Page 98 - كتاب تأبين حسنين ربيع
P. 98

‫أفاده في حياته وسهل له مهمة السفر للإقامة بالقاهرة‪ ،‬خاصة وأنه "كان محبوبا عندهم وأن عيشه‬
                                                                                   ‫رغيدا"إ‪1‬ر‪.‬‬

‫أما الثانية أنه أقرأ أهل التكرور القرآن الكريم وعلمهم اللغة العربيةإ‪2‬ر فهي مهمة دينية لأن‬
      ‫تعليم الإسلام للبلاد التي لم يتمكن منها إلى جانب اللغة العربية يعتبر فر كفاية على المسلم‪.‬‬

‫لعل هذه الترجيحات لخروجه من الأندلس وقدومه إلى بلاد التكرور لأداء هذه المهمة‬
                                     ‫التعليمية ترجع إلى صمت المصادر عن توضيح ذلك نهائيا‪.‬‬

‫بعد أن أنهى الوالد مهمته في بلاد التكرور "مالي" اتجه إلى القاهرة فاستوينهاإ‪3‬ر‪ ،‬لكن لم‬
‫يحدد المؤرخون لذلك تاريخا محددا‪ ،‬ويمكن أن يقال على وجه التقريب أنه رحل أواخر القرن السابع‬
‫عن الأندلس ووصل إلى مصر أوائل القرن الثامن الهجريين‪ ،‬حيث أخذ عنه الإسنويإ‪4‬ر وغيره‪،‬‬
‫واتخذ أصدقاء من عيون العلماء في عصره منهم ابن جماعة‪ ،‬وقد علل ابن خلدون توافد العلماء‬
‫بالذات بقوله "ونحن لهذا العهد‪ ،‬نرى أن العلم والتعليم إنما هو في القاهرة من بلاد مصر‪ ،‬كما أن‬
‫عمرانها مستبحر‪ ،‬وحضارتها مستحكمة منذ آلاف السنين‪ ،‬فاستحكمت فيها الصنائع وتفننت ومن‬

                                                                        ‫جملتها تعليم العلم"إ‪5‬ر‪.‬‬
                                         ‫دور والد ابن الملقن في نقل التراث الأندلسي إلى مصر‬
‫لقد تعدد عدد الوافدين من بلاد الأندلس إلى دولة المماليك في مصر والشام في جميع‬
‫المجالات العلمية‪ ،‬وهؤلاء هم حملة الفكر والثقافة الأندلسية‪ ،‬والتي هي عبارة عن امتزاج بين العلوم‬
‫العربية والإسلامية التي عبرت إليهم منذ الفتح الإسلامي ويوال العصور الإسلامية‪ ،‬وكذلك نتاج ما‬
‫قدمه العلماء الذين وفدوا من الشرق وأقاموا هناك‪ .‬وما قدمه المولدون والمستعربونإ‪6‬ر وكذلك‬

                                                                      ‫الأجانب من تراث وعلم‪.‬‬
‫فكأن الأندلس بتياراته المختلفة كون عقلية العلماء الذين أخذوا العلم عن مشايخ العصر‬

                   ‫وأئمته‪ ،‬وأصبح هناك سمات مميزة للدراسات الدينية واللغوية والفنون والآداب‪.‬‬
‫كان مذهب مالك هو المذهب الذي انتشر في بلاد المغرب والأندلس منذ أيام الخليفة الأموي‬
‫هشام بن عبد الرحمن الداخل ‪180-139‬هـ فقد كان الإمام مالك معاصرا لهذا الخليفة يعجب بسيرته‬
‫وخلاله ويشيد بعدله وتقواه‪ ،‬وقد رحل كثير من أهل الأندلس إلى المدينة المنورة‪ ،‬وتفقهوا على يد‬
‫الإمام مالك‪ ،‬واستقوا من علمه واجتهاده‪ ،‬ونقلوا عن كتاب المويأ‪ ،‬لذلك ذاع على يديهم مذهب مالك‬

                                                      ‫في الأندلس وأصبح مذهب أهل الدولةإ‪7‬ر‪.‬‬
‫لذلك عندما انتقل الشيخ العلامة النحوي نور الدين أبي الحسن علي والد ابن الملقن إلى مصر‬

                                                ‫حمل معه هذا الفكر الأندلسي ليدرسه في مصر‪.‬‬
‫بدأ الوالد أولا بتدريس العربية "دون أن يتنزل في المدار ‪ ،‬فانتفع به جمع كبير من الطلبة‬

                                                                  ‫(‪ )1‬ا ‪ ،‬ح ي‪ ،‬ا يفء الغمي‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.216‬‬
                      ‫(‪ )2‬ا ‪ ،‬ح ي‪ ،‬ا يفء الغمي‪ ،‬ا لأفت سنة ‪ 804‬د‪ ،‬الس فام‪ ،‬العىء اللاحع‪ ،‬ج‪ ،6‬ص‪.100‬‬
‫(‪ )3‬ا د‪ ،‬الملقد‪ ،،‬ش دة النادفر اقعدفا اسحصدفر‪ ،‬قلأدق ح ي دة الشديقفام‪ ،‬القدف يا‪ ،‬الثقف دة ال ينلأدة‪ ،1996 ،‬حق حدة‬

                                                                                  ‫الة قلأق‪ ،‬ص‪.50-49‬‬
          ‫ا ‪ ،‬الملق‪ ،،‬ايقفت اساللأفء‪ ،‬قلأق ىر ال ي‪ ،‬شيية‪ ،‬القف يا‪ ،‬ال ف ي‪ ،1973 ،‬حق حة الة قلأق‪ ،‬ص‪.29‬‬
‫(‪ )4‬الإسنىم‪ ،‬سا الإسنفئي الذم س ذ ‪ ،‬س ي ال س‪ ،‬لي ‪ ،‬سحمد الىا يفشدي دى يد الديحلأا د‪ ،‬ال سدلأ‪ ،‬د‪ ،‬لدي‬
‫دد‪ ،‬ا دد اي لأا جمددفا الدد ي‪ ،‬ددفحب ايقددفت الشددف علأة ‪ 772-704‬دد‪ .‬ا اددي يجمةدد ا دد‪ ،‬ح ددي‪ ،‬الدد رر‪ ،‬ج‪،2‬‬

                                                                                  ‫ص‪ ،467‬رقا ‪.2286‬‬
‫(‪ )5‬ا د‪ ،‬لد ان‪ ،‬يد الديحم‪ ،،‬المق حدة‪ ،‬ط‪ ،5‬لأديات ‪ ،1984‬ص‪ .334‬اقد سشدفر الد سرم ا د‪ ،‬لد ان اسكد ه ا د‪،‬‬
‫اس‪:‬رع‪ ،.‬س دى يد الله ت‪ 896‬دد‪1490/‬م‪ ،‬د ائع السدلك دي ايدفئع الملدك‪ ،‬قلأدق ا عللأدق لدي سدفحي النشدفر‪،‬‬

                                                                     ‫الع ايع‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪ ،1978‬ص‪.345‬‬
‫(‪ )6‬نها ا اي السلأ ي العشش سفلا‪ ،‬فر المسدلملأ‪ ،‬ا ثدفر ا دي اس د لس‪ ،‬الاسدكن رة‪ ،‬شديفب ال فحعدفت‪ ،‬سدنة‬

                                                                               ‫‪ ،1961‬ص‪.135 ،128‬‬
                                 ‫(‪ )7‬حس‪ ،‬سحم ح مى ‪ ،‬ي فر المغيب ااس لس‪ ،‬القف يا‪ ،1980 ،‬ص‪.75‬‬

                                      ‫‪97‬‬
   93   94   95   96   97   98   99   100   101   102   103