطينية عبر البحرر ثم التوغل بعد ذلك للسيطرة على داخل البلادر وقد نهب الفر‬
‫الاسكندريةر ثم دبروا مذبحة رام ضحيتها الآلاف من رجال الاسكندريةر فغادر بطريرك الاسكندرية‬
‫يوحنا الرحوم إلى قبرص حيث توفي بهار كما هرب حاكم مصر نيكتا إلى القسطنطينية‪ .‬ثم توغل‬
‫الفر في ديار مصر جنوبا واستولوا على كل ما يقع إلى جنوب الدلتار فوصلوا الصعيدر ونهبوا كل‬

                                     ‫المنايل التي مروا بها وتقدموا جنوبا حتى وصلوا النوبةإ‪2‬ر‪.‬‬

‫وكان فقدان مصر كارثة ثقيلة على دولة الرومر نظرا لأن مصر كانت مخزن القمح‬
‫للقسطنطينيةر إذ أن توق إمدادات الحبوب المصرية كان له أثره المباشر الثقيل على الأحوال‬
‫الالذقيسطدنفعطينيحةكروموةغلهترقألسعلازرياالدةمؤالن فضريائالبوقمتماالذولّيدَ‬  ‫الاقتصادية في العاصمةإ‪3‬ر‪ .‬حيث اشتد القحط في‬
                                                                             ‫أصبحت فيه خزينة الامبرايورية خاوية الأمر‬
‫حالة من التذمر والضجرر ولم يحل دون اندلاع الثورة ضد هرقل سوى ما كان له من رصيد في‬
‫قلوب مواينيه بعد أن خلصهم من ظلم وعس فوقا إ‪4‬ر‪ .‬ومما زاد الأمر سوءا بالنسبة لدولة الروم‬
‫أن السكان النسايرة والمونوفزتيين في بلاد الشام ومصر رحبوا بالغزو الفارسي لبلادهم ر وف َّضلوا‬
‫الهيمنة الفارسية على الرومية بسبب ما عانوه من اضطهاد أبايرة الروم لهم إبان الحقب الماضيةر‬
‫فنال أولئك السكان عط وعناية الفر إ‪5‬ر‪ .‬الأمر الذي يشير إلى تصميم الفر على ضم تلك البلاد‬
                                                                             ‫التي انتزعوها إلى امبرايوريتهم الواسعة‪.‬‬

‫وفي الوقت الذي كان فيه الفر يزحفون غربا للاستيلاء على مصر كان جيش فارسي آخر‬
‫بقيادة شاهين يجتام آسيا الصغرى ناهبا ومخربا كل ما يجده في يريقه حتى وصل إلى خلقدونية‬
‫فانتزعها من الروم‪ .‬وأقام الجيش الفارسي معسكره بجوار خريسبولي‪ Chrysopolis‬إ سكوتاري‬
‫الحاليةر مواجها للعاصمة القسطنطينية التي لم يعد يفصله عنها سوى مضيل البسفورر الأمر الذي‬

                                           ‫أوقع الخوف والفزع في نفو سكان القسطنطينيةإ‪6‬ر‪.‬‬

‫ونظرا لسيطرة الفر على معظم بلدان الشرق الأدنى فقد تطلعوا إلى إحياء الامبرايورية‬
‫الأخمينية القديمة‪ Achaemenids‬التي عاشت قبل مئات السنينر مثلما تطلع جستنيان إبان سنوات‬
‫حكمه المبكرة إلى إحياء الامبرايورية الرومانية التي سيطرت في أزمنة سابقة على حو البحر‬
‫المتوسط بأكملهإ‪7‬ر‪ .‬وبالإضافة إلى ما نزل بدولة الروم من خسائر فادحة على أيدي الفر في‬
‫الجنوب والشرق ر فقد تعرضت لخطر جسيم من الشمال من قبل حشود الآفار والسلاف الذين‬
‫انساحوا في شبه جزيرة البلقان بقيادة خان الآفارر وشنوا سلسلة من الغارات بلغت أسوار‬

                 ‫القسطنطينية ذاتها وحصل خان الآفار على غنائم نفيسة وأسر الكثير من الرومإ‪8‬ر‪.‬‬

‫وهكذا بدت الأمبرايورية البيزنطية إ امبرايورية الروم ر في سنة ‪619‬م وكأنها قد هوت‬
‫إلى أسفل سافلينر وقد ذكر فاسيليي أن أحد الكتاب الغربيين المعاصرين لتلك الحقبة وهو‬

 ‫(‪ )1‬يىسد‪ ،‬الد بس دفر سدىرة ج‪ 2‬الم لد ال ايبدع ص ‪548‬؛ ةلدي دةح العديب لمصدي ص ‪103‬؛ العيندي‬

                                                                             ‫حصي اليلأشىلأة ص ‪.387‬‬

‫(‪ )2‬يىسد‪ ،‬الد بس دفر سدىرة ج‪ 2‬الم لد ال ايبدع ص ‪548‬؛ للألد يد ال دىا الميجدع السدف ق ص ‪– 221‬‬

                                                                                                 ‫‪.225‬‬
                                                                  ‫‪(62) Vasiliev : op. cit. vol. I, p. 196‬‬

                                        ‫(‪ )4‬يىس‪ ،‬ال بس فر سىرة ج‪ 2‬الم ل ال ايبع ص ‪.549 – 548‬‬
  ‫‪(64) Vasiliev : op. cit. vol. I, p. 196.‬‬
  ‫;‪(65) Vasiliev : op. cit. vol. I, p. 196 ; Ostrogorsky: op. cit. p.95‬‬

                            ‫المني ي العنىان المكلي ص ‪331‬؛ يىس‪ ،‬ال بس فر سىرة ج‪ 2‬الم ل ال ايبع‬

                                                                                                  ‫ص ‪.548‬‬
  ‫‪(66) Ostrogorsky: op. cit. p. 95.‬‬
  ‫‪(67) Ibid: p.95; Vasiliev : op. cit. vol. I, p. 196‬‬

                                      ‫‪70‬‬
   66   67   68   69   70   71   72   73   74   75   76