Page 119 - كتاب تأبين حسنين ربيع
P. 119

‫الملقن‪ ،‬فأصر الشيخ البلقيني على يلبه وأقسم ثلاث مرات بأنه لن ينصرف إلا والشيخ ابن الملقن‬
                                                              ‫معه‪ ،‬فوافل الأمير وسلمه إليهإ‪1‬ر‪.‬‬

‫ومع ذلك ورغم هذه المحنة التي وقع فيها ابن الملقن‪ ،‬واقتصاره على بعق ما كان في يده‪،‬‬
‫فإنا نجد أبا المحاسن بن تغري بردي يذكره في حوادث سنة إحدى وتسعين وسبعمائة فيقول "ثم في‬
‫حادي عشرينه ذي القعدة من السنة المذكورة – اجتمع الأمراء وأهل الدولة مع الأمير منطاش‪،‬‬
‫واتفقوا على استبداد الملك المنصور حاجي بالأمر‪ ،‬وأثبتوا رشده بحضرة القضاة والخليفة‪ ...‬وحضر‬
‫الخليفة المتوكل على الله والقضاة الأربعة والشيخ سراج الدين عمر البلقيني وولده جلال الدين عبد‬
‫الرحمن قاضي العسكر وابن خلدون وابن الملقن‪ ،‬وقاضي القضاة بدر الدين محمد بن أبي البقاء"إ‪2‬ر‪.‬‬

‫ولقد كان توليه منصب الصدارة بقبة الصالح نجم الدين أيوب في العام التالي أي سبعمائة‬
‫وست وسبعينإ‪3‬ر‪ ،‬أي أنه مار عمله العلمي بعد الأزمة الكبيرة التي مر بها في منصب القضاء‪،‬‬

                                                        ‫وشارك في أحداث عصره رغم محنته‪.‬‬

‫أما المحنة التي جعلته يبعد عن ممارسة مهامه العلمية ويحتجب عن الاتصال بالنا ‪ ،‬فتمثلت‬
‫في حدوث حريل عام جاء على جميع محتويات هذه المكتبة من المراجع ومصنفاته مما كان له الأثر‬
‫الكبير على ضياع وفقدان مسودات مصنفاته‪ ،‬فقد فقد مؤلفه الضخم جمع الجوامع فحزن ابن الملقن‬
‫عليه أشد الحزن وتأس غاية الأس مما كان سببا في تغير حاله وقلة تعليمه وتدريسه في آخر‬

                              ‫عمره‪ ،‬وقد صور ابنه ذلك في رثاء وتعزية لأبيه في هذا الحريلإ‪4‬ر‪.‬‬

‫النيران‬  ‫بكتبك ألسن‬  ‫لعبت‬    ‫ولا يزعجنك يا سراج الدين أن‬
‫القربان‬  ‫مسرعة إلى‬   ‫والنار‬  ‫لله قد قربتها فتقبلت‬

‫فبعد الحريل ساءت حال ابن الملقن‪ ،‬وأصيب بالذهول وحجبه ابنه نور الدين علي إلى أن‬
‫توفي عالمنا الكبير رحمه الله في ربيع الأول سنة أربع وثمانمائة للهجرة عن إحدى وثمانين سنة‪،‬‬

                                               ‫ودفن بحوش سعيد السعداء بالخانقاه الصلاحية ‪0‬‬
‫وبذلك أسدل الستار على شخصية علمية أسهمت بدور كبير في الحركة الفكرية في مصر‬
‫والشام في العصر المملوكي مؤكدين على أن جذوره الأندلسية كانت لها أثر كبير على تكوينه‬

                                                                                      ‫العلمي‪.‬‬

                                                                                          ‫(‪ )1‬المقيشم‪ ،‬فس ‪.‬‬
                                                                           ‫(‪ )2‬الن ىم ال اش يا‪ ،‬ج‪ ،11‬ص‪.360‬‬
                                                                    ‫(‪ )3‬ا ‪ ،‬ح ي‪ ،‬ا يفء الغمي‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.527‬‬
 ‫(‪ )4‬د‪ ،‬دذه اسحد ا ارجدع ا د‪ ،‬ح دي‪ ،‬ا يدفء‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪ ،219-218‬السد فام‪ ،‬العدىء‪ ،‬ج‪ ،6‬ص‪ ،105‬ا د‪ ،‬هد‬
‫المكي‪ ،‬ل ‪ .‬اسل في‪ ،‬ص‪ ،202‬ا ‪ ،‬ح ي‪ ،‬ذيدي الد رر الرفحندة‪ ،‬ص‪ .122‬ا دذطي ا د‪ ،‬ح دي س د دى الدذم قدفا‬

                                                                                        ‫ي ذلك الشعي‪.‬‬

                                     ‫‪118‬‬
   114   115   116   117   118   119   120   121   122   123   124