Page 112 - كتاب تأبين حسنين ربيع
P. 112
معنى ذلك أن التصوف وافد من بلاد الأندلس بدليل مشايخ الصوفية المشهورين الكبار أمثال
أبي الحسن الشاذلي ،وأبي العبا المرسي ،وأبي القاسم القباري ،ياقوت العرش ،وغيرهم وكلهم
لعبوا دورا كبيرا في مصر في هذه المرحلةإ1ر.
لذلك ليس بمستغرب أن تسيطر هذه الحالة الدينية على عقل وقلب ابن الملقن ،وهو أولا سليل
الأندلسيين ،وثانيا يعيش بكل ياقته الفكرية والدينية والعقائدية في عصر المماليك وعاصر أبناء
الناصر محمد بن قلاوون وأحفاده ،وتزامن أيضا مع السلطان برقوق الذي رتب للمدرسة التي أنشأها
بين القصرين عددا من الصوفية "وقدر لهم مرتبات وفيرة"إ2ر ،أما عامة الشعب المصري في عصر
سلايين المماليك فقد آمنوا بالصوفية إيمانا راسخا فقصدوهم لقضاء حوائجهم ومشاركتهم في
أذكارهم ووصفوا الصوفية بأنهم "ملوك الآخرة الذين يدخلون الجنة قبل الأغنياء"إ3ر.
ويذكر أن ابن الملقن كان ممن لبسوا خرقة التصوف وألبسوها وهو يذكر في آخر كتاب
"يبقات الأولياء" سلاسل خرقة بأسانيد كأسانيد الحديث ،فمرة ينتهي السند إلى أويس القرني عن
عمر وعلي عن رسول الله ،ومرة إلى عائشة رضي الله عنها موقوفا ،وثالثة إلى علقمة عن ابن
مسعود عن رسول الله إ4ر.
ولا ريب في وهاء هذه الأسانيد وبطلانها .قال السخاويإ5ر و حديث لبس الخرقة الصوفية
وكون الحسن البصري لبسها من علي ،قال ابن دحية وابن الصلام و إنه بايل .وكذا قال شيخنا ،أي
ابن حجر و إنه ليس في شئ من يرقها ما يثبت ،ولم يرد في خبر صحيح ولا حسن ولا ضعي أن
النبي ألبس الخرقة على هذه الصورة المتعارفة بين الصوفية لأحد من أصحابه ،ولا أمر أحدا من
أصحابه بفعل ذلك ،وكل ما يروى في ذلك صريحا فبايل ....الخإ6ر.
وكان ابن الملقن رحمه الله من المؤمنين بوجود الخضر لله ،ويذكر في يبقات الأولياءإ7ر
قصتين في اجتماعه بالخضر وكل هذا من آثار تصوفه ،وفي كتابه المشار إليه من هذا القبيل،
عجائب وغرائبإ8ر.
ومما يؤكد تعلقه بمشايخ الصوفية ما قدمه في الغاية من تأليفه لكتاب "يبقات الصوفية" أو
الأولياء "جمعتهم لأقتدي بمآثرهم ،وأقتفي بآثارهم رجاء أن أنظم في سلكهم ،فالمرء مع من أحب،
وأحيا بذكرهم ويزول عني النصب"إ9ر.
وبذلك أصبح هذا المؤل معبرا تماما عن فكر ابن الملقن وما اعتقده ،حتى أصبح عبارة عن
موسوعة صوفية يتعرف من خلالها على الجانب الصوفي من الفكر العربي الإسلامي في هذه
الفترة ،إذ لا يخفى أن الصوفية كانوا مشاركين في مادته بالكثير من الآراءإ10ر .حتى نراه يقدم أمثلة
لخرافات كثيرة دون تمحيص أو نقد مثل و " ..قال أبو عبد الرحمن الزهري و قبره معروف لقضاء
الحوائج يقال إنه من قرأ عنده مائة مرة "قل هو الله أحد" وسأل الله ما يريد قضى حاجتهإ11ر ...إلى
غير ذلك من الأمثلة.
وهكذا نرى أن ابن الملقن كان صورة لعصره وللثقافة والفكر السائد آنذاك ،كما كان امتدادا
( ، )1ؤلاء المةصدى ة .ا ادي فدفف دييه ،ارسدفت دي دفر ال دياب الصدللأيلأة ار الفقهدفء ا لمدفء المسدلملأ،
ي جهف الصللأيلألأ ، ،القف يا ،ار الرةفب ال فحعي.1985 ،
( )2س ى الم فس ،،الن ىم ال اش يا ي حلىك حصي االقف يا ،ج ،12ص ،113المقيشم ،السلىك ،ج ،3ع ،2ص.946
( )3فشىر ،الميجع السف ق ،ص.321
( )4ا ،الملق ،،الي ر المنلأي ،حق حة الم قق ،ص .49لق يح ا ،الملقد ،س د لديس ال يقدة سا الىفقلأدة د ،بععدها
ا:فر لها سحلأفء اسحىات االاحةثفا لنصفئ ها .ارجع ف فت 547 – 510 – 494اللأي ف.
( )5الس فام ،المقف ال سنة ،ص.331
( )6ا ،الملق ،،الي ر المنلأي ،ص.49
( )7ا اي ص.559
( )8ارجع ايقفت اساللأفء.
( )9ا ،الملق ،،ايقفت اساللأفء ،قلأق شيية ،ص.3
( )10ح م طمفا ،ا ،الملق ،حؤر ف ،ص.28
( )11فس ،ص.30
111