Page 27 - كتاب تأبين حسنين ربيع
P. 27

‫الفندلاوى والحلحول الذى لم يطل بهما الأجل ليدخلا المدينة المقدسة بعد تحريرها من دنس الإحتلال‬
    ‫الصليبى الغاشم‪.‬‬
‫يبقى أن نذكر أنه بعد حوالى ‪ 80‬عام من استشهاد الحلحولى ورفيقه فى عام ‪1148‬م‪ ،‬كان‬
‫موينه فلسطين يتعر لهجمة شرسة وغزو صهيونى واستيطانى فى عام ‪1948‬م‪ ،‬حيث أقيمت‬
‫دويلة إسرائيل على أر فلسطين‪ ،‬وتكرر القهر والقمع والتطهير العرقى الذى اعترف به‬
‫المؤرخـون الإسرائيليـون المرجعيـون‪ Revised‬مثل بنى موريس‪ ،‬وإيفى شلايم‪ ،‬وإيلان بابيهإ‪37‬ر‬

                                                                                    ‫وغيرهم‪.‬‬
‫ونخلص من البحث إلى عدة نتائج‪ ،‬يمكن إجمالها فى الآتىو‬
‫البعد الشعبى أسا لدراسة عصر الحروب الصليبية‪ ،‬ومن المهم البحث عن الرموز القيادية‬
‫التى حركت عقول وقلوب الجماهير‪ ،‬ومن الممكن أن تجدها فى الفقهاء والمتصوفة الذين لم‬        ‫‪-‬‬

‫يسعوا إلى آية مناصب‪ ،‬وكانوا متصلين بالحشود البشرية‪ ،‬وساهموا فى إيقاظ الهمم للجهاد؛‬
‫وأن تجنب دراسة ذلك الجنب من شأنه أن يجعلنا ندور فى دائرة مغلقة من كتابة تاريخ القيادات‬
    ‫السياسية المسلمة دون القاعدة الجماهيرية‪.‬‬
‫رفق الخيال الشعبى موت البطل‪ ،‬بل جعله فى أعلى مكانة لأنه استشهد ليحيا عند ربه‪ ،‬ولذلك‬
‫كان العلمان المذكوران الغائبين الحاضرين بل تتوقا على حكام دمشل السياسيين مثل معين‬       ‫‪-‬‬

    ‫الدين أنر‪ ،‬ومجير الدين أبل‪.‬‬
‫إن العلمين المذكورين كانا جزءا لا يتجزأ من قافلة الجهاد الطويلة السابقة واللاحقة‪ ،‬ومن‬
‫المفتر أن استشهادهما على ذلك النحو الدراماتيكى‪ ،‬عمل وجودهما فى المصادر التاريخية؛‬       ‫‪-‬‬

‫فلا عجب إن أورد تلك الحادثة عدد من المؤرخين المسلمين‪ ،‬على الرغم من اقتضاب‬
‫تفاصيلها‪ ،‬بل ظلت تردد المصادر أمرهما لعدة قرون تالية‪ ،‬مما عكس دوام الرمز الشعبى‪،‬‬
‫وعدم موته‪ ،‬ويؤكد أن الشهيد يتحدى الموت مرتين فى لحظة استشهاده‪ ،‬وفى استمراريته‬
    ‫كرمز فى التاريخ‪.‬‬
‫ذلك عر عن الفندلاوى والحلحولى كبطلين شعبيين من عصر الحروب الصليبية‪.‬‬

‫‪26‬‬
   22   23   24   25   26   27   28   29   30   31   32