Page 89 - كتاب يوحنا الدمشقي رائد العدوان الفكري على الإسلام
P. 89
ﺍﷲ ﲝﻔﻈﻪ (٢٤٢) L m l k j i h g Mﻭﻣﻦ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﱵ ﻫﻴﺄﻫﺎ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﳊﻔﻆ
ﺩﻳﻦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺃﻧﻪ :
أوﻻً :ﺃﻧﺰﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻴﻪ ﳏﻤﺪ ﰲ ﻣﻜﺔ ﻭﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﺣﻴﺚ ﺗﺴﻮﺩ ﺍﻷﻣﻴﺔ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟـﺒﻼﺩ ﻭﻻ ﺗﻮﺟـﺪ ـﺎ
ﻓﻠﺴﻔﺎﺕ ﻓﻜﺮﻳﺔ ﺳﺎﺑﻘﺔ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﺆﺛﺮ ﰲ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﺍﳉﺪﻳﺪﺓ .
وﺛﺎﻧﯿﺎً :ﺃﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻗﺎﻣﺖ ﺩﻭﻟﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﺍﻟﻨﱯ ﻭﻣﺎ ﺃﻥ ﺍﻧﺘﻘﻞ ﺇﱃ ﺍﻟﺮﻓﻴﻖ ﺍﻷﻋﻠـﻰ ﺣـﱴ ﻭﺍﺻـﻞ
ﺧﻠﻔﺎﺅﻩ ﺍﻟﻨﻬﻮﺽ ﺑﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﻫﺰﻣﻮﺍ ﺍﻟﺮﻭﻡ ﻭﺍﻟﻔﺮﺱ ﻭﳘﺎ ﺃﻛﱪ ﺩﻭﻟﺘﲔ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ – ﺣﻴﻨـﺬﺍﻙ
– ﻭﱂ ﳜﻀﻊ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﰲ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﻋﻬﺪﻩ ﻟﺪﻭﻟﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺣﱴ ﺗﺘﺄﺛﺮ ﻋﻘﺎﺋﺪﻩ ﺑﻌﻘﺎﺋﺪ ﻭﺃﻓﻜﺎﺭ ﺩﻭﻟﺔ ﺃﺧﺮﻯ
ﻣﻬﻴﻤﻨﺔ ،ﻭﱂ ﻳﻌﺪ ﲟﻘﺪﻭﺭ ﺃﺣﺪ ﺃﻥ ﻳﺆﺛﺮ ﰲ ﻋﻘﺎﺋﺪﻩ ﺃﻭ ﳛﺮﻓﻬﺎ .ﻭﻫﺬﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻜـﺲ ﲤﺎﻣـﺎﹰ ﻣـﻦ
ﺍﻟﻨﺼﺮﺍﻧﻴﺔ ،ﺍﻟﱵ ﻇﻬﺮﺕ ﻭﺍﻧﺘﺸﺮﺕ ﰲ ﺑﻼﺩ ﺗﺴﻮﺩﻫﺎ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍﳍﻠﻴﻨﻴﺔ ﻭﺍﳌﻌﺘﻘـﺪﺍﺕ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻧﻴـﺔ
ﻭﻏﲑﻫﺎ ﻓﺘﺄﺛﺮﺕ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺎﺕ ﺇﱃ ﺃﺑﻌﺪ ﺣﺪ .ﻭﱂ ﺗﻘﻢ ﻟﻠﻨﺼﺎﺭﻯ ﺩﻭﻟﺔ ﻣﺜﻞ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻋﻠﻰ ﻳـﺪ
ﺗﻼﻣﻴﺬ ﺍﳌﺴﻴﺢ ..ﻓﺨﻀﻌﺖ ﺍﻟﻨﺼﺮﺍﻧﻴﺔ ﻣﻨﺬ ﻇﻬﻮﺭﻫﺎ ﻟﻺﻣﱪﺍﻃﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﳊﻀﺎﺭﺓ ﺍﳍﻠﻴﻨﻴـﺔ
ﻗﺮﻭﻧﺎﹰ ﻛﺜﲑﺓ ﻓﺘﺄﺛﺮﺕ ﺍﻟﻌﻘﺎﺋﺪ ﺍﻟﻨﺼﺮﺍﻧﻴﺔ ﺑﻌﻘﺎﺋﺪ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻥ ﻭﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻥ ﻭﻓﻠﺴﻔﺘﻬﻢ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﺃﺛﺒـﺖ
ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻲ .
ﻓﻌﻘﻴﺪﺓ ﺍﻟﺜﺎﻟﻮﺙ )ﺍﻷﺏ ﻭﺍﻻﺑﻦ ﻭﺭﻭﺡ ﺍﻟﻘﺪﺱ ( – ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﳌﺜﺎﻝ – ﺍﻟﱵ ﺗﻘﻮﻡ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ
ﺍﻟﻨﺼﺮﺍﻧﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﱵ ﺍﺑﺘﺪﻋﺘﻬﺎ ﻛﻨﻴﺴﺔ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ ،ﳍﺎ ﺟﺬﻭﺭﻫﺎ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪﺓ ﰲ ﺃﻋﻤﺎﻕ ﺍﻟﺪﻳﺎﻧـﺔ ﺍﻟﻔﺮﻋﻮﻧﻴـﺔ
ﺍﻟﻘﺪﳝﺔ ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻥ ﻛﻬﻨﺔ ﳑﻔﻴﺲ ﰲ ﻣﺼﺮ ﺍﻟﻘﺪﳝﺔ ﻳﻠﻘﻨﻮﻥ ﺗﻼﻣﻴﺬﻫﻢ ﻋﻘﻴﺪﺓ ﺗﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﺁﳍﺔ ﻗﺎﺋﻠﲔ
)ﺇﻥ ﺍﻷﻭﻝ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﺜﺎﱐ ،ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ﻣﻊ ﺍﻷﻭﻝ ﺧﻠﻘﹰﺎ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻭﺑﺬﻟﻚ ﰎ ﺍﻟﺜﺎﻟﻮﺙ ﺍﳌﻘﺪﺱ ( ).(٢٤٣
ﻭﺗﺰﻋﻢ ﻋﻘﻴﺪﺓ ﺍﻟﺜﺎﻟﻮﺙ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ ﺍﻟﻘﺪﳝﺔ ﺃﻥ ﺍﻹﻟﻪ ﺃﻭ ﺯﻳﺮﻳﺲ ﻧﺰﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ ﺇﻧﺴـﺎﻥ
ﻟﻜﻲ ﻳﻌﻠﻢ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻳﺮﺷﺪﻫﻢ ﺇﱃ ﻣﺎ ﳛﻘﻖ ﳍﻢ ﺍﶈﺒﺔ ﻭﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﻭﺃﻥ ﺍﳌﻌﺒﻮﺩﺓ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ ﺇﻳﺰﻳﺲ ﻋﺸﻘﺖ ﺍﻹﻟﻪ
ﺃﻭ ﺯﻳﺮﻳﺲ ﻓﺄﳒﺒﺖ ﻣﻨﻪ ﺍﻹﻟﻪ ﺣﻮﺭﺱ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻧﺘﻘﻢ ﻷﺑﻴﻪ ﻣﻦ ﻗﺎﺗﻠﻪ ،ﻭﺃﺻﺒﺢ ﻗﺮﻳﺒﺎﹰ ﺇﱃ ﻗﻠﻮﺏ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻷﻧـﻪ
ﳝﺜﻞ ﺍﳊﺐ ﻭﺍﳊﻨﺎﻥ ﻭﻳﻨﺸﺮ ﺍﻟﺼﻼﺡ ﻭﺍﻟﱪ .ﰒ ﺇﻧﻪ ﺻﻌﺪ ﺇﱃ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻭﺃﺻﺒﺢ ﻫﻮ ﻭﺍﻷﺏ ﻭﺍﺣﺪﺍﹰ ،ﺫﻟﻚ
) (٢٤٢ﺍﳊﺠﺮ . ٩ :
) (٢٤٣ﳏﻤﺪ ﻃﺎﻫﺮ ﺍﻟﺘﻨﲑ :ﺍﻟﻌﻘﺎﺋﺪ ﺍﻟﻮﺛﻨﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﺪﻳﺎﻧﺔ ﺍﻟﻨﺼﺮﺍﻧﻴﺔ ،ﻁ ﺍﻟﻜﻮﻳﺖ ١٤٠٨ﻫـ ،ﺹ. ٤٠-٣٩
٨٧
