Page 60 - كتاب تأبين حسنين ربيع
P. 60
وملةإ1ر.
والمتأمل في التاريخ الذي تولي فيه هرقل عرش الامبرايورية البيزنطية إدولة الرومر يلح
أن ذلك يوافل السنة التي بدأ فيها نزول القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم حيث نزل عليه صدر
سورة إقرأ في غار حراء في رمضان الموافل لشهر اغسطس 610مإ2ر .فإذا كان تولي الأمبرايور
هرقل عرش الأمبرايورية يعتبر في نظر مؤرخي التاريخ البيزنطي نقطة تحول في هذا التاريخر لا
سيما في مجرى سير الحرب الناشبة مع الفر ر فإن بدء نزول الوحي في السنة نفسها على النبي
محمد صلى الله عليه وسلم يعتبر إيذانا بتغيير مجرى التاريخ الإنساني بأكمله وتحويله من يريل
الضلال والظلام إلى يريل الهدى والنورر وتحرير جنس الإنسان من عبادة العباد إلى عبادة رب
العبادر وتخليص البشرية من جور الأديان إلى عدل الإسلام.
والحقيقة الصادقة التي يجب أن يصرم بها المؤرخ المنص ويأخذها بعين الاعتبار و أن
تاريخ تولي هرقل عرش الأمبرايورية لا يشكل أهمية كبرى في مجرى التاريخ الإنسانير وإنما
الأهمية الكبرى التي تزامنت مع هذا التاريخ هي بدء نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم.
ولعل أبلء وص لهذا الأمر ما سطره أحد الباحثين المحدثين حيث وصفه بأنه إ ضخم جدا ر ضخم
إلى غير حدر مهما حاولنا اليوم أن نحيط بضخامتهر فإن جوانب كثيرة ستظل خارج تصورنار إنه
حادث ضخم بحقيقتهر وضخم بدلالتهر وضخم بآثاره في حياة البشرية جميعا ..وهذه اللحظة التي تم
فيها هذا الحادث تعد – بغير مبالغة – هي أعظم لحظة مرت بهذه الأر في تاريخها الطويل .ما
حقيقة هذا الحادث الذي تم في هذه اللحظة ؟ حقيقته أن الله جل جلالهر العظيم الجبار القهار المتكبرر
مالك الملك كلهر قد تكرم – في عليائه – فالتفت إلى هذه الخليقة المسماة بالإنسانر القابعة في ركن من
أركان الكون لا يكاد يرىر اسمه الأر ر وك َّرم هذه الخليقة باختيار واحد منها ليكون ملتقى نوره
الإلهير ومستودع حكمتهر ومهبط كلماتهر وممثل قدره الذي يريده الله سبحانه بهذه الخليقة .وهذه
حقيقة كبيرةر كبيرة إلى غير حد .تنكش جوانب من عظمتها حين يتصور الإنسان – قدر ياقته –
حقيقة الألوهية المطلقة الأزلية الباقية .ويتصور في ظلها حقيقة العبودية المحدودة الحادثة الفانية .ثم
يستشعر وقع هذه العناية الربانية بهذا المخلوق الإنسانر ويتذوق حلاوة هذا الشعورر ويتلقاه بالخشوع
والشكر والفرم والابتهال ..وهو يتصور كلمات الله تتجاوب بها جنبات الوجود كلهر منزلة لهذا
الإنسان في ذلك الركن المنزوي من أركان الوجود الضئيلة .وما دلالة هذا الحادث؟ دلالته – في
جانب الله سبحانه – أنه ذو الفضل الواسع والرحمة السابغةر الكريم الودود المنانر يفيق من عطائه
ورحمته بلا سبب ولا علةر سوى أن الفيق والعطاء بعق صفاته الذاتية الكريمةر ودلالته – في
جانب الإنسان – أن الله قد أكرمه كرامة لا يكاد يتصورهار ولا يمكن أن يشكرهار وأ ّن هذه وحدها لا
ينهق لها شكره ولو قضى عمره راكعا ساجدا ..هذه ..أن يذكره الله ويلتفت إليه ويصله به ويختار
من جنسه رسولا يوحي إليه بكلماته ر إ3ر.
ويعلل الباحث نفسه على وصفه لبدء نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم بالقول و إ
لقد تحول خط التاريخ كما لم يتحول من قبل قطر وكما لم يتحول من بعد أيضا .وكان هذا الحادث هو
مفرق الطريل .وقامت المعالم في الأر واضحة عالية لا يطمسها الزمان ولا تطمسها الحوادث
وقام في الضمير الإنساني تصور للوجود وللحياة وللقيم لم يسبل أن اتضح بمثل هذه الصورةر ولم
يجئ بعده تصور في مثل شموله ونصاعته ويلاقته من اعتبارات الأر جميعا مع واقعيته
قواعد هذا المنهج الإلهي في الأر ر وتبينت خطويه الووفمملرعياالدءةمم.هتاهل{لح مّللا َيدحْهيملاثةَكالا َملكإْونننس َهاي َلنيا َلكةذَ .عيونلابقتبَد ّميدنَأاٍةبس َهتوقيَرْعح َيهتدى
الحادث الفذ في هذه اللحظة َب ميّ َن ٍةوان}تإه4ر.ى...عإهندهر ف َمي ْنه َذحه َّيالأ َعرن
والذي كان فرقانا في تاريخ
البشر لا في تاريخ أمة ولا جيل .والذي سجلته جنبات الوجود كله وهي تتجاوب بهر وسجله الضمير
الإنساني .وبقي أن يلتفت هذا الضمير اليوم على تلك الذكرى العظيمة ولا ينساهار وأن يذكر دائما أنه
ميلاد جديد للإنسانية لم تشهده إلا مرة واحدة في الزمان ر إ5ر.
(11) Ostrogorosky: op. cit. p.92 ; Vasiliev. A.A: History of Byzantine
Empire, 324-1453. Vol. I (Madison,1978) p.194.
( )2الميفرطفىرم اليحلأق الم ةىم ص .75
( )3سلأ قىب ي ظلاا القين ج 6ص .3937 – 3936
( )4سىرا اس ففا ية .42
( )5سلأ قىب الميجع فس ج 6ص .3938
59