Page 82 - كتاب يوحنا الدمشقي رائد العدوان الفكري على الإسلام
P. 82
ﻭﺇﺫﺍ ﺗﺄﻣﻠﻨﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺺ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﳔﺮﺝ ﺑﺎﻟﻮﻗﻔﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ :
اﻷوﻟ ﻰ :ﺇﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﺺ ﻳﺘﺼﻒ ﺑﺎﻟﺘﺸﻮﻳﻪ ﻭﺍﻟﺘﻠﻔﻴﻖ ﻣﻦ ﺃﻭﻟﻪ ﺇﱃ ﺁﺧﺮﻩ ،ﻓﻬﻮ ﻳﺰﻋﻢ – ﰲ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ
– ﺃﻥ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻳﺸﻮﻫﻮﻥ ﲰﻌﺔ ﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﺑﻮﺻﻔﻬﻢ ﻭﺛﻨﻴﲔ ﻷﻢ ﻳﺒﺠﻠـﻮﻥ ﺍﻟﺼـﻠﻴﺐ .ﻭﺍﳊﻘﻴﻘـﺔ ﺃﻥ
ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻻ ﻳﻘﻮﻣﻮﻥ ﺑﻌﻤﻠﻴﺔ ﺗﺸﻮﻳﻪ – ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﻳﻮﺣﻨﺎ ﺍﻟﺪﻣﺸﻘﻲ – ﻭﺇﳕﺎ ﻳﻘـﺮﺭﻭﻥ ﺣﻘﻴﻘـﺔ ﻛـﱪﻯ
ﻳﺴﺘﺤﻴﻞ ﺩﺣﻀﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﺗﺜﺒﺘﻬﺎ ﻭﺗﺸﻬﺪ ﺎ ﻋﺒﺎﺩﻢ ﻭﳑﺎﺭﺳﺘﻬﻢ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻋﻠـﻰ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﻮﺍﻗـﻊ .
ﻓﺎﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﻳﻌﺒﺪﻭﻥ ﺍﻟﺼﻠﻴﺐ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻭﻳﺴﺠﺪﻭﻥ ﻟﻪ ﻭﻳﻌﺘﻘﺪﻭﻥ ﰲ ﻧﻔﻌﻪ ﻭﺿـﺮﻩ ﻛﻤـﺎ ﻫـﻮ
ﻭﺍﺿﺢ ﰲ ﻧﺺ ﻳﻮﺣﻨﺎ ﺍﻟﺪﻣﺸﻘﻲ ﻧﻔﺴﻪ .ﻟﻴﺲ ﻫﺬﺍ ﻓﺤﺴﺐ ،ﺑﻞ ﻟﻘﺪ ﺻﻮﺭ ﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﺍﻟﺼـﻮﺭ ﻭﳓﺘـﻮﺍ
ﺍﻟﺘﻤﺎﺛﻴﻞ – ﺍﻟﱵ ﺃﻃﻠﻘﻮﺍ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻷﻳﻘﻮﻧﺎﺕ – ﻟﻠﻤﺴﻴﺢ ﻭﳌﺮﱘ ﺍﻟﻌﺬﺭﺍﺀ ﻭﻟﺴﺎﺋﺮ ﺍﻟﻘﺪﻳﺴﲔ ﻭﺍﻟﺮﻫﺒﺎﻥ
ﺍﳌﺸﻬﻮﺭﻳﻦ ،ﻭﺯﻳﻨﻮﺍ ﻛﻞ ﺍﻟﻜﻨﺎﺋﺲ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻟﺼﻮﺭ ﻭﺍﻷﻳﻘﻮﻧﺎﺕ ،ﻭﺃﺻﺒﺤﻮﺍ ﻳﺮﻛﻌﻮﻥ ﻭﻳﺴﺠﺪﻭﻥ ﺃﻣﺎﻣﻬـﺎ
ﰲ ﺧﺸﻮﻉ ﻭﺗﺬﻟﻞ ﻭﻳﺴﺄﻟﻮﺎ ﺟﻠﺐ ﺍﻟﻨﻔﻊ ﻭﺩﻓﻊ ﺍﻟﻀﺮ) . (٢٢٣ﻭﺧﺮﺟﻮﺍ ﺑﺬﻟﻚ ﻋﻦ ﻭﺣﺪﺍﻧﻴﺔ ﺍﷲ ﺗﻌـﺎﱃ
ﻭﺍﻧﺘﻬﻜﻮﺍ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﺍﻟﻮﺻﻴﺘﲔ ﺍﻷﻭﱃ ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺻﺎﻳﺎ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﺍﻟﱵ ﺟﺎﺀﺕ ﰲ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﳌﻘـﺪﺱ
ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺪﻋﻮﻥ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﺑﻪ ﻭﺍﻻﻟﺘﺰﺍﻡ ﺑﺸﺮﺍﺋﻌﻪ ﻭﻭﺻﺎﻳﺎﻩ ﻻﺳﻴﻤﺎ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻮﺻﺎﻳﺎ ﺍﳌﺸﻬﻮﺭﺓ ﺣﻴـﺚ ﺟـﺎﺀ ﰲ
ﺍﻟﻮﺻﻴﺘﲔ ﺍﻷﻭﱃ ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺃﻥ ﺍﷲ ﻗﺎﻝ ﳌﻮﺳﻰ ) :ﺃﻧﺎ ﺍﻟﺮﺏ ﺇﳍﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺧﺮﺟﻚ ﻣﻦ ﺃﺭﺽ ﻣﺼـﺮ ﻣـﻦ
ﺑﻴﺖ ﺍﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ .ﻻ ﻳﻜﻦ ﻟﻚ ﺇﳍﺔ ﹸﺃﺧﺮﻯ ﺃﻣﺎﻣﻲ .ﻻ ﺗﺼﻨﻊ ﻟﻚ ﲤﺜﺎﻻﹰ ﻣﻨﺤﻮﺗﺎﹰ ﻭﻻ ﺻﻮﺭﺓ ﻣﺎ ﳑﺎ ﰲ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ
ﻣﻦ ﻓﻮﻕ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﻣﺎ ﰲ ﺍﻷﺭﺽ ﻣﻦ ﲢﺖ ﻭﻣﺎ ﰲ ﺍﳌﺎﺀ ﻣﻦ ﲢﺖ ﺍﻷﺭﺽ .ﻻ ﺗﺴﺠﺪ ﳍﻦ ﻭﻻ ﺗﻌﺒـﺪﻫﻦ
ﻷﱐ ﺃﻧﺎ ﺍﻟﺮﺏ ﺇﳍﻚ ( ) .(٢٢٤ﻭﻟﻘﺪ ﺃﺛﺒﺖ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺃﻥ ﻳﻮﺣﻨﺎ ﺍﻟﺪﻣﺸﻘﻲ ﺃﻛﱪ ﻭﺃﺷﻬﺮ ﺩﺍﻋﻴﺔ ﳍﺬﻩ ﺍﻟﻌﺒـﺎﺩﺓ
ﺍﻟﻮﺛﻨﻴﺔ ﰲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻨﺼﺮﺍﻧﻴﺔ ﻭﺍﳌﺪﺍﻓﻊ ﺍﻷﻭﻝ – ﺑﻼ ﻣﻨﺎﺯﻉ – ﻋﻨﻬﺎ .ﻭﺫﻟﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻭﻗﻒ ﻣﻮﻗﻔﺎﹰ ﻋﻨﻴـﺪﺍﹰ
ﺿﺪ ﺣﺮﻛﺔ ﻣﻨﺎﻫﻀﺔ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺍﻟﺼﻮﺭ ﻭﺍﻷﻳﻘﻮﻧﺎﺕ ﺍﳌﻌﺮﻭﻓﺔ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﳊﺮﻛـﺔ ﺍﻟﻼﺃﻳﻘﻮﻧﻴـﺔ ﺯﻣـﻦ ﺍﻷﺳـﺮﺓ
ﺍﻷﻳﺴﻮﺭﻳﺔ )١٨٦-٩٨ﻫـ٨٠٢-٧١٧ /ﻡ( ﺍﻟﱵ ﺣﻜﻤﺖ ﺍﻹﻣﱪﺍﻃﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﺒﻴﺰﻧﻄﻴـﺔ) ، (٢٢٥ﺣﻴـﺚ
) (٢٢٣ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻋﻠﻲ ﻃﺮﺧﺎﻥ :ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﻼﺃﻳﻘﻮﻧﻴﺔ ،ﻁ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ١٩٥٦ ،ﻡ ،ﺹ. ٥
) (٢٢٤ﺧﺮﻭﺝ :ﺍﻹﺻﺤﺎﺡ ﺍﻟﻌﺸﺮﻭﻥ . ٥-١:
) (٢٢٥ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﻭﺍﻷﺩﻭﺍﺭ ﺍﻟﱵ ﻣﺮﺕ ﺎ ﺍﻧﻈﺮ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﺧﺎﻥ :ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﻼﺃﻳﻘﻮﻧﻴﺔ ،ﻓﻬﻮ ﺃﻭﺳﻊ ﻣـﺎ
ﻛﺘﺐ ﺣﻮﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﺑﺎﻟﻌﺮﺑﻴﺔ .
٨٠
