Page 90 - كتاب يوحنا الدمشقي رائد العدوان الفكري على الإسلام
P. 90
ﺃﻥ ﺇﻳﺰﻳﺲ ﻗﺎﻣﺖ ﲜﻤﻊ ﺃﺷﻼﺀ ﺯﻭﺟﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﻗﺘﻠﻪ ﻭﻗﺮﺃﺕ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻳﺬ ﻓﺪﺑﺖ ﻓﻴﻪ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ،ﻟﻜﻦ
ﺃﻭﺯﻳﺮﻳﺲ ﺭﻓﺾ ﺃﻥ ﻳﻌﻮﺩ ﺇﱃ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻓﻀﻞ ﺃﻥ ﻳﺒﻘﻰ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻵﺧﺮ ﳛﲕ ﺍﳌﻮﺗﻰ ﺧﻼﻝ ﺭﺣﻠﺘﻬﻢ ﰲ
ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﺎﱂ ،ﻭﻳﻜﺴﺒﻬﻢ ﺟﺎﻧﺒﺎﹰ ﻣﻦ ﺧﻠﻮﺩﻩ .ﻭﺭﻏﻢ ﺫﻟﻚ ﻓﻴﻤﻜﻨﻪ ﺃﻥ ﻳﺘﺠﺴﺪ ﰲ ﺻﻮﺭﺓ ﺃﻱ ﺇﻟﻪ ﻣﺼـﺮﻱ
ﺁﺧﺮ ،ﻭﺑﺬﻟﻚ ﺷﺎﻋﺖ ﰲ ﺍﻟﺪﻳﺎﻧﺔ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ ﺍﻟﻘﺪﳝﺔ ﺃﺳﺮﺓ ﺇﳍﻴﺔ ﺛﻼﺛﻴﺔ ﻣﻜﻮﻧﺔ ﻣﻦ ﺃﺏ ﻭﺃﻡ ﻭﺍﺑﻦ).(٢٤٤
ﻭﻗﺪ ﺍﻧﺘﺸﺮﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﺍﳋﺮﺍﻓﻴﺔ ﺑﲔ ﺷﻌﻮﺏ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻷﺑﻴﺾ ﺍﳌﺘﻮﺳﻂ ،ﻓﺄﺧـﺬﻭﺍ ﳛﺘﻔﻠـﻮﻥ
ﺑﺒﻌﺚ ﺃﺯﻭﻳﺮﻳﺲ ﰲ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﳌﺪﻥ ﺍﻟﻜﺒﲑﺓ .ﻭﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺮﻣﺰﻭﻥ ﺇﱃ ﺇﻳﺰﻳﺲ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻭﲤﺎﺛﻴﻞ ﺗﺼـﻮﺭﻫﺎ ﻭﻫـﻲ
ﲢﻤﻞ ﺃﺑﻨﻬﺎ ﺣﻮﺭﺱ ﺑﲔ ﺫﺭﺍﻋﻴﻬﺎ ﻭﻳﻨﺎﺩﻭﺎ ﰲ ﺍﻷﺩﻋﻴﺔ ﲟﻠﻜﺔ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺃﻡ ﺍﻹﻟـﻪ ) .(٢٤٥ﻭﻳﺘﻀـﺢ ﺗـﺄﺛﺮ
ﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﺬﺍ ﺣﲔ ﺻﻮﺭﻭﺍ ﻣﺮﱘ ﺍﻟﻌﺬﺭﺍﺀ ﻭﻫﻲ ﲢﻤﻞ ﺍﳌﺴﻴﺢ ﻃﻔﻼﹰ ﺑﲔ ﺫﺭﺍﻋﻴﻬﺎ .ﻭﻋﺒـ ﺪ ﺍﻟﺒﻄﺎﳌـﺔ –
ﺧﻠﻔﺎﺀ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭ – ﰲ ﻣﺼﺮ ﺛﺎﻟﻮﺛﹰﺎ ﻣﻜﻮﻧﹰﺎ ﻣﻦ ﺍﻹﻟﻪ ﺳﲑﺍﺑﻴﺲ ،ﻭﺇﻳﺰﻳﺲ ،ﻭﻫﺎﺭﺑﻮﻛﺮﺍﺗﺲ ،ﻭﻫﻮ ﺻﻮﺭﺓ
ﻣﻘﺘﺒﺴﺔ ﻣﻦ ﺃﻭﺯﻳﺮﻳﺲ ﻭﺇﻳﺰﻳﺲ ﻭﺣﻮﺭﺱ) . (٢٤٦ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻷﻏﺮﻳﻖ ﺍﻋﺘﻘﺪﻭﺍ ﰲ ﺇﻟـﻪ ﻣﺜﻠـﺚ ﺍﻷﻗـﺎﻧﻴﻢ،
ﻭﺍﻋﺘﻘﺪ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻥ ﺍﻟﻮﺛﻨﻴﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﺑﻌﺪﻫﻢ ) .(٢٤٧ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻳﺘﻀﺢ ﺗﺄﺛﲑ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻘﺎﺋﺪ ﺍﻟﻮﺛﻨﻴﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ
ﰲ ﻋﻘﻴﺪﺓ ﺍﻟﺜﺎﻟﻮﺙ ﺍﻟﻨﺼﺮﺍﻧﻴﺔ ﺍﻟﺒﺎﻃﻠﺔ .ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻣﻌﲎ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﳋﺎﻟﻘﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﻭﺍﻟﱵ ﻳﻌﺘﱪﻭﺎ ﻫﻲ
ﺍﳌﺴﻴﺢ ﻣﺴﺘﻤﺪﺓ ﺃﻳﻀﹰﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺛﻨﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ،ﻓﻔﻲ ﻋﻘﺎﺋﺪ ﻣﺼﺮ ﺍﻟﻘﺪﳝﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﻼﻫﻮﺕ ﻫﻮ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ،ﻭﺃﻥ
ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﺻﺎﺭ ﺎ .ﻭﻫﺬﺍ ﺟﺎﺀ ﰲ ﻧﺼﻮﺻﻬﺎ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ )ﺇﱐ ﺃﻋﻠﻢ ﺑﺴﺮ ﻻﻫﻮﺕ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ،ﻭﻫﻲ ﻛﻠﻤـﺔ ﺭﺏ
ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺼﺎﻧﻊ ﳍﺎ ،ﻓﺎﻟﻜﻠﻤﺔ ﻫﻲ ﺍﻷﻗﻨﻮﻡ ﺍﻷﻭﻝ ﺑﻌﺪ ﺍﻹﻟﻪ ﻭﻫﻲ ﻏﲑ ﳐﻠﻮﻗﺔ ﻭﻫﻲ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﺍﳌﻄﻠﻖ
ﻋﻠﻰ ﻛﺎﻓﺔ ﺍﳌﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ( ).(٢٤٨
) (٢٤٤ﺳﻠﻴﻢ ﺣﺴﻦ :ﻣﺼﺮ ﺍﻟﻘﺪﳝﺔ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ١٩٤٠ﻡ ،ﺝ /١ﺹ ٢٢٥-٢٢١؛ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺳﻴﻒ ﺍﻟـﺪﻳﻦ :ﻣﺼـﺮ ﰲ
ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ ﺍﻟﻘﺪﳝﺔ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ١٩٤١ﺹ ٣٨٥ – ١٨٣؛ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﺻﺎﱀ :ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻷﺩﱏ ﺍﻟﻘﺪﱘ ،ﻣﺼﺮ ﻭﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ،
ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ١٩٧٣ﻡ ،ﺝ /١ﺹ ٣٠٤؛ ﳏﻤﺪ ﺃﻧﻮﺭ ﺷﻜﺮﻱ ،ﳏﺎﺿﺮﺍﺕ ﰲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺸـﺮﻕ ﺍﻷﺩﱏ ﺍﻟﻘـﺪﱘ ،ﻗﺴـﻢ
ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺑﻜﻠﻴﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﲟﻜﺔ ﺍﳌﻜﺮﻣﺔ ١٣٩٢ ،ﻫـ ،ﺹ. ٦٥
) (٢٤٥ﻭﻝ .ﺩﻳﻮﺭﺍﻧﺖ :ﻗﺼﺔ ﺍﳊﻀﺎﺭﺓ ،ﺗﺮﲨﺔ ﳏﻤﺪ ﺑﺪﺭﺍﻥ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ١٩٦٤ ،ﻡ ،ﺝ /٢ﺹ. ٢١٦٠
) (٢٤٦ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻧﺼﺤﻲ :ﻣﺼﺮ ﰲ ﻋﻬﺪ ﺍﻟﺒﻄﺎﳌﺔ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ١٩٦٠ ،ﻡ ،ﺝ/٢ﺹ. ١٨٩-١٨٦
) (٢٤٧ﳏﻤﺪ ﺍﻟﺘﻨﲑ :ﺍﻟﻌﻘﺎﺋﺪ ﺍﻟﻮﺛﻨﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﺪﻳﺎﻧﺔ ﺍﻟﻨﺼﺮﺍﻧﻴﺔ ﺹ. ٤٣-٤٢
) (٢٤٨ﳏﻤﺪ ﺍﻟﺘﻨﲑ :ﺍﳌﺮﺟﻊ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ،ﺹ. ٤١
٨٨
