Page 92 - كتاب يوحنا الدمشقي رائد العدوان الفكري على الإسلام
P. 92
ﺍﳌﺴﻴﺤﻴﺔ ،ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﲨﻌﻬﺎ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻈﺮﺓ ﺍﻟﺸﺎﻣﻠﺔ ﺍﻤﻠﺔ ،ﺑﲔ ﺍﻷﻟﻮﻫﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﺗﺒﺪﻭ ﰲ ﺍﻟﺪﻳﺎﻧﺔ ﺍﳍﻠﻴﻨﻴـﺔ
ﺍﻟﱵ ﺗﺆﻣﻦ ﺑﺘﻌﺪﺩ ﺍﻵﳍﺔ ،ﻭﺑﲔ ﺻﻮﺭﺎ ﺃﻳﻀﺎﹰ ﰲ ﺍﻟﺪﻳﺎﻧﺔ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﺘﻘﺪ ﺑﻮﺣﺪﺍﻧﻴـﺔ ﺍﷲ ،ﺳـﺤﺮﹰﺍ
ﻃﺎﻏﻴﺎﹰ ﻛﺎﻥ ﺣﻘﻴﻘﹰﺎ ﺑﺄﻥ ﻳﺄﺳﺮ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﺍﳍﻠﻴﻨﻴﺔ .ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ ﰲ ﻭﺳﻊ ﺍﻟﺪﻳﺎﻧﺔ ﺍﳌﺴﻴﺤﻴﺔ ﺫﺍـﺎ ﺃﻥ
ﺗﺸﻖ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﳍﻠﻴﲏ ،ﻟﻮ ﱂ ﺗﺘﺨﺬ ﻟﻨﻔﺴﻬﺎ ﺛﻴﺎﺑﹰﺎ ﻫﻠﻴﻨﻴﺔ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻓﻌﻠﺖ ﺍﻟﺪﻳﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟـﱵ ﺗﺼـﺪﺕ
ﳌﻨﺎﻓﺴﺘﻬﺎ().(٢٥١
ﻭﱂ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﺿﻼﻝ ﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﻋﻠﻰ ﻋﻘﻴﺪﺓ ﺍﻟﺜﺎﻟﻮﺙ ﻭﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺘﺠ ﺴﺪ ﺍﷲ -ﺗﻌﺎﱃ ﺍﷲ ﻋﻤـﺎ ﻳﻘـﻮﻝ
ﺍﳌﺒﻄﻠﻮﻥ ﻋﻠﻮﹰﺍ ﻛﺒﲑﺍﹰ – ﺍﳌﺴﺘﻤﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺛﻨﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺎﺕ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻛﺎﳍﻠﻴﻨﻴﺔ ﻭﻏﲑﻫﺎ ،ﺑﻞ ﻟﻘﺪ ﺿـﻠﻮﺍ
ﺣﱴ ﰲ ﺍﻟﺼﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﺯﻋﻤﻮﺍ ﺃﺎ ﲤﺜﻞ ﺍﳌﺴﻴﺢ ، ﻭﺍﻟﱵ ﺯﻳﻨﻮﺍ ﺎ ﺍﻟﻜﻨـﺎﺋﺲ ﻭﺃﺻـﺒﺤﻮﺍ ﻳﺮﻛﻌـﻮﻥ
ﻭﻳﺴﺠﺪﻭﻥ ﺃﻣﺎﻣﻬﺎ .ﻓﺘﻠﻚ ﺍﻟﺼﻮﺭ ﻻ ﲤﺜﻞ ﺍﳌﺴﻴﺢ ﺑﺄﻱ ﺣﺎﻝ ﺑﻞ ﻫﻲ ﺻﻮﺭ ﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻫﻠﻴﻨﻴﺔ ﺃﺳـﻄﻮﺭﻳﺔ
ﺣﻴﺚ ﻳﻘﺮﺭ ﺗﻮﻳﻨﱯ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﻓﻴﻘﻮﻝ) :ﻓﻜﺎﻥ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺍﳌﺴﻴﺢ ﻳﺒﺪﻭ ﰲ ﺃﻗﺪﻡ ﺍﻟﺼـﻮﺭ ﺍﳌﻌﺮﻭﻓـﺔ ﺍﻟـﱵ
ﺧﻄﺘﻬﺎ ﺃﻳﺪﻱ ﻣﺴﻴﺤﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﺒﻪ ﺃﻭﺭﻓﻴﻮﺱ Orpheusﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻧﺒﻴﺎﹰ ﻭﺷﺎﻋﺮﺍﹰ ﻭﻣﻮﺳﻴﻘﻴﺎﹰ ﺃﺳـﻄﻮﺭﻳﺎﹰ
ﻫﻠﻴﻨﻴﺎﹰ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﻭﺍﻗﻔﺎﹰ ﻳﺴﺤﺮ ﺩﻭﺍﺏ ﺍﳊﻘﻞ ﺑﺄﻧﻐﺎﻡ ﻗﻴﺜﺎﺭﺗﻪ ،ﻭﻣﻦ ﺧﻠﻔﻪ ﻣﺸﺎﻫﺪ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﱵ ﻧﻘﻠـﺖ
ﺩﻭﻥ ﲢﺮﻳﻒ ﺃﻭ ﺗﻨﻤﻴﻖ ( ).(٢٥٢
ﻭﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻳﺜﲑ ﻳﻮﺣﻨﺎ ﺍﻟﺪﻣﺸﻘﻲ ﰲ ﻓﺼﻠﻪ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﻭﺗﻌﺪﺩ ﺍﻟﺰﻭﺟﺎﺕ ﰲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﰒ ﺗﺼﻞ ﺑـﻪ
ﺍﳋﺴﺔ ﻭﺍﳊﻄﺔ ﻭﺍﻟﺪﻧﺎﺀﺓ ﰲ ﳎﺎﻝ ﺍﻟﺘﺸﻮﻳﻪ ﻭﺍﻻﻓﺘﺮﺍﺀ ﻭﺍﻟﺘﻠﻔﻴﻖ ﺇﱃ ﺣﺪ ﺍﻹﻓﻚ ﻭﺍﻟﺒﻬﺘﺎﻥ ﻋﻠـﻰ ﺍﻟـﻨﱯ
ﻭﺍﺎﻣﻪ ﺑﺎﻟﺰﻧﺎ ﻭﻗﻮﻝ ﺍﻟﻔﺤﺶ ﻭﻓﻌﻠﻪ ﻓﻴﻘﻮﻝ ﻣﺎ ﻧﺼﻪ ) :ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﻣﻌﻤﻴﺚ ، Mamethﻣﺜﻠﻤـﺎ ﹸﺃﺷـﲑ
) (٢٥١ﺍﳌﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ ﺹ. ٢٤٨
) (٢٥٢ﺍﳌﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ ﺹ ٢٤٨؛ ﻭﻻ ﻳﺘﺴﻊ ﺍﳌﻘﺎﻡ ﻫﻨﺎ ﻟﺘﻮﺿﻴﺢ ﺗﺄﺛﺮ ﺍﻟﻨﺼﺮﺍﻧﻴﺔ ﺑﺎﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻧﻴﺔ ﻭﺇﳕﺎ ﻧﺸﲑ ﻓﻘﻂ ﳌﺎ ﻗﺎﻟـﻪ
ﺃﺣﺪ ﺩﺍﺭﺳﻲ ﺣﻀﺎﺭﺓ ﺭﻭﻣﺎ ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻝ) :ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻴﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻡ ﺑﻪ ﺍﻵﺑﺎﺀ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﻮﻥ ﻭﺍﻟﻼﺗﲔ ...ﻛﺎﻥ ﻣـﻦ
ﺷﺄﻧﻪ ﺇﺩﻣﺎﺝ ﺍﳌﺴﻴﺤﻴﺔ ﺑﺎﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻘﺪﳝﺔ ﳑﺎ ﺟﻌﻞ ﰲ ﻣﻜﻨﺔ ﺍﳌﺴﻴﺤﻴﺔ ﺃﻥ ﺗﻨﺎﻝ ﻗﺒﻮﻻﹰ ﻋﺎﻣـﺎﹰ ﰲ ﺍﻟﻌـﺎﱂ ﺍﻟﺮﻭﻣـﺎﱐ ﻭﺃﻥ
ﺗﻜﺘﺐ ﳍﺎ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺑﻌﺪ ﺳﻘﻮﻃﻪ ﻭﺍﻴﺎﺭﻩ ﻭﺃﻥ ﺗﺼﺒﺢ ﺃﺷﺪ ﺍﻟﻌﻮﺍﻣﻞ ﻓﺎﻋﻠﻴﺔ ﰲ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻐﺮﺏ ( ﺍﻧﻈﺮ ﺩﻭﻧﺎﻟـﺪ .ﺭ .ﺩﻭﱄ:
ﺣﻀﺎﺭﺓ ﺭﻭﻣﺎ ،ﺗﺮﲨﺔ ﲨﻴﻞ ﺍﻟﺬﻫﱯ ،ﻭﻓﺎﺭﻭﻕ ﻓﺮﻳﺪ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ١٩٦٤ﻡ ،ﺹ. ٣٩٠
٩٠
