Page 83 - كتاب تأبين حسنين ربيع
P. 83

‫أضواء على بعض المواقع المهمشة في الساحل الشمالىإ*ر‬

              ‫أ‪.‬د‪ .‬محمد السيد عبد الغنى‬

          ‫أستاذ التاريخ والحضارة اليونانية والرومانية‬
                ‫كلية الآداب – جامعة الاسكندرية‬

‫المصرى في كتابات الجغرافيين الكلاسيكيين وأضواء على المجهول‪ ...‬حدود‬
                                                                               ‫وشهود‬

‫من عنوان الورقة‪ -‬على بعق منايل‬          ‫يتضح‬    ‫الحضًّظاوءواف–راكممان‬  ‫أسلط‬    ‫أود في هذا البحث أن‬  ‫الساحل‬
‫الباحثين القدماء والمحدثين لقد استأثرت‬  ‫اهتمام‬                         ‫لم تلل‬  ‫الشمالى المصرى التى‬
‫الاسكندرية منذ أن أقامها الإسكندر الأكبر المقدونى عام ‪331‬ق‪.‬م‪ -‬بتخطيط مهندسه جدينو كرايتس‬
‫وتنفيذ ومتابعة وتمويل كليمومينيس النقراييسى‪ -‬بنصيب الأسد من اهتمام الجغرافيين والكتاب الذين‬
‫تحدثوا عن مصر عموما‪ -‬بصفتها العاصمة الإغريقية الجديدة‪ ،-‬وعن الساحل الشمالى لمصر‬
‫خصوصا‪ -‬بصفتها من أهم موانئ البحر المتوسط ومن أكثر حواضره إزدهارا وثروة وعلما‬
                                                                               ‫واستنارة‪.‬‬

                                                ‫وسأركز بحثى في محورين أساسيين هماو‬

‫الأولو تحديد امتداد الساحل المصرى على البحر المتوسط وحدوده من أقصى الغرب إلى‬
‫أقصى الشرق‪ ،‬وما يستتبعه من امتداد للحدود المصرية غربا وشرقا في أرجاء مصر غرب وشرق‬
‫وادى النيل ودلتاه وامتدادها نحو الجنوب بما يوازى خط عر أقصى حدود مصر الجنوبية عند‬

                                                                             ‫أسوان واليقالتين‪.‬‬

‫الثانىو إلقاء مزيد من الضوء‪ -‬قدر المستطاع والمتام من كتابات الجغرافيين والرحالة‬
 ‫الكلاسكيين‪ -‬على بعق منايل الساحل الواقعة بين أقصى نقطتين له غربا وشرقا والتى لم تح‬
                                                                         ‫باهتمام كبير من قبل‪.‬‬

‫الآنس أدخل مباشرة في المحور الأول للدراسة واقتبس فقرة مهمة من استرابون إحوالى ‪63‬‬
‫ق‪.‬م‪ -‬حوالى ‪24‬مر تسهم في تحديد القضية التى أود تناولها وحسمها قدر المستطاع‪ ،‬إذ يرد في هذه‬

                                                                                ‫الفقرة ما يلىو‬

‫"إن الكتاب القدماء قد أيلقوا اسم مصر على ذلك الجزء المسكون من البلاد الذى يرتوى من‬
‫النيل دون سواه والذى يبدأ من النقطة المحيطة بـ "سيتى" إأسوانر وإتمتدر حتى البحر إالمتوسطر‪.‬‬
‫لكن الكتاب اللاحقين حتى وقتنا الحالى إعصر سترابونر أضافوا إليها من جهة الشرق كافة المنايل‬
‫الواقعة بين الخليج العربى إالبحر الأحمر الحالىر والنيل تقريبا‪ ،‬كما أضافوا من جهة الغرب‬
‫المنايل الممتدة حتى الواحات‪ ،‬وعلى الساحل إالغربىر المنايل الممتدة من المصب الكانوبى حتى‬

                                                                   ‫كاتاباثمو إالسلومرإ‪1‬ر‪"....‬‬

‫من هذه الفقرة المحورية يتضح أن النظرة إلى حدود مصر قد اختلفت –زمنيا‪ -‬بين الكتاب‬
‫والجغرافيين الكلاسيكيينو فالرعيل الأول القديم من هؤلاء الكتاب‪ -‬ربما لقصور معرفته ودرايتهم‪-‬‬
‫اعتبروا مصر قاصرة على وادى النيل ودلتاه من أسوان حتى البحر المتوسط‪ .‬أما من أتى بعدهم‪-‬‬
‫ومع ازدياد المعارف والعلوم‪ -‬فقد تبنوا تحديدا جديدا أدق لتلك الحدود‪ ،‬وترسخ هذا التحديد بمرور‬
‫الوقت بحيث صار حقيقة جغرافية معلومة انقطع حولها الجدل أيام سترابون ومن قبله كما سنرى‪.‬‬
‫وبمقتضى هذا التحديد صار معلوما أن الصحراء الشرقية والمسماة "العربية" بحكم قربها الجغرافى‬
‫من بلاد العرب ومن "الخليج العربى" وهو الاسم القديم للبحر الأحمر الحالىر والصحراء الغربية‬
‫إالمسماه "بالليبية" لقربها الجغرافى من الصحراء الأفريقية الكبرى والمعروفة باسم "ليبيا"‪ ،‬وهو‬
‫الاسم الذى أيلقه الإغريل على الجزء الذى يعرفونه من القارة الأفريقية الحاليةر هى أجزاء لا تتجزأ‬

       ‫من حدود مصر‪ ،‬وأن الساحل الشمالى لمصر يبدأ – من جهة الغرب‪ -‬من عند هضبة السلوم‪.‬‬

‫وقد تبنى استرابون بمنتهى الوضوم والثقة ذلك التحديد الأخير للجغرافيين اللاحقين واعتبر‬

‫(*) بحث ألقى فى ندوة للجنة الآثار بالمجلس الأعلى للثقافة تعقد فى ‪ 21- 20‬مارس ‪ 2007‬بعنوان " الآثار الفارقة‬
                                                    ‫ومستقبلها" ولم يسبق نشرف فى أية مجلة أو مؤتمر‪.‬‬

                                     ‫‪82‬‬
   78   79   80   81   82   83   84   85   86   87   88