Page 44 - كتاب تأبين حسنين ربيع
P. 44

‫الخط ‪ ،‬ملزما كل من اراد الحج أن يكتب وصيته ويسد دينه " ويفعل ذلك كل متيقن في سفره‬
                                                                                      ‫منيته"‪.‬‬

‫واضطر كثير من راغبي الحج من المغاربة أمام هذا الخطر إلي توكيل من يحج عنه ممن‬
‫نصب نفسه لذلك لخبرته بالطريل وقدرته علي المناورة والإفلات‪ ،‬مقابل مبلء من المال قد يصل في‬
‫بعق الأحيان إلي الأربعين دينارا‪،‬فيما عرف فى الصنفات الفقهية بالحج بالنيابة‪ ،‬وهو مالقي جوازا‬
‫من قبل الفقهاء لدخوله في دائرة الضرورة إ‪1‬ر‪ ،‬وتفاني الموثقون في ضبط شرويه بحيث يكتب في‬

               ‫ذلك عقد استئجار يشهد فيه الأجير علي نفسه " يحج عنه ويعتمر ويزور وينحر"إ‪2‬ر‪.‬‬
‫وتتعدد الإشارات المصدرية التي تنص صراحة علي خط الحجاج‪ ،‬ففضلا عن إشارة‬
‫التجاني السابقة عــن قرية زواغة‪ ،‬نطالع عنده نصا آخر بالء الدلالة يتحدث فيه عن قصر وزدر‬
‫قرب يرابلس والذي اشتهر اهله في القديم " ببيع من يجتاز به من الحجاج وغيرهم للنصاري‪ ،‬ولم‬
‫تزل الركوب تحتر إذا مرت به خوفا من أهله‪ ،‬وخوفهم من سرقة الرجال أكثر من خوفهم من‬
‫سرقة الرحال‪ ،‬فإذا جازوا عليهم ولم يفقدوا أحدا ممن معهم هنأ بعضهم بعضا بذلك‪ ،‬وكان هذا الفعل‬
‫فيهم شائعا فيما تقدم"إ‪3‬ر‪ ،‬ووجد نص التجاني دعما من قبل الرحالة العبدريإ‪4‬ر الذي وص مسالك‬
‫منطقة يرابلس بأنها " لا يسلكها إلا مخاير ولا يعدم من عربانها إيلام خاير‪ ...‬اتخذوا اخذ الحاج‬
‫خلقا ودينا‪ ،‬واعتقدوا إهلاكه ملة ودينا‪ ...‬فما يمر بتلك المسالك سالك ولا يخطر علي تلك المعابر‬
‫عابر‪ ...‬إلا انقضوا عليه‪ ...‬بحيث لا يغاث من استغاث "‪ ،‬وهو ما أكد عليه أيضا ابن سعيد إ‪5‬ر حين‬
‫ذكر أن الحجاج يجدون في تلك المنطقة مصاعب جمة ومشاق كثيرة‪ ،‬حتي عرف أهل تلك المنطقة‬

                                                  ‫بأنهم " ظلمة فتاكون اهل فساد وغارات " إ‪6‬ر‪.‬‬
‫ولعل فيما أورده ابن الأثيرإ‪7‬ر ما يدعم الشهادات السابقة‪ ،‬حيث وص أهل هذه المنطقة‬
‫الساحلية بالفساد وقطع الطريل‪ ،‬ودلل علي ذلك بأنهم تعرضوا لقافلة حجاج عام ‪269‬هـ‪882/‬م "‬
‫فسلبوهم وساقوا نحوا من خمسة آلاف بعير بأحمالها وأناسا كثيرة "‪ ،‬وقرب برقة تعر احد‬
‫مواكب الحجاج وقد ني علي سبعمائة نسمة لغارة خايفة من بعق السلابة الذين اعتادوا " بيع من‬
‫في تلك الأحياء من الأحياء للنا "إ‪8‬ر‪ ،‬فلم ينج منهم إلا "مائة أو نحوها "إ‪9‬رمما أجاش قريحة احد‬

                                                     ‫الشعراء الذين تسامعوا بالخبر فأنشد قائلا و‬
                                         ‫ارجـع لمحـل حال بمــا يشكو لفراقك من علل‪...‬‬
                                     ‫فشروي الحج قد ارتفعت لزوال القدرة والسبل إ‪10‬ر‪.‬‬
‫ونجى ركب آخر من حجاج موضع تامجروت من الخط حين سلكوا وعرا جبليا تفادوا به‬
‫مكانا يسمي" خنل المكتاوة " اتقاء أن يصيبهم مكروه" من يائفة من اللصوص تجتمع فيه غالبا‬
‫"إ‪11‬رفلما عبروا تلك المفازة الحرجة ارتاحت منهم " النفو وذهب عن القلوب حداها " إ‪12‬ر‪،‬‬
‫وتعرضت قافلة للحجاج كان فيها الفقية الاباضي ابو زكريا بن ابي زكريا الاباضيإ ق‪3‬هـ‪9 /‬مر‬
‫للخط حين" غشيهم السلابة " إ‪13‬ر لولا انهم دافعوا عن أنفسهم ونجوا‪ ،‬وان كان الشك يراودنا في‬

                         ‫(‪ )1‬الشمف ي الإيعفح‪ ،‬جد‪ ،8‬ص‪ ،236‬ا ‪ ،‬سهي م‪.‬ن‪ ،‬جد‪ ،1‬ص ص ‪152 ،151‬‬
                                                        ‫(‪ )2‬ا ‪ ،‬العىفر م‪.‬ن‪ ،‬ص ص ‪.476 ،465 ،461‬‬
                                                                           ‫(‪ )3‬الة ف ي اليحلة‪ ،‬ص ‪0 210‬‬
                                                                                        ‫(‪ )4‬م‪.‬ن‪ ،‬ص ‪.83‬‬

                                        ‫(‪ )5‬طةفب ال غ اي لأف‪ ،‬قلأق اسمف لأي العيبي‪ ،‬لأيات‪ ،1970 ،‬ص ‪.146‬‬
                                                                        ‫(‪ )6‬ال رجلأني م‪.‬ن‪ ،‬جد‪ ،2‬ص‪412.‬‬

                                                                  ‫(‪ )7‬م‪.‬ن‪ ،‬جد‪ ،6‬ص‪ ،329‬جد‪ ،9‬ص ‪.286‬‬
                                                                               ‫(‪ )8‬الة ف ي م‪.‬ن‪ ،‬ص ‪192‬‬
                                                                                       ‫(‪ )9‬م‪.‬ن‪ ،‬ص ‪.191‬‬
                                                                                        ‫(‪ )10‬م‪.‬ن‪ ،‬ص‪.193‬‬
                                                                                 ‫(‪ )11‬القلأسي م‪.‬ن‪ ،‬ص‪.27‬‬
                                                                               ‫(‪ )12‬م‪.‬ن‪ ،‬ص ص ‪.41 ،40‬‬
                                                                             ‫(‪ )13‬ا ى ‪:‬طيف م‪.‬ن‪ ،‬ص‪.249‬‬

                                      ‫‪43‬‬
   39   40   41   42   43   44   45   46   47   48   49