Page 40 - كتاب تأبين حسنين ربيع
P. 40

‫فحص افيح تأوي إليه اللصوص فإذا هو " بجماعة من البربر والغلام معهم والمكان خال"‪ ،‬وكاد أن‬
‫يقع في الخط لولا مفعول البركة ذات المسحة الخيالية حين توسل الي الله ببركة الأئمة الفايمييين‬
‫فـ " هرب القوم وتركوه "‪ ،‬وإذا كانت الحادثة تمس مملوكا رقيقا فإن هؤلاء السلابة لن يتورعوا‬
‫حتما عن خط الأحرار عندما تواتيهم الفرصة‪ ،‬فضلا عن أن الرجل صاحب القصة لم يسترع‬

                  ‫انتباهه سوي غلامه المخطوف ولعل يرفا من هذه الجماعة كان من المخطوفين‪.‬‬
‫كما كان للعزابة أتباع ابن يزيد دور كبير في خط الأحرار وبيعهم حيث أشارت احدي‬
‫الروايات إلي قيامهم بخط " صبيتين جميلتين "إ‪1‬ر من أمهما التي " خافت علي نفسها فهربت‬

                                                                           ‫ونجت بنفسها "إ‪2‬ر‪.‬‬
‫وتتجلي ظاهرة الخط بوضوم من خلال تلك الرقعة التي أوردها ابن حيونإ‪3‬ر وتعود إلي‬
‫تاريخ هذه الفتنة الزناتية‪ ،‬والتى سجل صاحبها فيها ما قام به اللصوص والذعار معه حين انتبهوا‬
‫جميع ما في بيته " من العبيد‪ .....‬والبقر‪ ...‬والذخائر " ولم يكتفوا بذلك بل امتدت أيديهم الي نسائه‬
‫وأولاده‪ ،‬فعبر الرجل في كلمات حزينة عن ذلك قائلا " خربوا منزلي وفرقوا اهلي وولدي وقرابتي‪،‬‬
‫فلم أجد أحدا اسكن معه‪ ،‬فارتحلت بأهلي بعد أن اخذ عبيدي فلقيني بعضهم فانتزعوا مني أهلي‬
‫وبناتي وافترقوهم‪ ...‬وما نجوت‪ ...‬إلا عن جهد "‪ ،‬وما كان لابن حيونإ‪4‬ر أن يفوت تلك الفرصة دون‬

  ‫النيل من عدوه الخارجي‪ ،‬فانطلل لسانه قائلا " هذا قليل في كثير مما نال غيره‪ ...‬وما عرف النا‬
                  ‫فضل ما كانوا فيه إلا عندما وقعت تلك الفتنة بهم وحل ما حل من هذا بأكثرهم "‪.‬‬

‫ويظل التعويل علي علاقة التلازم بين الخط وانعدام الأمن من اكبر العوامل لفهم الظاهرة‪.‬‬
‫والذي يمكن من خلاله إخضاع عينات من النصوص الكاشفة عن شيوعها بهذا المنطقة المغربية‪،‬‬
‫فعن المنطقة الساحلية بين قابس ويرابلس وتحديدا عند قرية الزارات منازل البربر المستمسكين‬
‫بمذهب الخوارج النكارية من أتباع أبي يزيد المستحلين لخط وسلب مخالفيهم كش التجانيإ‪5‬ر عن‬
‫هذه الحقيقة قائلا " فهم بهذا المذهب المذموم يتقربون ببيع من يمر بهم من المسلمين للروم‪ ،‬فتجد‬
‫النا لأجل ذلك يتحامون الانفراد في قراهم ويتجنبون إيواءهم وقراهم "‪ ،‬وهو ما ينطبل أيضا علي‬
‫قرية زواغة التي لم يزل أهلها " في القديم يسمع عنهم ببيع المسلم‪ ....‬اظهروا تعديهم ومدوا إلي‬
‫المراكب البحرية والركائب البرية أيديهم كأنهم حسدوا أهل زرارة علي تميزهم بتلك الفضيلة التي‬
‫اشتهروا بها "إ‪6‬ر‪ ،‬وغير خاف يبعا أسلوب التهكم والسخرية الذي استخدمه الرحالة المغربي‬
‫للتشهير بأهل زارات وزواغة‪ ،‬اللهم إلا إن كان يتحدث بمنطل المغيريين أنفسهم والذين اعتبروا مثل‬

   ‫هذه الأعمال نوعا من الفخر والاعتزاز إظهارا للقوة والإباء والذي تناغي الشعراء في الإشادة به‪.‬‬
‫وأمام شيوع الظاهرة بتلك البقعة الساحلية لم يتمالك الرحالة نفسه في الإشادة بأهل احد‬
‫المواين قرب يرابلس والذين شذوا عن غيرهم من ساكنة المكان فلم " يزالوا في القديم مشكورين‬
‫مكرمين للحجاج علي الصد من جيرانهم ولم يكن يسمع عن احدهم منهم ببيع مسلم ولا تعر له‬

                                                                                   ‫بسوء"إ‪7‬ر‪.‬‬
‫وتأتي شهادة ابن حوقل إ‪8‬ر لتؤكد صدق ما ذكره التجانى فيما يتعلل بهؤلاء المغيرين‪ ،‬حيث‬
‫وص سكان هذه المنطقة الساحلية فيما بين قابس ويرابلس بان فيهم " شر شمر ودين قذر‪ ،‬أنهم لا‬
‫يخلون من الشراية والقول بالوعد والوعيد مع الغيلة لبني السبيل‪ ...‬والويل لمن نام بينهم والحرب‬
‫علي من جارهم واستجار بهم‪ ،‬مخالفين أكثر أيامهم لسلطانهم"‪ ،‬ويقدم ابن الأثيرإ‪9‬ر بهذا الخصوص‬

‫قلأددق يدد الدديحم‪ ،‬سيددىب‪ ،‬ط‪ .‬الدد ار‬                                    ‫ال رجلأني م‪.‬ن‪ ،‬جد ‪ 1‬ص ‪.101‬‬                 ‫(‪)1‬‬
                                        ‫م‪.‬ن فددس ال ددشء االصددف ة‪ ،‬ا ددى ‪:‬طيددف طةددفب السددلأيا اس يددفر اسئمددة‪،‬‬  ‫(‪)2‬‬

                                                            ‫الةى سلأة للنشي‪ ،.1985 ،‬ص ص ‪.174 ،173‬‬                    ‫(‪)3‬‬
                                                                               ‫م‪.‬ن‪ ،‬ص ص ‪.310 ،309‬‬                    ‫(‪)4‬‬
                                                                                          ‫م‪.‬ن‪ ،‬ص ‪.310‬‬                ‫(‪)5‬‬
                                                                                                                     ‫(‪)6‬‬
                                         ‫اليحلة‪ ،‬ص ‪ ،119‬ثا فبع الس ايج الا لس م‪.‬ن‪ ،‬جد ‪ ،1‬ص ‪.356‬‬                      ‫(‪)7‬‬
                                                                                  ‫الة ف م‪.‬ن‪ ،‬ص‪.211‬‬                   ‫(‪)8‬‬
                                                                                                     ‫فس ‪.‬‬            ‫(‪)9‬‬

                                           ‫ىرا الارل‪ ،‬حنشى ارت ار حكةية ال لأفا‪ ،‬لأيات‪ ،1992 ،‬ص‪.73‬‬
                                             ‫م‪.‬ن‪ ،‬جد‪ ،9‬ص‪ ،286‬ثا قفرن شهف ا ال ملأيم م‪.‬ن‪ ،‬ص‪.451‬‬

                                                    ‫‪39‬‬
   35   36   37   38   39   40   41   42   43   44   45