Page 79 - كتاب تأبين حسنين ربيع
P. 79

‫والمتأمل في نص الحديث يجد أن الحديث صريح تماما ولا يحتاج إلى هذا التأويل وإلى‬
‫حدوث هذا الإشكال عند العلماء المسلمينر فالحديث معناه واضح تمامار ذلك أن كسرى الذي كان‬
‫معاصرا للنبي صلى الله عليه وسلم وأرسل له رسالته المعروفة يدعوه إلى الإسلام هو كسرى‬
‫أبرويز صاحب ر الحرب على الروم ر وخلفاىه الذين جاءوا بعده بداية من ابنه شيرويه وحتى آخر‬
‫ملوك الفر يزدجرد الثالثر جميعهم عرفوا بأسمائهم ولم يتسم أو يتلقب أحد منهم بإسم كسرى‪.‬‬

                                        ‫فكان كسرى أبرويز آخر الأكاسرةر فلم يأتي كسرى بعده‪.‬‬

‫أما الأشكال الأكبر الذي حدث لدى العلماء المسلمين فهو بقاء دولة الروم حتى سنة ‪857‬هـ ‪/‬‬
‫‪1453‬م عندما فتح العثمانيون القسطنطينيةر فحاولوا تفسير الحديث بأنه يعني زوال سلطان الروم‬
‫عن الشام‪ .‬ومن الجلي البين أنه لا داعي للإشكال وتأويل الحديث أصلا‪ .‬فقيصر الذي كان معاصرا‬
‫للنبي صلى الله عليه وسلم وأرسل له رسالته المشهورة يدعوه فيها إلى الإسلام هو هرقل‪ .‬وهو فعلا‬
‫كما أشار نص الحديث آخر القياصرة فلم يأت قيصر بعده قط‪ .‬ذلك أن الامبرايور هرقل الذي كان‬
‫– إلى التخلي عن جميع الألقاب‬   ‫ايلعررومفانبيلةق البققدييمةصرالت َعيَمدَكافنيتستنةطل‪9‬ل‪2‬ع‪6‬لمى–البأعمدب ارانتيوصاررهمثعلل قىي الفصرر‬
‫وأغسطسر وهي الألقاب اللاتينية‬
‫التي استخدمها الأبايرة منذ قرون كثيرة‪ .‬فاتخذ هرقل لقبا يونانيا قديما في تلك السنة هو لقب‬
‫باسيليو ‪ Basileus‬وهو اللقب الملكي المعروف عند الإغريل القدماء‪ .‬وأصبح لقب باسيليو هو‬
‫اللقب الذي يطلل على امبرايور دولة الروم إ الدولة البيزنطيةر وهو اللقب الذي أيلقه هرقل على‬
‫ابنه وقسيمه في الملك قسطنطين ثم على ابنه الآخر هرقلونا ‪ .‬ومنذ ذلك الحين أ ْست ْب معدَ لقب قيصر‬
‫وفقد أهميته ودلالته وأصبح اسما عاديا يتسمى به عامة النا فلم يتلقب أحد من ابايرة الدولة‬
‫البيزنطية بلقب قيصر حتى سقوي القسطنطينيةإ‪1‬ر‪ .‬فكان هرقل آخر قيصرر ولم يأت بعده قيصر آخر‬
‫مثلما نص عليه قول الصادق المصدوقر الذي لا ينطل عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى‪ .‬وهذا‬
                               ‫إعجاز باهر ودليل سايع من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم‪.‬‬

                               ‫*****‬

‫ويتصل بصلح الحديبية الذي كان فتحا مبينا والذي تزامن مع تحقل المعجزة القرآنية بانتصار‬
‫الرومر أن تفرغ النبي صلى الله عليه وسلم لتبليء رسالته إلى سائر ملوك وحكام عصرهر لا سيما‬
‫خارج الجزيرة العربية‪ .‬وكان على رأ أولئك الملوك الذين أرسل إليهمر الامبرايور هرقل الذي‬
‫حقل لتوه نصرا ساحقا على الفر ‪ .‬فأرسل إليه رسالته المعروفة والمشهورة‪ .‬ومن عجب أن بعق‬
‫المستشرقين يشكك في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقلإ‪2‬ر ر بل والبعق منهم ينفيها‬
‫مستدلا بزعم كذوب وهو أن ابن إسحاقر وهو من أقدم كتّاب السيرة لم يذكرهاإ‪3‬ر‪ .‬وهـذا الزعم‬
‫الكذوب يفضح جهل هؤلاء المستشرقين بالمصادر الإسلامية‪ .‬فأولاو سيرة ابن اسحاق لم تصل كاملة‬
‫إليهمر لكنها وصلت كاملة إلى كثير من العلماء المسلمين الذين جاءوا بعد ابن اسحاق‪ .‬فالطبري في‬
‫تاريخه تحدث عن خبر إرسال رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل وأورد نص السند الذي‬
‫اعتمد عليه وصرم فيه باسم محمد بن إسحاق حتى انتهى السند إلى ابن عبا الذي قال و إحدثني‬
‫أبو سفيان بن حرب قال و كنا قوما تجارا‪ ...‬ر إ‪4‬ر‪ .‬ثم أورد الخبر كاملا بما فيه الحوار الذي دار بين‬
‫هرقل وأبي سفيانر ثم أورد نص الرسالة المشهورة وروايات أخرى حول الخبر جميعها عن ابن‬
‫اسحاقر فكي يستدل هؤلاء المستشرقون بالقول و إن ابن اسحاق لم يذكرها‪ .‬وكان تاريخ الطبري‬

               ‫متداولا ومعروفا لهم ولو راجعوه لوجدوا رواية ابن اسحاق كاملة غير منقوصة !!!‬

‫ثانيا و كما أن شيخ الإسلام ابن تيمية أورد الخبر أيضا عن ابن إسحاق بقولهو إ قال ابن‬

‫; ‪(105) Stratos : op. cit. pp.343-344 ; Ostrogorosky: op. cit. p. 106 - 107‬‬
‫; ‪Vasiliev : op. cit. vol. I, p. 199‬‬

                                                               ‫العيني ال الة اليلأشىلأة ص ‪.132 – 131‬‬
‫‪(106) Runciman: op. cit. vol. I, p. 13.‬‬
‫‪(107) Caetani, Leon: Annali del L'Islam. (Milano Ulrico Hoepli; 1910) vol. 5‬‬
‫‪pp. 323 – 324; Mair, William: The Caliphatea its rise, decline, and‬‬
‫; ‪Fall ( Edinburgh John Grant, 1915) pp. 43-44‬‬

                           ‫اا اي سيعف مي طمفا ى لأق فر ال الة اليلأشىلأة ص ‪104‬؛ للأل ي ال ىا‬

                                                                                 ‫الميجع السف ق ص ‪.344‬‬
                                                                 ‫(‪ )4‬فر الىييم ج‪ 2‬ص ‪.651 – 646‬‬

                                    ‫‪78‬‬
   74   75   76   77   78   79   80   81   82   83   84