Page 85 - كتاب تأبين حسنين ربيع
P. 85
عن حدود أو سواحل مصر في النص الثانى من فترة الاستقلال عن الحكم الفارسى في عهد
تاخو أو بكتانيبو الثانى إمن ملوك الأسرة الثلاثينر وهى فترة تميزت بالهدوء النسبى في عهد آخر
ملوكها تكتانيبو الثانى إ343-359ر كما شهدت نهضة إلى حد ماإ10ر .ربما في أجواء هذه النهضة
وفى فترة الاستقلال مدَّ حكام مصر نفوذهم من جديد جهة الغرب إلى ما بعد بارايتونيوم كما يخبرنا
سكيلاكس.
ثم نأتى غلى مرحلة خضوع مصر لحكم الإسكندر الأكبر ومن بعده البطالمة ثم الرومان
إ322ق.م641-مر لنرى كي كانت حدود الساحل الشمالى لمصر على وجه الخصوص وبقية
حدودها على وجه العموم بعد أن فتح الإسكندر الأكبر مصر ولوج فرعونا في معبد الإله بتام في
من ثم قرر تأسيس مدينة الإسكندرية في موقع قرية راقودة وجزيرة فارو المقابلة لها واصل
رحلته غربا إلى بارايتوثيوم إمرسى مطرومر والتقى هناك وفدا من إغريل قروينة ثم اتجه جنوبا
في قلب الصحراء إلى معبد وحى الإله آمون في واحة سيوه .كل هذا دون أن يشار في المصادر
القديمة أن الإسكندر قد تجاوز حدود مصر واتجه نحو ليبيا .بمعنى أن كل الرحلة كانت داخل الحدود
المصرية ،وأن سفراء قوريتانية قد وفدوا إليه في بارايتونيوم وأهدوه بضع مئات من الخيول الممتازة
دليلا على خضوع بلادهم لهإ11ر .كما أن الإسكندر – بعد انتهاء زيارته تلك لسيوه وعودته إلى من
استعدادا لاستكمال حملته ضد الفر شرقا -تفرغ بعق الوقت لإعادة نظام الإدارة والحكم في
مصر على أسس جديدة .ومن بين هذه الأسس أنه أقام مقايعتين في الصحراء الشرقية والصحراء
الغربية على جانبى النيل ،وأسند إدارة الأولى -واسمها المقايعة العربية إلى كليومينيس
التقراييسى ،والثانية – واسمها المقايعة الليبية -إلى أبوللونيو بن خاريتو إ12ر .ولعل هذه
المقايعة المصرية -المسماه بـ "الليبية" – قد امتدت حدودها على ساحل البحر المتوسط شمالا حتى
كتاباثمو إالسلومر كحد غربى متاخم لليبيا إقوريتانيةر.
من هنا ربما جاز القول بأن الكتاب اللاحقين الذين أشار إليهم استرابون – والذين أقروا حدود
مصر متضمنة الصحراء الشرقية إالغربيةر والغربية إالليبيةر ،وأشاروا إلى أن حدودها على الساحل
الشمالى تبدأ من كاتاباثمو غربا -بدأوا في التعبير عن هذه الحقيقة بجلاء بعد فتوحات الإسكندر ثم
خلفائه في مصر من البطالمة .وعلى مدى تلك الفترة البطلمية ثم الرومانية أصبح الحديث عن
المقايعة العربية والمقايعة الليبية كمقايعات إدارية مصرية أمرا شائعا ومألوفا في كتابات
المؤرخين والجغرافيين والأدباء والوثائل بأنواعها من بردية ونقشية وغيرها.
تعود الآن مرة أخرى إلى كتابات الجغرافيين الكلاسيكيين من هذه الفترة اليونانية الرومانية
الذين أشاروا إلى الساحل الشمالى المصرى ،فها هو ديودور الصقلى مثلا – الذى زار مصر حوالى
منتص القرن الأول ق.م في عهد الملك بطلميو الثانى عشر إالزمارر إ51-80ق.مر -يتحدث عن
المتعة والحماية الطبيعية التى تتمتع بها مصر من كل جانب من جوانبها الأربعة ،فضلا عن جمال
مناظرها الطبيعيةإ13ر .وبعد أن يتحدث عن تلك المميزات الطبيعية من جهات الغرب والجنوب
والشرق يتحدث عن الساحل الشمالى لمصر ليقولو
"الآن وقد عرضنا الحقائل بشأن المنايل الثلاثة التى تحصن مصر من البر نضي إليها
المنطقة الرابعة ..إن الامتداد على مدى ذلك الجانب الرابع تح به كله تقريبا مياه بحر بغير مرافئ
ويحميه البحر المصرى الذى تمتد الرحلة على سواحله امتدادا كبيرا جدا والرسو على أرضه أمر
في غاية الصعوبة .فمن بارايتونيوم التابعة للمقايعة الليبية إلى يافا في سوريا الحالية وهى رحلة
مسافتها نحو خمسة آلاف ستاديون لا يمكنك العثور على مرفا آمن سوى ميناء فارو "إ14ر.
يتحدث ديودور هنا بوضوم عن الساحل الشمالى المصرى الهائل الامتداد فيما يسمى بـ
"البحر المصرى" ،وهو الجزء المقابل للشوايئ المصرية المطلة على البحر المتوسط.
وهو حين يذكر بارايتونيوم هنا لا يذكرها كأول نطقة من جهة الغرب على الساحل المصرى
بل كأول مدينة مهمة على ذلك الساحل إلى الغرب من الإسكندرية ،وحين يقول "باريتاونيوم التابعة
لـ "ليبيا" فإنما يقصد التابعة للمقايعة المصرية المسماه بالمقايعة الليبية...
أما ميناء فارو هنا فالأرجح أنه يقصد به مينائى الإسكندرية الشرقى إالكبيرر والغربى
إالعود الحميدر واللذين تسببت جزيرة فارو -بعد توصيلها بالبر بجسر الهيبتاستاديون -في قيامهما.
84