Page 118 - كتاب تأبين حسنين ربيع
P. 118

‫الشرعيةإ‪1‬ر‪.‬‬
‫وقد كانت وظيفة القضاء في العصر المملوكي من أخطر الوظائ شأنا وأرفعها منزلة‪،‬‬

                      ‫وكان القاضي يعتبر من أجل أرباب الوظائ وأعلاها شأنا وأرفعهم قدراإ‪2‬ر‪.‬‬
‫وقد تولى ابن الملقن نيابة قضاء الشرقية عن قاضي القضاة الشافعي بدر الدين بن أبي البقاء‪،‬‬
‫لكنه رغب في أن يتولى منصب القضاء الرسمي في البلاد في وقت كانت فيه هذه الوظيفة قد‬
‫تعرضت لما عرف عن هذه الفترة من العصر المملوكي الثاني من البذل والبريلةإ‪3‬ر‪ ،‬أي الحصول‬

                                                            ‫على المنصب ببذل المال والرشوة‪.‬‬
‫وقد تعر شيخنا لمحنة ألمت به نتيجة للرغبة في الحصول على وظيفة القضاء الشافعي‬

                                                                                    ‫في البلاد‪.‬‬
‫فقد حدث أن قرر قاضي القضاة برهان الدين بن جماعة عزل نفسه من وظيفة قضاء القضاة‬
‫الشافعية‪ ،‬وخرج إلى تربة كوكاي بنية العودة إلى القد تورعا واحتيايا لدينه‪ ،‬لما دهم النا من‬
‫تغير الأحوال وحدوث ما لم يعهد وتهاون القائمين بالدولة بالأمور الدينية‪ ،‬فرغب الأمير يشتمر‬
‫العلائي في إقامة سراج الدين عمر البلقيني قاضي العسكر في هذا المنصب‪ ،‬إلا أن عدم محبة بعق‬
‫الأمراء له جعلته يصرف النظر عنه إلى بدر الدين محمد بن أبي البقاء على مال يقوم به‪ .‬وفعلا تم‬
‫تعيين بدر الدين بن أبي البقاء في هذا المنصب بدلا من برهان الدين بن جماعةإ‪4‬ر وذلك عام ‪779‬هـ‪.‬‬
‫كان لعدم رضاء النا على ابن أبي البقاء أن قرر الأمير برقوقإ‪5‬ر عزله في يوم الخميس‬
‫سابع عشر من عام سبعمائة وثمانين وتعيين شيخنا ابن الملقن مكانه دون أن يطلب منه بذل المال‪،‬‬
‫وذلك لأن الأمير برقوق كان يصحبه ويسمع عنده صحيح البخاري وذلك عام تسع وسبعين‬
‫وسبعمائة‪ ،‬وكان النا يشيدون به‪ ،‬فاجتمع به وصارت بينهما صداقة‪ ،‬كانت نية الأمير برقوق ألا‬
‫يأخذ مالا من ابن الملقن‪ ،‬لكن الأخير استبطأ تعيينه في الوقت الذي أشار عليه أن يجتمع بالأمير‬
‫بركة الزيني‪ ،‬فتوجه إليه‪ ،‬فتكلم معه إستاداره أن يبذل للأمير مالا‪ ،‬فكتب له خطه بألفي دينار أو‬
‫أكثرإ‪6‬ر‪ ،‬فلم يكن من الأمير بركة الزيني إلا أن بعث بهذه الورقة إلى الأمير برقوق الذي ثارت‬
‫ثائرته واستدعى ابن الملقن في جمع من القضاة بالحراقة من الاسطبل في يوم الثلاثاء ثاني عشرينه‬
‫وأهانه إهانة شديدة رغم أنه لم يكتب هذه الورقة إنما زورت عليه‪ ،‬في الوقت الذي أنكر فيه الشيخ أن‬
‫يكون ذلك خطه‪ ،‬فزاد حنل الأمير برقوق عليه وأمر به فسلم إلى الحاج محمد بن يوس مقدم الدولة‬

    ‫ليستخلص منه الأربعة آلاف دينار بعد أن رسم بهذه الوظيفة للقاضي برهان الدين بن جماعةإ‪7‬ر‪.‬‬
‫أما عن مصير شيخنا فنجد أنه تعر لموق سئ للغاية‪ ،‬واتهم اتهاما لعب فيه بركة الزيني‬
‫والشيخ ابن أبي البقاء دورا لكي يوقع به عند الأمير‪ ،‬لذلك شفع فيه محمد بن يوس مقدم الدولة عند‬
‫شاد الدواوين‪ ،‬لأن الشيخ كان قد أسدى إليه جميلا من قبلإ‪8‬ر‪ .‬ويلب منه عدم التعر للشيخ‬

                                                                                     ‫بمكروه‪.‬‬
‫وبعدها توجه كل من الشيخ سراج الدين عمر البلقيني والشيخ مأبو عبد الله محمد الركراكي‬
‫المغربي ومعهما مجموعة من الفقهاء إلى الأمير برقوق ويلبوا منه أن يقوم بالإفراج عن الشيخ ابن‬

‫(‪ ، )1‬ذلك ارجع المفار م‪ ،‬اسحكفم السلىف لأة االىلايفت ال ينلأة‪ ،‬لأيات‪ ،‬ص‪ ،84-83‬ا د‪ ،‬شدف لأ‪ ،‬الادف يم‪: ،‬بد ا‬
                             ‫كش‪ ،‬الممفلك ابلأفن الىيع االمسفلك‪ ،‬ط‪/‬بغ ا ‪ ،‬قلأق ىلس ارا س‪ ،‬ص‪.90‬‬
                                      ‫(‪ )2‬القلقشن م‪ ،‬يح اس ش ي نف ة الإ شفء‪ ،‬القف يا‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪.482‬‬

‫(‪ )3‬د‪ ،‬اليدذا االييالدة احعنف دف اللغدىم االا دىلاحي ا ىيلأقف هدف الم ةلفدة‪ .‬ا ادي سحمد يد الد اي‪:‬ع سحمد ‪ ،‬اليدذا‬
                 ‫االييالة ‪:‬ح‪ ،‬سلاالأ‪ ،‬الممفللأك ارسة ‪ ،‬اليشىا ‪ ،‬القف يا‪ ،‬الهلأئة العفحة للرةفب‪1979 ،‬م‪.‬‬
                                                                   ‫(‪ )4‬المقيشم‪ ،‬السلىك‪ ،‬ج‪ ،3‬ع‪ ،1‬ص‪.320‬‬

‫(‪ )5‬طدفن السدلىفن دذاك دى السدلىفن دلاء الد ي‪ ،‬لدي – حفلأد النف دي ح مد د‪ ،‬قدلااان ‪ 783-778‬دد‪-1376/‬‬
                                                             ‫‪1381‬م‪ ،‬المقيشم‪ ،‬السلىك‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.241‬‬
                                                                    ‫(‪ )6‬ا ‪ ،‬ح ي‪ ،‬ا يفء الغمي‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.173‬‬
                                                                   ‫(‪ )7‬المقيشم‪ ،‬السلىك‪ ،‬ج‪ ،3‬ع‪ ،1‬ص‪.334‬‬

‫(‪ )8‬طفن ح م ‪ ،‬يىس‪ ،‬ق ا ها ا هفحف ح‪ ،‬قيي قيي يىجب ا ارقة ح ن المفلرلأة‪ ،‬كا ا د‪ ،‬الملقد‪ ،‬ب قد‪ ،‬حد لدذلك‬
                                        ‫حف‪ .‬ل ال ملأي اسف ه ي ح نة ذه‪ .‬المقيشم‪ ،‬فس ‪ ،‬ص‪.334‬‬

                                     ‫‪117‬‬
   113   114   115   116   117   118   119   120   121   122   123