Page 89 - كتاب تأبين حسنين ربيع
P. 89
وعلى امتداد الساحل من "بارايتونيوم" إلى الإسكندرية -والتى يقدرها استرابون بأل -
وثلاثمائة ستاديون – يحدد بعق المواقع الهامة على هذا الساحل مثل "ليوكى اكتى"
ومعناها "القمة البيضاء" إرأ الحكمةر ،ويذكر من بعدها عدة مواقع ذات مرافئ صغيرة
مثل "فوينيكو " وجزيرة بيدونيا التى تضم مرفأ كذلك .ويذكر أن هذه المنطقة إلى الشرق
من "رأ الحكمة" لا تنتج نبيذا جيدا لأن جرار النبيذ فيها تحتوى على مياه بحر أكثر من
النبيذ ويطلل على نبيذها النبيذ الليبى الذى هو أقرب للجعة ويحتسيه معظم الإسكندريين،
ولكن نبيذ منطقة انتيفراى إربما فى مارينا العلمين الحالية على الأرجحر هو النبيذ الأكثر
عرضة للسخرية والتهكم .ثم يأتى بعد ذلك – فى وص سترابون -0موانئ أخرى صغيرة
مثل "ديريس" إرأ جيسةر ورزفيريون إالضبعةر وليوكاسبيس "أى الدرع الأبيق"
إمرسى الحمرار إ23ر.
وهكذا نتعرف فى هذه المنطقة على عدد من الموانئ الصغيرة من "رأ الحكمة" إلى
"الحمام" تقريبا ،وعلى النبيذ الردئ الذى تنتجه ويعب منه كثير من الإسكندريين ،ولكن لعل هذه
لمحة تهكم على الإسكندريين من جانب استرابون نظرا لأن الإمبرايور أغسطس كان خناق عليهم
واسترابون صديل للوالى الرومانى ويعبر – بصورة غير مباشرة -عن الميول والسياسة الرومانية
فى ولاية مصر الرومانية .هل يلمح استرابون بذلك إلى أن النبيذ الردئ الذى كانوا يتعايونه كان
أحد أسباب جنوم الإسكندريين واستفزازهم للحكام الرومان وتصويرهم إأى الإسكندريينر فى
صورة المشاغبين المتمردين"إ33ر.
ويتفل بطلميو الإسكندرى فى تحديد معظم المواقع مع استرابون بمسمياتها الواردة عند
الأخير ،ويذكر بعق المواقع بأسماء مختلفة ربما تغيرت عبر الفترة الزمنية الفاصلة بين الكاتبين.
ثم يورد استرابون بعد ذلك تابوزيريس إأبو صيرر -والغريب أن لا يرد ذكرها عند
بطلميو الجغرافى فى سياق تحديده لمواقع المنطقة -التى لا تقع على البحر مباشرة ويقول عنها
استرابون أنها تستقبل احتفالية كبرى ،ثم يستطرد قائلا أنه بالقرب منها هناك منطقة صخرية على
البحر يحتشد فيها شباب فى ربيع العمر فى كافة فصول السنةإ34ر .هل الاحتفال الكبير الذى يشير
إليه استرابون مرتبط بالإله المصرى أوزيريس الذى أعطى اسمه للمكان إإذ أن معنى الاسم
بالمصرية يعنى معبد أوزيريس ،وباليونانية مقبرة أو ضريح أوزيريسر ،هذا فضلا عن وجود
معبد بطلمى فى المكان لم يتبل منه سوى القليل من بقاياه .ثم هل يشير استرابون إل منتجع ترفيهى
سياحى للشباب من الأثرياء الميسورين فى المنطقة الصخرية الساحلية القابلة لأبى صير الكبرى؟!
ومن بعد الإسكندرية جهة الشرق يتحدث استرابون عن كانوبو إأبو قيرر الواقعة على بعد
مائة وعشرين ستاديون شرق الإسكندرية وأصل تسميتها باسم قائد سفينة مينيلاو الذى توفى
هناك .ويتحدث عن معبد سرابيس الكبير هناك الذى يحظى بكل توقير وتبجيل لشهرته في شفاء
المرضى .كما يروى مظاهر الصخب والاحتفال من جانب المبحرين من الإسكندرية عبر القناة
الممتدة من هناك إلى كانوب – مرورا ياليوسيس إالخضرةر ثم شيديا ثم شمالا إلى كانوب – وخلال
هذه الرحلة بالقوارب يرقصون ويصدحون بالموسيقى – رجالا ونساء -في مظاهر خليعة يشاركهم
فيها أهل كالوبإ35ر .هذا أمر عادى تعلمه عن كانوب أما مالا يعلمه كثيرون فهو أمر منطقة
"هيراكليون" الواقعة إلى الشرق من كانوب وعند مصب الفرع الكانوبى للنيل حيث بداية الدلتا،
وهذه المنطقة كانت تضم معبدا غيراكليسإ36ر .ويشير في موضع آخر إلى أن الدلتا جزيرة محصورة
بين فرعى النيل البيلوزى والكانوبى ما بين بيلوزيوم وهيراكليونإ37ر .ويذكر ديودور الصقلى أن
القرع الكانوبى للنيل يطلل عليه من قبل البعق القرع "الهيراكليتى"إ38ر .بل أن بطليمو الجغرافى
يسمى مصب ذلك الفرع بـ "المصب الهيراكليوتى" المسمى كذلك "المصب الكانوبى"إ39ر إأى أنه
قدم تسمية "الهيراكليوتى" على "الكانوبى".
وهكذا نرى أن الشائع والمألوف قد تغلب على الصحيح والدقيل فيما يتصل بتسمية هذا الفرع
من النيل في أقصى الغرب وكذلك مصبه باسم "الكانوبى" في حين كان الأجدر والأصح تسميته
باسم "الهيراكليوتى" نسبة إلى منطقة هيراكليون إالطابية الحمراءر إ401ر .المطلة على ذلك الفرع
القديم.
وإذا كانت تسمية "الهيراكليونى" كانت لا تزال مستخدمة – جنبا إلى جنب -مع تسمية
"الكانوبى" في أواخر العصر البطلمى إديودورر وعلى مدى القرنين الاول والثانى الميلادى
إاسترابون ثم بطليمو الجغرافىر فإن التسمية الأقدم لنفس تلك المنطقة إهيراكليونر كانت تسمى
"ثونيس" منذ فترة قديمة جدا قبل انشاء الإسكندرية.
وقد أورد هيرودوت ذكر هذه المنطقة بمسمياتها المعروفة في عهده ،إذ ذكر -في سياق قصة
88