Page 81 - كتاب تأبين حسنين ربيع
P. 81

‫قدمه ر إ‪1‬ر‪.‬‬

‫وإذا دققنا النظر لفحص الأسباب الكامنة وراء اتخاذ هرقل لهذا الموق العادل من دعوة‬
                                                   ‫الإسلام فيمكن أن نخرج بالملاحظات التالية و‬

‫أولا و أن رسالة النبي صلى الله عليه وسلم وصلت إلى هرقل وهو في ذروة انتصاره على‬
‫الفر ر وقمة مجدهر وأقوى قوتهر فشدت انتباهه وأذهلته بمحتواها المخال تماما لمحتوى الرسائل‬
‫والسفارات التي وصلت إلى هرقل في ذلك الحين من ملوك القوى العظمى المعاصرة له‪ .‬فقد خرج‬
‫منتصرا في تلك الحرب التي دامت ربع قرن من الزمانر وبعث إليه شيرويه ملك الفر الجديد‬
‫بسفارة وهدايا كثيرة يلتمس منه السلام ويعلن خضوعه له – كما رأينا ‪ .-‬والرسالة الثانية التي‬
‫وصلت إلى هرقل كانت من يرف ملك الهند يهنؤه فيها على انتصاره على الفر وينشد صداقته مع‬
‫دامئلمكمالعف ارلناجمبةرداايجووبريرةتا‪t‬ل‪r‬بي‪e‬ز‪b‬ن‪o‬ط‪g‬ي‪a‬ةإ‪2D‬رب‪.‬سفوافرية‬  ‫في كمية كبيرة من الأحجار الكريمة‪ .‬كما بعث‬   ‫هدية تمثلت‬
                                                                    ‫هرقل يهنؤه على انتصاره ويلتمس عقد سلام‬      ‫خاصة إلى‬
‫ليس‬    ‫بلهدعمونتهقبلللت رخلّهييعرنسادلياةنتالهنبالينصصرلانىيةاللهوالعدليخهولوسفلمير‬  ‫لم يسمع‬  ‫من رجل‬    ‫رسالة‬   ‫هذه الحال تصله‬
‫ديانة‬                                                                                ‫ر وإنما‬  ‫على الفر‬  ‫الكبير‬  ‫لتهنئته بانتصاره‬
‫صاحب الرسالة الجديدة‪ .‬فكان هذا سببا جديا شد انتباه هرقل وجعله يبحث الأمر بجدية بغية الوصول‬
                                                                                                                ‫إلى الحقيقة‪.‬‬

‫ثانيا و لم يكن هرقل يحمل حقدا دفينا على الإسلام‪ .‬فلم يسمع به إلا بعد وصول رسالة النبي‬
‫صلى الله عليه وسلمر ولذلك لم يكن يضمر حكما مسبقا عن الإسلام ملؤه الحقد والضغينةر وهو ما‬
‫حصل فيما بعد من جانب الأبايرة الروم ورجال الدين النصارى ر الذين نظروا للإسلام باعتباره قد‬
‫قهرهمر وانتزع من النصرانية أغلى وأبهى وأقد بلادها سيما مصر والشامر التي ارتبط بها – في‬
‫نظرهم – أصول النصرانية الأولى ر فجاء حديثهم عن الإسلام معجونا بالكره والألم‪ .‬أما هرقل فإن‬
‫انتفاء الحكم المسبل والتجربة الماضية عنده جعله يبحث حقيقة دعوة نبي الإسلام بصورة‬

                                                                                  ‫موضوعية‪.‬‬

‫ثالثا و آمن هرقل وأيقن بصدق نبؤه توصل إليها بنفسه عن يريل ممارسته للتنجيمر ورىيا‬
‫رآها في منامهر أن الذين سوف يقضون على امبرايوريته إامبرايورية الرومر شعب يتخذ عادة‬
‫الختانر فذهب ظنه في بداية الأمر إلى أنهم اليهودر فكان ذلك من الأسباب التي جعلته يقتل اليهود‬
‫ويجبرهم على التنصرر فلما وصلت رسالة النبي صلى الله عليه وسلمر وعرف أنه من العرب الذين‬
‫يختتنون أيضا ر أدرك أنه أمام منعط حاسم سيغير مجرى التاريخ البشري بأكملهر وأن الأمة التي‬
‫ستقضي على امبرايورية الروم لها صفات تختل عن سائر القوى التي واجهت الامبرايورية‬
‫الرومانية يوال أكثر من أل سنةر منذ أن نشأت روما وحتى عصر هرقلر ومن عجب أن قصة هذه‬
‫النبؤة التي استقرت في أعماق هرقلر لم يقتصر ذ ْك َر خبرها في المصادر الإسلاميةإ‪3‬ر فقط‪ .‬بل‬
‫وردت في المصادر النصرانية الأرثوذكسية الشرقية والكاثوليكية الغربيةر مما يجعلها تحوز درجة‬
‫التواترر فعلى سبيل المثالر حين تحدثت بعق المصادر النصرانية الشرقية الأرثوذكسية عن أسباب‬
‫قتل هرقل لليهود وتنصيرهم بالقوةر ذكرت أن السبب في ذلك يعود إلى تأثره بنبؤة رآها في المنام أو‬

   ‫عن يريل ممارسة التنجيم بأن الأمة التي سوف تدمر الامبرايورية الرومية هي أمة مختونةإ‪4‬ر‪.‬‬

‫والأعجب من هذه المصادر التي أوردت خبر هذه النبؤة التي أيقن بها هرقل هي الحولية‬

‫(‪ )1‬الي ددددددددفرم حدددددددد ي رقددددددددا ‪ ( 7‬ددددددددةح اليددددددددفرم ج‪ 1‬ص ‪)43‬؛ دددددددد لأح حسددددددددلا بشدددددددديح النددددددددىام‬
 ‫ج‪ 12‬ص ‪107‬؛ الىيدددددددددديم ج‪ 2‬ص ‪ 648‬قددددددددددلا دددددددددد‪ ،‬ا دددددددددد‪ ،‬اسدددددددددد فع؛ ا دددددددددد‪ ،‬لأملأددددددددددة‬

                                                  ‫ال ىاب الص لأح ج‪ 1‬ص ‪ 284‬قلا ‪ ،‬ا ‪ ،‬اس فع‪.‬‬
  ‫‪(114) Vasiliev : op. cit. vol. I, p. 199.‬‬

‫(‪ )3‬الي ددددددددفرم حدددددددد ي رقددددددددا ‪ ( 7‬ددددددددةح اليددددددددفرم ج‪ 1‬ص ‪)44-43‬؛ الىيدددددددديم ج‪ 2‬ص ‪ 647‬قددددددددلا‬
‫دددددد‪ ،‬ا دددددد‪ ،‬اسدددددد فع؛ ا دددددد‪ ،‬لأملأددددددة ال ددددددىاب الصدددددد لأح ج‪ 1‬ص ‪287‬؛ س ددددددى عددددددلأا لائددددددي‬

                                                                                       ‫النيىا ص‪.291‬‬
                                      ‫(‪ )4‬سفا ين ‪ ،‬المقفع فر بىفرقة اسسكن رة ص ‪228‬؛ اا اي سيعف‬
  ‫‪Runciman : op. cit. vol. I, p. 12.‬‬

                                                                   ‫اا اي المصف ر ي الصف ة فسهف‪.note 2‬‬

                                      ‫‪80‬‬
   76   77   78   79   80   81   82   83   84   85   86