Page 87 - كتاب تأبين حسنين ربيع
P. 87
كان على الأرجح مؤلفا شخصيا وضع كدليل رحات للرحالة والمسافرين فى أرجاء الإمبرايورية
الرومانية .ويتضمن هذا الدليل – ضمن مواده المتنوعة -الطرق الرومانية فى مصر والمواقع
والأماكن الموجودة عليها والتى يصل عددها إلى 103موقعأ تغطى مساحة قدرها 2500ميل
رومانى إ 3700كيلومترر .وفى هذا الدليل ترد المسافات والمواقع على الساحل الشمالى الغربى
لمصر من كاتباثمو إالسلومر حتى كابورتيس" إالضبعةر ويصل مجموع المسافات بين المواقع
المذكورة عليه إلى 210ميلا رومانيا ،وكذلك لمسافات والمواقع من الساحل الشمالى الشرقى إفى
شبه جزيرة سيناءر من الشرق إلى الغرب من رفح إلى بيلوريوم ويصل مجموع المسافات بين
مواقعه إلى 112ميلا رومانياإ26ر.
وهكذا يدرك بوضوم – من مجمل كتابات الجغرافيين والرحالة والمؤرخين الذين تناولوا
الحديث عن مصر وحدودها بعد فتوحات الإسكندر ثم تحت البطالمة ثم الرومان – أن الساحل
الشمالى لمصر على البحر المتوسط كان يحده ما يسمى "البحر المصرى" وذلك الجزء من البحر
المتوسط المقابل للسواحل المصرية ،أو بالأحرى – إن جاز ذلك التعبير الحديث" -المياه الإقليمية
المصرية" والذى جاء ذكره كما رأينا عند ديودور الصقلى وبطلميو الجغرافى بل وقبلهما
هيرودوت من القرن الخامس ق.م 11.113ر وكانت أول نقطة حدودية له من جهة الغرب
كاتاباثمو إالسلومر وتعنى لغويا إالمنحدر الشاهلر ،وهو فى هذه الحالة الذى يفصل مصر عن
ليبيا ،أى "هضبة السلوم" الحالية.
هذا عن بداية الحدود المصرية من جهة الغرب على الساحل الشمالى لمصر المطل على
البحر المتوسط ،فماذا عن الساحل الشمالى الشرقى لمصر وبدايته من جهة الشرق ،إن بوليبيو
يحدد لنا -فى سياق حيثه عن موقعة رفح عام 217ق.م بين البطالمة والسيليوفيين فى الصراع
المحتدم بينهما للسيطرة على جوف سوريا -بداية الحدود المصرية من جهة الشرق على البحر
المتوسط حين يقولو
"....وعسكر إالملك بطليمو الرابع فيلوباتورر على مسافة خمسين ستاديون من رفح التى
تقع بعد رينو كولورا إالعريشر ،وتعد أول مدن جوف سوريا من ناحية مصر"إ27ر.
هذه الإشارة صريحة الدلالة فى بيان أن "العريش" كانت تمثل آخر الحدود المصرية على
الساحل الشمالى الشرقى لمصر المطل على البحر المتوسط وإن رفح الواقعة إلى الشرق منها تمثل
أول مدن جوف سوريا.
ثم يورد ديودور الصقلى بعد ذلك فى "المكتبة التاريخية" تأصيلا تاريخيا لانتماء
"رينوكولورا" إالعريشر الأصيل للحدود المصرية منذ عصور أقدم فحين يتحدث عن الملك أماريس
الثانى إأحمس الثانىر آخر ملوك الأسرة السادسة والعشرين إوإن كان ابنة ابسماتيك الثالث قد تولى
الحكم لمدة واحد قبل غزو قمييز لمصر عام 525ق.مر يتحدث عن مظامله وقسوته مع جموع
المصريني المغلوبين على أمرهم وغروره وعجرفته معهم وقلة حيلتهم حيال أفعاله .ولكن واتتهم
الفرصة للتمرد على مليكهم الظالم حين قاد أكتيانيس – ملك الإثيوبيين -جيشا ضد أمازيس ثار عليه
معظمهم مما جعل الملك الإثيوبى يتغلب عليه بسهولة ويخضع مصر لحكمه .وقد أبدى اكتياليس –
حسب قول ديودور -عدلا وحكمة فى التعامل مع المصريين ،ولكنه لم يشأ أن يفلت اللصوص
بجرمهم كما لم يشأ أن يعدمهم .فبعد أن جمع كافة المتهمين بهذه الجريمة من كل أرجاء البلاد
وأجرى محاكمة عادلة لكافة الحالات "أخذ كافة المدنيين من بينهم وجدع أنوفهم ووينهم فى
مستوينة على حافة الصحراء ،وأقام هناك مدينة أيلل عليها "وينوكولورا" والمجدوعة الأن ر بما
يتفل ومصير سكانها ،وتقع هذه المدينة على الحدود بين مصر وسوريا على مقربة من شايئ
البحر"إ28ر.
ويشير استرابون – فى إنجاز -إلى نفس تلك القصة التى رواها ديودور الصقلى عن
"وينوكولورا" وأصل تسميتها وما فعله الملك الأثيوبى الذى غزا مصر مع المجرمين المدنيين من
جدع أنوفهم وتوينيهم فى تلك البقعة التى اكتسبت اسمها من مصيرهمإ19ر .كما ورد ذكر
"رينوكولورا على أنها تمثل أقصى حدود مصر الشرقية على ساحل البحر المتوسط عند كل من
بطلميو الجغرافى الإسكندرى الأشهر إحاشية 23ر وكذلك فى "الدليل الانطونينى للمسافرين" كما
ورد أعلاه إحاشية 26ر ،وبذلك تكون هذه المعلومات مؤكدة وثابتة فى مصادرنا القديمة.
أخيرا وليس آخرا على مستوى هذا المحور من الدراسة فإن التصور الأقدم للحدود المصرية
– من جانب بعق الكتاب والمؤرخين واقتصارها على وادى النيل والدلتا ربما أمكن تبريره ببعق
العوامل الظاهرية .من هذه العوامل مثلا أن المنايل الحدودية البعيدة عن مراكز الحكم والإدارة
والعمران على امتداد هذه الصحارى الشاسعة – فى دولة مركزية مثل مصر القديمة – ربما لم
86