Page 67 - كتاب تأبين حسنين ربيع
P. 67

‫وعلى جبهات متعددةر وبأعداد قليلة لا تقارن بأي حال من الأحوال مع أعداد جيوش الفر والروم‪.‬‬

‫وإذا تأملنا هذه المجازفة الثانية البايلة – التي قال بها كونداكوف وفاسيليي – نجد فيها‬
‫الزعم بأن قبائل العرب تحررت من الخوف وبدأت تقيم الوحدة بينها‪ .‬فالقبائل العربية لم تقم دولة‬
‫الإسلامر وإنما أقامها النبي صلى الله عليه وسلمر وقد وقفت القبائل العربية بسبب العصبية القبلية‬
‫موقفا معاديا بشراسة للإسلامر مثل قريش – قبيلة النبي صلى الله عليه وسلم – التي أخذت على‬
‫عاتقها محاربة دعوة الإسلام ر حفاظا على كيانها القبلي ومصالحها الضيقة‪ .‬بل حشدت خلفها الكثير‬
‫من قبائل العرب لاستئصال الإسلام في غزوة الأحزاب المشهورة‪ .‬وبعد أن فتح النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم مكة سنة ‪8‬هـ ‪629 /‬مر وانتصر على هوازن وثقي في السنة نفسها‪ .‬أدركت قبائل العرب أن‬
‫هذه قوة جديدة كاسحة لا قبل لها بمواجهتها فأرسلت وفودها إلى النبي صلى الله عليه وسلم تعلن‬
‫إسلامها ودخولها في ياعتهر دون أن يتغلغل الإسلام – كعقيدة – في نفو كل قبائل العربر لذلك ما‬
‫أن سمعت القبائل بمر النبي صلى الله عليه وسلم ثم موته حتى قامت بالحركة المعروفة بالردةر‬
‫والتي شملت معظم قبائل العربإ‪1‬ر‪ .‬ولم يبل على الإسلام إلا تلك النواة الصلبة المؤمنة التي صنعها‬
‫الله تعالى على يد نبيه محمد صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار وقريش وثقي ر وبعق‬
‫الثابتين على الإسلام من القبائل الأخرىر والذين كانوا في مجموعهم يشكلون أقلية أمام سائر قبائل‬
‫العربر ومع ذلك استطاعت تلك النواة الصلبة المؤمنة سحل حركة الردة بالكامل خلال فترة وجيزة‬
‫وأذعنت جميع القبائل مرة أخرى لدولة الإسلام‪ .‬وإذا تأملنا ما أصاب جماعة المؤمنين من خسائر‬
‫أثناء صراعهم الدامي مع المشركين قبل فتح مكة ثم أثناء القضاء على حركة الردة ر نجد تلك‬
‫الجماعة المؤمنة قد تكبدت من الخسائر ما يفوق – بالنسبة لعددها – أضعاف الخسائر التي تكبدها‬
‫الروم والفر في حربهم الطويلة مقارنة بعددهم وإمكاناتهمر ومع ذلك تجاسرت جماعة المؤمنين‬
‫بعد القضاء على حركة الردة على مهاجمة دولتي الفر والروم في وقت واحد وحققت عليهما‬
‫انتصارات كبيرة مع ملاحظة أن الخليفة أبا بكر الصديل إلم يشرك أحدا من المرتدين في الفتومر بل‬
‫جردهم من السلام لأنه لم يأمنهم لحداثة عهدهم بالردةر وعقوبة لهم بإظهار الاستغناء عنهمر ثم إنه لم‬
‫يشأ أن يكونوا يلائع الفتح الإسلامي فلا يعطون سكان المنايل المفتوحة المثل الصالح للجندي‬

                                                                                   ‫المسلمرإ‪2‬ر‪.‬‬

‫والحل أن أسباب قيام حركة الفتوم الإسلامية وسرعة نجاحها تختل تماما عما ذهب إليه‬
‫كونداكوف وفاسيليي ر ومن تلك الأسباب و أن الدعوة الإسلامية قامت على أسا التوحيد الخالص‬
‫لله سبحانه وتعالى وحده وإفراده بالعبودية دون سواهر وهذا ما يوافل الفطرة السليمةر لذلك انتشرت‬
‫عقيدة الإسلام بسرعة بين شعوب البلاد المفتوحة ر فدخل الكثير منهم في الإسلام عن اقتناع كامل‬
‫وإرادة حرة‪ .‬كما أن مبادئ الإسلام العادلة جعلت شعوب البلاد المفتوحة تتوق إلى حكم المسلمينر‬
‫لما رأوه من عدل ورحمة لم يجدوها عند حكامهم السابقين‪ .‬كما أن المسلمين أنفسهم كانوا شديدي‬
‫الإيمان بقضاء الله وقدرهر فدخلوا سائر المعارك دون أن يخشوا الموتر بل كانت الشهادة مطلبا غاليا‬
‫للكثير منهمر فطلبوا الموت فوهبت لهم الحياة‪ .‬وفوق هذا وذاك وجود الصحابة الذين رباهم النبي‬
‫في حياتهمر وضربوا‬   ‫اتلاخلسقتواشهباأدرخلاوبقذلالكق أرثَّآرنواال فسايميالةعوريببقاولهذيوناقتعاابواعمبلعياد‬  ‫الله عليه وسلمر الذين‬  ‫صلى‬
‫حرب الردة فاعتنقوا‬                                                                                         ‫الأمثلة بالفداء وحب‬    ‫أروع‬
‫الإسلام بصدق والتفوا حول الصحابة واتخذوهم قدوة لهم‪ .‬إضافة إلى شجاعة الجندي العربي‬
‫وخشونته التي نشأ وتربى عليها فزادها الإسلام رسوخا وقوة بدعوته إلى الخشونة والزهد والتقش ‪.‬‬
‫كما أن الجهاد أصبح ذروة سنام الإسلام وأفضل الأعمال الصالحة التي تقرب العبد من الله‪ .‬وكذلك‬
‫ااإاَلَّلويْ مرذممَتعَا مسميللن َضموأَايا ْلىرنماَل َلسأهسيَلْلم َّمصياَومضَلرَلانيَحبَسباامأدّلولَلَمعنَّتنهمهايلَلميَمبلهالمّْلْمستَهبسنأدَْخوملبَن َفى ْعَّنامفدلهَلوهمي مَدخيستْفموتمعنفمايخملهلاْمفْلاى ْلهأََحأَْمم ْسّنمرلاوويملمَييم ْعفبكْظندي مَهكنهوََممَنرانمهصفايريَعْسَلَلتدَاايلْىخأيلَن ْراشالَملمردّيكحا مَّلنو ملذق َيانك َملّنعلبملمهتيممىعَاونلََلش ْسْيوائىقَئاْب ملوَركَموهمراَْمم{لهَأنََودوا ْلَلي َكيَاعمفََدمَنَْشمرّركّ مَنلرَبَّلقاَّنكْعا ادَوللََّل مَذنذَهتميل ْمعََناك}لمإدآفَي‪َ3‬ىأمنَر ْنهووَلوم مئاوإ َ{ايمكمّلَمنمذاهكه َ ْمونمي‬

‫(‪ )1‬ا ادي فف دلأي دذا المى دىا دي ب د سدعلأ يد الفةدفح فشدىر س دىاء ج يد ا لد حيطدة الدي ا دي د ر‬
                                 ‫الإسلام ي طةفب ب ى ي فر الإسلام احعفر ص ‪.116 – 47‬‬

‫(‪ )2‬سكدديم ددلأفء العمدديم صددي ال لا ددة ال ايشدد ا ح فالددة لنقدد الياايددة الةفر لأددة ا ددق حنددف ب الم دد ثلأ‪ ،‬الم ينددة‬
                                                                ‫المنىرا ‪ 1414‬د ‪1994 /‬م ص ‪.328‬‬
                                                                                    ‫(‪ )3‬سىرا الص‪ ،‬ية ‪.9‬‬

                                      ‫‪66‬‬
   62   63   64   65   66   67   68   69   70   71   72