Page 69 - كتاب تأبين حسنين ربيع
P. 69

‫ابن تيمية ذلك بقوله و إ إنما كانت قريش تستفتح يومئذ بالفر لأنهم وإياهم أهل تكذيب بالبعث وأهل‬
‫أصنامر وإنما كان المؤمنون يستفتحون يومئذ بالروم لأنهم وإياهم أهل نبوة وتصديل بالبعثر إ‪1‬ر‪.‬‬
‫ومن الإعجاز العجيب الذي أراده الله تعالى أن جاءت حوادث الحرب موافقة لما استفتح به كل فريل‬
‫– كما سنرى – إذ أن استمرار انتصارات الفر حتى سنة ‪619‬م صاحبها شدائد عظيمة على‬
‫الأقلية المسلمة في مكةر ثم لما بدأ التحول منذ سنة ‪620‬م وحتى نصر الروم النهائي جاء موافقا‬
‫لاستفتام المسلمينر فما من نصر يحرزه الروم إلا ويعقبه مباشرة نصر عظيم للمسلمينر فلما حقل‬
‫الروم النصر الكاسح والنهائي على الفر أعقبه مباشرة الفتح المبين بصلح الحديبية ثم فتح مكة بعد‬
‫ذلكر وعلى أية حال فإن هذا الأثر الذي أحدثه انتصار الفر على الروم على شعور المشركين في‬

                           ‫مكة بحيث فرحوا به وشمتوا بالمسلمين يوضح لنا من الحقائل ما يلي و‬

‫أولا و شدة عداوة المشركين للمسلمين المستضعفين ولغطهم ضد دعوة التوحيد في مكة‬
‫لدرجة أنهم وجدوا قي انتصار الفر الوثنيين وسيلة للتشفي من المسلمين وفألا بانتصار عقائد‬
‫الوثنية على عقيدة التوحيد‪ .‬في وقت كانت فيه مصالح قريش وتجارتها أشد ارتبايا بالروم في بلاد‬
‫الشام منها مع الفر ر وبخاصة وأن ما نزل ببلاد الشام وسكانها من قتل ودمار وخراب وتهجير‬
‫يجعلهم عاجزين عن شراء ما كانت تحمله رحلة الصي القرشية من تح الهند واليمن والحبشة‬
‫الأمر الذي يعود بأفدم الضرر على تجارة مكةر فضلا عن أن سيطرة الفر على بلاد الشام يتيح‬
‫لهم القدرة على تحويل الطريل التجاري القادم عبر بلاد فار إلى موانئ الشام مباشرة ومن ثمة إلى‬
‫بقية عالم البحر المتوسط‪ .‬وفي هذا ما فيه من تهديد دائم لتجارة قريش‪ .‬وبالإضافة إلى هذا التهديد‬
‫الاقتصادير فإن سيطرة الفر الدائمة على بلاد الشام مع اليمن الواقعة فعلا تحت سيطرتهم يجعل‬
‫من قريش وسائر جزيرة العرب واقعة بين فكي كماشةر ويجعل استقلال العرب جميعا مهددا من‬
‫عنهار‬  ‫ان َجت مهلصواا‪-‬ر‬  ‫–أو‬  ‫فإن المشركين في مكة تغاضوا‬     ‫جانب الفر ‪ .‬ومع كل هذه الأخطار المحتملة ر‬
‫دعوة‬                     ‫في‬   ‫لإغاظة المسلمين وتبديد آمالهم‬  ‫وأعلنوا فرحهم بانتصار الفر وهزيمة الروم‬
                                                                             ‫الحل‪.‬‬

‫ثانيا و إدراك المشركين في مكة أن تلك الحرب الكبيرة بين الفر والروم قد يفحت‬
‫بالمشاعر والحوافز الدينية وأن المنتصر فيها يعني ر من وجهة نظرهمر تفوق عقيدته وديانته على‬
‫عقيدة وديانة خصمهر فوجدوا في انتصار الفر فألا حسنا ودليلا على أن عقيدة قريش الوثنية هي‬

                                                ‫التي سوف تتغلب على عقيدة الإسلام في النهاية‪.‬‬

‫ثالثا و أن الحرب الرومية الفارسية في ميزان الإسلام هي حرب بين دولتين كافرتين تشكلان‬
  ‫خطرا متساويا على الإسلام في المستقبل‪ .‬بل إن خطر الروم كان أشد وأيول من خطر دولة الفر‬
  ‫التي انتهى أمرها زمن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنهإ‪2‬ر‪ .‬ولم يكن هناك عهد ولا حل‬

‫يربط المسلمين بالروم حتى يحزنوا لهزيمتهم‪ .‬ولا مصلحة للمسلمين في انتصار إحدى القوتين على‬
‫الأخرى إلا بالقدر الذي يخدم دعوة الإسلام في نهاية المطاف‪ .‬والراجح أن المسلمين تمنوا انتصار‬
‫الروم لإغاظة المشركين فقط وردا على شماتتهم التي أظهروها حين سمعوا بانتصار الفر على‬

                                                                                       ‫الروم‪.‬‬

‫وقد دخل أبو بكر على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بهزيمة الروم وشماتة المشركينر‬
‫امبف ْلوغكلَعاسبْضملزنميعمتازلفمساصرمنلييددَّرَنرتملحعّميللَّسِكملمىواال*رتْللةأَجَ ْوماكوللْعرارةلدَ مومّاشلمل َّلمتنامات{يَقَلةْباالالسيملقت ْ َخومل*طيمم أتغن ملظّبَفَبلهيَّل ْعامتهردا َاهولاَبوُّْعلرَيا ْادَلووهدمَمم مئَاشوٍلذَل*رمكش َيفمكا ْفَّنموَيرأَنأَْوكم ْدبثَأنَي َارْلنىتماألاْنؤنَّْالاملمأزَنممْرلقوداَ منَلللاه*َيَتوفْععمبَلهانَيلمموأىمّْصمي َنمدرنعلي}َّبل‪َّْ .‬لعىاامملدففأ َيرنرَغخلَسب مبوصمرهلر ْمرهالقو ََمسالرَيصآتنْلغ ملنيبَيىأوَشفاالَننلرءهالم*َوعربلمفهيوهَوايمه‬

                                                                         ‫(‪ )1‬ال ىاب الص لأح ج‪ 1‬ص ‪.272‬‬
‫(‪ )2‬جفءت رااية ‪ ،‬النيي ل الله للأ اسلا س قفا ( لفدفرن ى دة سا ى ةدفن ثدا قدفا لا دفرن بعد ف س د ا‬
‫االديام ذات القديان طلمدف ذ دب قدين لد‪ ،‬قدين يهدب الد دي اس د )‪ .‬ا ادي س دى لدي الفعدي د‪ ،‬ال سد‪،‬‬
‫الىييسي ( حد‪ ،‬لمدفء القدين السدف ن اله ديم) ح مدع اليلأدفن دي فسدلأي القدين لأديات ‪ 1380‬د ج‪ 21‬ص‬
‫‪9‬؛ اق سار لاء ال ي‪ ،‬الهن م ال ي لرن ي ةل‪ ،‬دي جشئد اس لأدي ا صد دى ( دفرن ى دة سا ى ةدفن‬
 ‫ثا لا فرن بع ذا س ا‪ .‬االيام ذات القيان طلمف لك قين لف قين س ي يي اس دي دي الد ي‪ ) ...‬ا ادي‬

     ‫لاء ال ي‪ ،‬الهن م طنش العمفا ي سن‪ ،‬اسقىاا ااس عفا حلب ‪ 1394‬د ‪1974 /‬م ج‪ 12‬ص ‪.303‬‬

                                      ‫‪68‬‬
   64   65   66   67   68   69   70   71   72   73   74