Page 51 - كتاب تأبين حسنين ربيع
P. 51
العبد مسروقا ...أو يكون حرا قد استعبدوا معدا للموافقة"إ1ر
ونتوفر بهذا الخصوص علي وثيقتين هامتين لا تخلوان من دلالة تعودان الي فترة البحث،
تخص الاولي قضية عبد ادعي حريته عند القاضي الذي اثبت ذلك بالبحث والإشهاد ،فكتب عقد
استرعاء في اثبات حريته اشهد فيه شهودا انهم يعرفون هذا المملوك " بعينه واسمه ونعته..حرا بن
حرين ،لم تجر لأحد من النا عليه ملك ولا شبهة رق في علمهما الي حين شهادتهم هذه "إ2ر ،بينما
تخص الثانية امة اثبت احد القضاة حريتها حين رفعت اليه دعوتها بانها حرة مخطوفة من موضع
سمته له ،فكاتب القاضي هذا قاضي ذلك المكان الذي ذكر له ان بائعها قد " عدي عليها وباعها من
فلان ...وقهرها علي ذلك وهي الآن في ملكة فلان ولما ثبت ذلك عنده علي التمام احضر فلانا
المسمي مجلس نظره بالبلد المذكور ...فاقر بصحة ما نسب إليه ...ووصل تسديده بحرية فلانة
المذكورة وحكم بذلك وسرحها من ملك فلان المذكور"إ3ر.
ورغبة منهم في الإمعان في السرية والتكتم وضمانا لعدم انكشاف أمرهم اشتري بعق
البائعين من الخايفين والمغيرين علي المشترين للرقيل المخطوف ألا يخرجوا بهم من البلدة التي تم
البيع فيها ،وتسجيل البراءة من استحقاق الرقيل للحرية اذا انكش الأمر بمخالفة ذلك ،وهو ما تؤكده
بعق الوثائل ،فقد باع احدهم"جارية من رجل بشري ألا يخرج بها من المدينة ...فعلم مكروهه "إ4ر،
كما باع آخر عبدا لرجل واشتري عليه " الا يذهب به الي بلدة كذا ،وان ذهب به واستحل فيها فلا
يرجع عليه بدركه "،إ5ر ويبدو أن الرغبة في شراء هذا النوع من الرقيل بثمن بخس كانت وراء اقدام
المشترين علي الموافقة علي الشروي والتستر أحيانا علي مثل هذه التعديات.
خلاصة القول،إن تحولات العصر السياسية وما صاحبها من فتنة وصراعات عسكرية
قوضت اسس الامن وأيلقت العنان أمام عموم الفوضي وانتشار الاضطرابات ،قد جعلت بلاد
المغرب مرتعا خصبا أمام السلابة والشطار والذعار لممارسة خط الأحرار واسترقاقهم بمجموع
الأقطار المغربية ،ليتأكد القول ومن خلال ما أفصحت عنه الإشارات السابقة عن شيوع هذه الظاهرة
لتنال أفراد المجتمع ذكرانا وإناثا ،أيفالا وشيوخا ،حجاجا وتجارا ،فقهاء ومتصوفة ،سواء علي
المستوي الداخلي لبلاد المغرب ،أو عبر الجبهات الخارجية ،مما يجعلنا لا نطمئن إلي ما أورده احد
المؤرخين القدامي من الإلحام علي شيوع الأمن في ربوع المغرب الاسلامي خلال عصوره
الوسطي لدرجة أن " يسير الراكب حيث شاء من بلاد العدوة في يرقها من جبلها وسهلها آمنا في
نفسه وماله" إ6ر.
كما تدعو الإشارات السابقة عن الخط -باعتباره ظاهرة شائعة ببلاد المغرب -إلي رد احد
التخريجات التي أثبتها احد الباحثين إ7ر لظاهرة الرق الاسلامي مفادها أن المجتمعات الاسلامية فى
عصورها الوسطي لم تعرف ظاهرة خط الأحرار ،إذ لا يعدو هذا القول إلا حكما متسرعا اعتمد
في صياغته علي تحليل نظري في محتويات عينية من مصنفات العصر ذات الطابع التنظيري ،دون
معاينة حقيقية لبنية المجتمعات مما يحجب كثيرا من حقائل التاريخ السايعة ،ونزعم أن ما تم
استعراضه من نصوص متعددة المشارب كفيل بالتنبيه علي هذا المنزلل التاريخي ،والحسم في هذه
المسألة علي الأقل فيما يتعلل ببلاد المغرب الاسلامي خلال القرون الأربعة الأولي للإسلام.
بيد أن ذلك لا يدعنا نجاري ما ادعاه باحث آخر لموضوع الرق بان الفقه الاسلامي لم يترك
نصوصا رادعة تتصدي بحوادث الخط واسترقاق الأحرار ،ففضلا عما سبل إثباته من نصوص
تدحق هذا الرأي ،نسجل نصوصا أخري تؤكد وتدل صراحة علي وقوف الفقه – علي الأقل من
الناحية النظرية – للتصدي لمثل هذه الظاهرة ،وتشديد الفقهاء والمفتين بنوع من الحزم علي قوة
( )1السقىي ي اب ال سية ،شي طىلان اللأفي يا نسفا،ط .بفرس ،1931 ،ص.56
( )2ا ،سهي م.ن ،جد ،1ص.192
( )3ا د ،سدعلأ المدفلري اثدفئق ا د ،سدعلأ ،ح ىدىط بفلهلأئدة المصدية العفحدة للرةدفب ،دت رقدا 308قد لأمدىر
يبي ،حلأكيا لألا ،3002ارقة ،160 ،159ا اي المل ق رقا (.)1
( )4المةلأى م.ن ،ارقة .70
( )5فس .
( )6ا ،فحب الصلاا الم ،بفلاحفحة ،قلأق ي الهف م النف:م ،ار الغيب الاسلاحي ،ط ،1987 ،3ص.210
(Ali Abd-El wahed (W): Contribution a une theore sociologique de l'esclavage, )7
.Paris,1931p. 114
50