Page 108 - كتاب تأبين حسنين ربيع
P. 108

‫الملوك من الأتراك"إ‪1‬ر‪.‬‬
‫ولعل أبرز الملامح الواضحة آنذاك أن جمهرة من العلماء اعتمدوه ونصروه خاصة فقهاء‬

                                                               ‫الشافعية والمالكية المتأخرينإ‪2‬ر‪.‬‬
‫أما الحنابلة فلم يأخذوا بهذا المذهب ولذا كانوا هم أهل المعارضة والجدل مع الأشاعرة‪ ،‬وبما‬
‫أن ابن الملقن بدأ مالكيا ثم استقر شافعيا‪ ،‬لذا كان واحدا ممن أخذوا بهذا المذهب ونصروه وألفوا فيه‪.‬‬
‫وقد عار علماء الحنابلة اعتقاد ابن الملقن في الأشعرية‪ ،‬فنرى آراء هاجمته وهاجمت‬
‫عقيدته منها "أن ابن الملقن عاصر دولة المماليك التي كانت راعية هذه المناهج التي هجرت كتاب‬
‫الله وسنة نبيه ‪ ‬في الاعتقاد وبالأخص ما يخال عقيدة السل الصالح‪ ،‬وذلك بالتمسك بما كان قد‬
‫اعتقده أبو الحسن الأشعري قبل انتقاله إلى مذهب أهل السنة والجماعة‪ ،‬فقد ساروا على نهجه ونبذوا‬
‫خلافه وقهروا النا وامتحنوهم حتى أصبحت لهذا المذهب المكانة في قلوب النا عامهم‬
‫وخاصهم‪ ،‬وصار هو الذي يدر في المساجد ويخطب به على المنابر ويلقن الصغار في بيوتهم‬

                                                                               ‫ومدارسهم"إ‪3‬ر‪.‬‬
‫ورأي آخر في ابن الملقن يحاول أن يثبت فيه فساد عقيدته وفساد المذهب الأشعري وهو لعالم‬
‫من العلماء الحنابلة يقول "أن ابن الملقن كان يؤول اليد بالقدرة فعند كلامه على حديث و يطوي الله‬
‫السموات يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمنى‪ "...‬قال بعد أن ذكر عدة معان لليد في كلام العرب و‬

  ‫"واليد هنا و القدرة‪ ،‬وإحايته بجميع مخلوقاته‪ ،‬يقال و ما فلان إلا في قبضتي بمعنى قدرتي‪ ،‬والنا‬
                                     ‫يقولون و الأشياء في قبضة الله و يريدون في ملكه وقدرتهإ‪4‬ر‪.‬‬

‫وكذا يذهب في الاستواء والعلو فهو ينفي أن يكون الله سبحانه وتعالى في جهة العلو‪ ،‬إذ‬
‫الباري – سبحانه – لا تحويه جهة‪ ،‬إذ كان موجودا ولا جهة‪ ،‬ولأن ذلك يوجب كونه جسما‪ ،‬والأدلة‬
‫قامت على أنه ليس بجسم وليس محتاجا إلى مكان يحله ويستقر فيه لأنه سبحانه كان ولا مكان‪ ،‬ثم‬

                ‫خلل المكان‪ ،‬فمحال كونه غنيا من المكان قبل خلقه إياه‪ ،‬ثم يحتاج إليه بعد خلقه له‪.‬‬
‫وهو ‪ -‬مع ذلك – يرد قول المعتزلة بأن الاستواء بمعنى الاستيلاء والقهر والغلبة لأنه لا يقال‬

                                                                ‫استولى إلا لمن لم يكن مستوليا‪.‬‬
‫وهو يرى تأويل استولى بمعنى علا‪ ،‬وأنه مذهب أهل السنة والحل ولكنه يجعل هذا العلو‬

                                     ‫علوا معنويا كما في قوله تعالى "تعالى الله عما يشركون"إ‪5‬ر‪.‬‬
‫أو يكون الاستواء بمعنى الملك للشئ والقدرة عليه‪ ،‬أو أنه بمعنى التمام للشئ والفراغ منه كما‬
‫في قوله تعالى "ولما بلء أشده واستوى"‪ ،‬فقوله سبحانه "على العرش استوى" أراد التمام للخلل كله‪،‬‬

                                                     ‫وإنما قصد ذكر العرش لأنه أعظم الأشياء‪.‬‬
‫ويرى ابن الملقن أن تأويل الاستواء بالمعنى الموجود في قوله تعالى "ثم تذكروا نعمة ربكم‬
‫إذا استويتم عليه" يكون حلولا‪ ،‬وهذا منت عن الله جل وعلا‪ ،‬لأن الحلول يدل على التحديد‬

                                       ‫والتناهي‪ ،‬فبطل أن يكون حالا على العرش بهذا الوجهإ‪6‬ر‪.‬‬
  ‫وكذا يذهب ابن الملقن في إتيان الله جل وعلا فيؤوله ويقول بأنه ليس إتيانا على الحقيقةإ‪7‬ر‪.‬‬
‫وكذا يذهب في الكلام مذهب الأشاعرة المعروف من أنه الكلام النفسي وأنه معنى واحد قائم‬

                                             ‫بذات الله لا يتجزأ‪ ،‬وأن القرآن الكريم عبارة عنهإ‪8‬ر‪.‬‬
‫ويرى محقل البدر المنير وهو من الحنابلة أيضا أن مذهب ابن الملقن مختل عن مذهب أهل‬

                                                    ‫(‪ )1‬ال ى ‪ ،‬القف يا‪ ،‬ايعة ىلاع‪ 1270 ،‬د‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.358‬‬
                                               ‫(‪ )2‬ي اليحم‪ ،‬فلح‪ ،‬حىق‪ ،‬ا ‪ ،‬لأملأة ح‪ ،‬اسشف يا‪ ،‬ص‪.552‬‬
                  ‫(‪ )3‬ي العشش المشلأقح‪ ،‬حق حة قلأق طةفب الإ لام بفىائ م ا اسحكفم‪ ،‬لا ‪ ،‬الملق‪ ،،‬ص‪.34‬‬

                                                     ‫(‪ )4‬ا ‪ ،‬الملق‪ ،،‬شيح لأح الي فرم‪ ،‬ج‪ ،4‬ع‪.138-136‬‬
       ‫(‪ )5‬حصىف س ى الغلأ ا يان‪ ،‬حق حة قلأق طةفب الي ر المنلأي ي يب اسحف ي لا ‪ ،‬الملق‪ ،،‬ص‪.48‬‬

                                                                ‫(‪ )6‬ا ‪ ،‬الملق‪ ،،‬شيح الي فرم‪ ،‬ج‪ ،4‬ع‪/839‬ب‪.‬‬
                                                                            ‫(‪ )7‬المص ر السف ق‪ ،‬ج‪ ،4‬ع‪.845‬‬

                                           ‫(‪ )8‬حصىف س ى الغلأ ‪ ،‬قلأق الي ر المنلأي‪ ،‬حق حة الم قق‪ ،‬ص‪.49‬‬

                                     ‫‪107‬‬
   103   104   105   106   107   108   109   110   111   112   113