Page 113 - كتاب تأبين حسنين ربيع
P. 113

‫لآبائه وأجداده الأندلسيين الذين نقلوا إلى مصر أولا والشام ثانيا حركة التصوف والزهد التي اختلفت‬
                                 ‫حولها آراء العلماء والفقهاء‪ ،‬ونالت دراسات عديدة قديم وحديثة‪.‬‬

                         ‫أثر مؤلفات ابن الملقن على الحركة الفكرية في العصر المملوكي‬
‫ازدهرت الحركة العلمية في مصر في عصر سلايين المماليك ازدهارا واسعا فغدت هذه‬
‫الدولة محورا لنشاي علمي متعدد الأيراف‪ ،‬ويرجع ذلك إلى ما أصاب العالم الإسلامي في المشرق‬
‫على أيدي التتار وفي الأندلس على أيدي الصليبيين من كوارث فضلا عما أصاب بلاد الشام بسبب‬
‫هجمات الصليبيين والتتار جميعا‪ ،‬وفي وسط تلك الغمة التي ألمت بالوين الإسلامي لم يجد علماء‬
‫المشرق والمغرب بلدا إسلاميا آمنا سوى مصر التي غدت منذ القرن السابع الهجري – الثالث عشر‬

         ‫الميلادي مركزا للخلافة العباسية "وصارت محل سكن العلماء ومحط رحال الفضلاء"إ‪1‬ر‪.‬‬
‫وإذا أردنا أن نثبت مدى إسهام ابن الملقن كواحد من علماء هذا العصر على هذه الحركة‬
‫الفكرية نرى أنه "أل حوالي ثلثمائة مجلدة ما بين كبير وصغير وعنده من الكتب ما لا يدخل تحت‬
‫الحصر"إ‪2‬ر‪ .‬كما ذكر البرهان الحلبي "كان فريد وقته في كثرة التصني وعبارته فيها جلية جيدة‬

                                                                           ‫وغرايبه كثيرة"إ‪3‬ر‪.‬‬
‫وقد عرضنا من قبل نموذجا فقط لبعق المؤلفات في مجالات العلوم الدينية والعربية وعلم‬
‫التاريخ‪ ،‬وهي العلوم التي شكلت السمة الثقافية الأساسية للعصر المملوكي فرأيناه في علم الحديث‬
‫مصححا ومرتبا ومختصرا لمؤلفات من سبقوه ومضيفا إليها ومعلقا عليها كما كان شارحا كبيرا لها‬
‫حيث نجح في توصيل هذه المعلومات إلى أبناء جيله ومن جاءوا بعده‪ ،‬وفي كتب الفقه الإسلامي قام‬

   ‫بنفس الدور حيث كان للفقه الشافعي المكانة الأولى عنده رغم أنه بدأ مالكيا كما أوضحنا من قبل‪.‬‬
‫وقد عرضنا لمؤلفاته النحوية‪ ،‬التي كانت أقرب العلوم إلى قلبه لأنها تخصص والده – رحمه‬
‫الله – وكذلك المؤلفات التاريخية وكتب الطبقات وهي من العلوم الإسلامية الأولى حتى أننا سنجد أثر‬

   ‫ذلك الواضح على تلاميذه الذين سيتتلمذوا على يديه وسيكونوا أعلاما كبارا في جميع هذه العلوم‪.‬‬
                                                                      ‫أبرز تلاميذ ابن الملقن و‬

‫عادة ما تكون شهرة العالم سببا في كثر التلاميذ ورحلتهم إليه من أقطار كثيرة‪ ،‬وقد حظى‬
                                         ‫ابن الملقن بالشئ الكثير من ذلك‪ ،‬ومن أهم الأسبابإ‪4‬ر و‬

                  ‫إ‪1‬ر شهرة ابن الملقن‪ ،‬فكانت شهرته وعظمته من أسباب إقبال الطلاب عليه‪.‬‬
                                                         ‫إ‪2‬ر دماثة أخلاقه ورحابة صدره‪.‬‬

     ‫إ‪3‬ر كثرة مصنفاته واشتهارها في زمن مبكر من عمره حيث اشتغل بالتصني وهو شاب‪.‬‬
               ‫إ‪4‬ر رحلاته إلى بلاد الشام والقد الشري والحرمين الشريفين‪ ،‬فاشتهر أمره‪.‬‬

‫ومن أبرز هؤلاء التلاميذ على سبيل المثال‪ ،‬إبراهيم بن محمد بن خليل الطرابلسي المعروف‬
‫بسبط ابن العجمي حاف بلاد الشام‪ ،‬كتب عنه شرحه للبخاري وهو من أبرز علماء بلاد الشام‪ ،‬وقرأ‬
‫في الفقه على ابن الملقن والبلقيني‪ ،‬وزار مصر مرتين والتقى بالعلماءإ‪5‬ر‪ .‬وكذلك ابن حاف العراقي‬
‫أحمد بن عبد الرحيم بن الحسين الولي أبو زرعة الحاف المشهور ت‪826‬هـ‪ ،‬وقد قدم به أبوه إلى‬
‫مصر بعد أن كان ببلاد الشام "واجتهد في استيفاء شيوخ الديار المصرية‪ ،‬وكان ابن الملقن أحد‬

                                                    ‫العلماء الذين أذنوا له بالإفتاء والتدريس"إ‪6‬ر‪.‬‬
‫ومن التلاميذ الذين برزوا وتعلموا على يد ابن الملقن أحمد بن عثمان بن محمد الشهاب‬

               ‫الريشي القاهري المعروف بالكوم الريشي‪ ،‬عر عمدة الأحكام على ابن الملقنإ‪7‬ر‪.‬‬
‫أما أبرز تلاميذ ابن الملقن فهما المقريزي الإمام والعالم والمؤرخ المشهور‪ ،‬وكذلك ابن‬

                                                                 ‫(‪ )1‬السلأىاي‪ ،‬حس‪ ،‬الم ف يا‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.86‬‬
                                                               ‫(‪ )2‬ا ‪ ،‬ح ي‪ ،‬الشىطف ي‪ ،‬الي ر‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.510‬‬

                                                                                            ‫(‪ )3‬اليي فن ال ليي‬
                ‫(‪ )4‬ا ‪ ،‬الملق‪ ،،‬الإ لام بفىائ م ا اسحكفم‪ ،‬قلأق ي العشش المشلأقح‪ ،‬حق حة الة قلأق‪ ،‬ص‪.30‬‬

                                                                ‫(‪ )5‬الشىطف ي‪ ،‬الي ر‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪ ،28‬يجمة ‪.16‬‬
                                                                ‫(‪ )6‬الشىطف ي‪ ،‬فس ‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪ ،73‬يجمة ‪.41‬‬
                                                          ‫(‪ )7‬ا ‪ ،‬الملق‪ ،،‬الإ لام بفىائ م ا اسحكفم‪ ،‬ص‪.31‬‬

                                     ‫‪112‬‬
   108   109   110   111   112   113   114   115   116   117   118