Page 78 - كتاب تأبين حسنين ربيع
P. 78

‫الروم سوف يواصلون انتصاراتهم خلال بضع سنين وهو أيضا ما حدث بالفعل إذ أن حملات هرقل‬
‫الثلاث الناجحة ضد الفر وقعت واستمرت بين سنتي ‪622‬م و ‪628‬م وهي مدة ست سنوات تقع‬

                                                                       ‫ضمن نطاق البضع !!!‬

‫وقد يبدو للباحث الذي ينظر فقط في مصادرنا الإسلامية دون النظر للحرب الفارسية الرومية‬
‫في مصادرها الأصلية‪ .‬أن هناك اختلاف بين العلماء المسلمين في تحديد تاريخ نصر الروم على‬
‫الفر ر فمنهم من قال إنهم ظهروا يوم بدرر ومنهم من قال يوم الحديبية‪ .‬وهذا الأخير الذي رجحه‬
‫شيخ الإسلام ابن تيميةإ‪1‬ر‪ .‬والحل أنه لا يوجد تناقق مطلقا بين القولين ر فالذين قالوا بأن الروم‬
‫ظهروا في يوم بدرر قولهم صحيح فقد انتصر هرقل على كسرى عند مدينة غانزاك عاصمة‬
‫أذربيجان سنة ‪624‬م في حملته الثانية وهو العام نفسه الذي وقعت فيه معركة بدر‪ .‬وكان هرقل قد‬
‫أحرز نصره الأول على الفر في السنة السابقة في أرمينية‪ .‬وظهور الروم الذي تزامن مع صلح‬

                    ‫الحديبية هو نصر هرقل الأخير والحاسم على الفر في عقر دارهم كما رأينا‪.‬‬

‫أرسل هرقل إلى القسطنطينية بيانا رسميا مبتهجا فيه بالنصرر ووص فيه انتصاراته على‬
‫الفر ر ثم عاد بعد ذلك إلى القسطنطينية ر وأثناء عودته كان أهالي البلاد التي مر بها يحيونه‬
‫ويهتفون باسمهر وكان الرهبان يقرعون أجرا الكنائس على يول يريل الامبرايورإ‪2‬ر‪ .‬هكذا‬
‫كانت الفرحة وهكذا كانت الكنائس تدق أجراسها احتفالا بانتصار الروم بقيادة هرقل‪ .‬وقد ظن‬
‫قارعوا تلك الأجرا من رجال الدين النصارى أنهم حققوا النصر الأبدي لدولة الرومر دون أن‬
‫يعلموا أن مصير امبرايوريتهم كان يرسم في ذلك الحين – بقدر الله – في جزيرة العرب وأنه لن‬
‫يمضي عقدين من السنينر إلا وأصوات المآذن بنداء " الله أكبر " يعلو على أجرا تلك الكنائس‬
‫حين يبدأ التحول الضخم لشعوب تلك البلاد من ظلام النصرانية المحرفة – والمجوسية إلى نور‬

                                                                                     ‫الإسلام‪.‬‬

                                                                                                                 ‫*****‬

‫ويتصل بهذا الإعجاز الوارد في سورة الروم إعجاز حديث نبوي تحدث به النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم عن كسرى أبرويزر وهرقل المعروف بلقـب قيصرر وذلك أثناء تلك الحرب الدائرة بينهما‪.‬‬
‫حيث قال و إ إذا هلك كسرى فلا كسرى بعدهر وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعدهر والذي نفس محمد‬
‫بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله ر إ‪3‬ر‪ .‬وقد ف َّسر النووي وابن حجر الحديث تفسيرا لا يظهر الإعجاز‬
‫يكون كسرى‬     ‫معناه لا‬   ‫ووإسلقما‪.‬لفعاَّللمعنلاماءصلوى‬  ‫الحديث قائلا‬   ‫على‬   ‫النووي‬  ‫حقيقته‪ .‬فقد علل‬             ‫كاملا على‬
‫وسلم بانقطاع‬  ‫الله عليه‬                                 ‫صلى الله عليه‬  ‫زمنه‬  ‫كان في‬  ‫قيصر بالشام كما‬             ‫بالعراق ولا‬
‫ملكهما في هذين الإقليمين فكان كما قال صلى الله عليه وسلم‪ .‬فأما كسرى فانقطع ملكه وزال بالكلية‬
‫من جميع الأر ر وتمزق ملكه كل ممزق واضمحل بدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلمإ‪4‬ر‪ .‬وأما‬
‫قيصر فانهزم من الشام ودخل أقاصي بلاده فافتتح المسلمون بلادهما واستقرت للمسلمين ولله الحمدر‬
‫إ‪5‬ر‪.‬‬  ‫وسلم وهذه معجزات ظاهرة ر‬    ‫أخبر صلى الله عليه‬                   ‫كعنلَّولزهعلماىفاليحدسيبيثلوالقلاهلكوماإ‬  ‫وأنفل المسلمون‬
‫قتل‬   ‫بقاء مملكة الفر لأن لآخرهم‬  ‫وقد استشكل هذا مع‬                                                              ‫أما ابن حجر فقد‬
‫زمن عثمان واستشكل أيضا مع بقاء مملكة الرومر وأجيب عن ذلك بأن المراد لا يبقى كسرى‬
                                                                             ‫بالعراق ولا قيصر بالشام ر إ‪6‬ر‪.‬‬

                                                                          ‫(‪ )1‬ال ىاب الص لأح ج‪ 1‬ص ‪278‬‬
  ‫‪(100) Theophanis: op. cit. p. 504; Vasiliev : op. cit. vol. I, p. 198.‬‬

‫(‪ )3‬لأح الي فرم االلف‪ .‬ل ح ي رقا ‪ 3618‬ةح اليفرم ج‪ 6‬طةفب المنفقدب ص ‪723‬؛ د لأح حسدلا بشديح‬
                                                                          ‫النىام ج‪ 18‬ص ‪.43 – 42‬‬

‫(‪ )4‬يشلأي ال اجفبة فء النيي ل الله للأ اسلا حلأنمف لغد سن طسديا حدشع رسدفلة الةدي يد ىه لأهدف الد الإسدلام‬
 ‫قدفا ( حدشع الله حلرد ) دفء جيي دي الد النيدي دل الله للأد اسدلا ( د ييه سن الله سدل لد طسديا ا ند‬
‫شلأيا قةل )‪ .‬ا اي الي دفرم طةدفب المغدف‪:‬م حد ي رقدا ‪ ( 4424‬دةح اليدفرم ج‪ 7‬ص ‪)734 732‬؛ ا د‪،‬‬
‫القدلأا ا‪ :‬المعدف ج‪ 3‬ص ‪689‬؛ ا د‪ ،‬سدلأ الندفن لأدىن اسثدي ج‪ 2‬ص ‪266 – 265‬؛ دفر الىيديم‬

                                                                                        ‫ج‪ 2‬ص ‪.133‬‬
                                                         ‫(‪ )5‬لأح حسلا بشيح النىام ج‪ 18‬ص ‪.43 – 42‬‬
                                                     ‫(‪ )6‬ةح اليفرم ( شيح ح ي رقا ‪ )3618‬ج‪ 6‬ص ‪.723‬‬

                                      ‫‪77‬‬
   73   74   75   76   77   78   79   80   81   82   83