Page 29 - كتاب يوحنا الدمشقي رائد العدوان الفكري على الإسلام
P. 29
ﻭﻧﺆﻣﻦ ﺑﺎﻟﺮﺏ ﺍﳌﺴﻴﺢ ﺍﺑﻦ ﺍﷲ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ،ﺑﻜﺮ ﺍﳋﻼﺋﻖ ﻛﻠﻬﺎ ،ﻭﻟﺪ ﻣﻦ ﺃﺑﻴﻪ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻌﻮﺍﱂ ﻛﻠـﻬﺎ ،ﻟـﻴﺲ
ﲟﺼﻨﻮﻉ ﺇﻟﻪ ﺣﻖ ﻣﻦ ﺟﻮﻫﺮ ﺃﺑﻴﻪ ،ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻴﺪﻩ ﹸﺃﺗﻘﻨﺖ ﺍﻟﻌﻮﺍﱂ ﻛﻠﻬﺎ ،ﻭﻫﻮ ﺧﺎﻟﻖ ﻛـﻞ ﺷـﻲﺀ ، (٦٦) ( ..
ﻓﻬﺬﺍ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﻳﻨﻘﺾ ﺑﻌﻀﻪ ﺑﻌﻀﺎﹰ ،ﻓﻔﻲ ﺃﻭﻟﻪ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﷲ ﺑﺄﻧﻪ ﻭﺍﺣﺪ ،ﻭﻳﻠﻴﻪ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﻋﻠﻴﻪ ﺗﻌﺎﱃ ﺑﺄﻥ ﻟـﻪ
ﻭﻟﺪﹰﺍ ﻭﻫﻮ ﺇﻟﻪ ﻣﺜﻠﻪ ،ﻭﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﺟﻮﻫﺮﻩ ،ﻭﻫﺬﺍ ﰲ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻭﺍﻟﺸﺮﻙ ،ﻭﰲ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﻀـﺪ ﻭﺍﻟﺘﻨـﺎﻗﺾ
ﻟﻮﺣﺪﺍﻧﻴﺔ ﺍﷲ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺍﻷﺣﺪ ﻻ ﺷﺮﻳﻚ ﻟﻪ ﻭﻻ ﺷﺒﻴﻪ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﺍﷲ ﻭﺗﻘﺪﺱ ﻋﻦ ﻛﻔﺮﻫﻢ ،ﻭﻗﺪ ﺟـﺎﺀ ﰲ ﺃﻭﻝ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ :ﺃﻥ ﺍﷲ ﺧﺎﻟﻖ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﰒ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ،ﻭﻧﺆﻣﻦ ﺑﺄﻥ ﺍﳌﺴﻴﺢ ﺧﺎﻟﻖ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﻛﻠﻬﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻴﺪﻩ
ﺃﹸﺗﻘﻨﺖ ،ﻓﺄﺛﺒﺖ ﺃﻥ ﻣﻊ ﺍﷲ ﺇﳍﹰﺎ ﺧﺎﻟﻘﹰﺎ ﻟﻜﻞ ﺷﻲﺀ .ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺃﻓﻀﺢ ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ،ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻗﻮﻟﻪ :ﺇﻥ ﺍﷲ
ﺗﻌﺎﱃ ﺻﺎﻧﻊ ﻣﺎ ﻳﺮﻯ ﻭﻣﺎ ﻻ ﻳﺮﻯ ،ﻓﺪﺧﻞ ﻓﻴﻪ ﺍﳌﺴﻴﺢ ﻷﻧﻪ ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﳑﺎ ﻳﺮﻯ .ﰒ ﺃﻋﻘﺐ ﺫﻟﻚ ﺑﻘﻮﻟﻪ :
ﺍﳌﺴﻴﺢ ﺧﺎﻟﻖ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ،ﻭﺃﻧﻪ ﻏﲑ ﻣﺼﻨﻮﻉ ،ﻭﻫﺬﺍ ﺗﻨﺎﻗﺾ ﻭﺭﻋﻮﻧﺔ ﻟﻮ ﻣﻴﺰﺎ ﺍﻟﺒﻬﺎﺋﻢ ﻷﻧﻜﺮﺎ ﻋﻠـﻰ
ﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ .ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ " :ﻭﻟﺪ ﻣﻦ ﺃﺑﻴﻪ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻌﻮﺍﱂ ،ﻭﻫﻮ ﺑﻜﺮ ﺍﳋﻼﺋﻖ ﻛﻠﻬﺎ" ﻓﻤﱴ ﺧﻠﻖ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻗﺒﻞ
ﻣﻴﻼﺩﻩ ﻭﻫﻮ ﻋﺪﻡ ؟ ﺃﻭ ﺑﻌﺪ ﻣﻴﻼﺩﻩ ﻭﻫﻮ ﺻﱯ ﺭﺿﻴﻊ ؟!! ﻭﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻳﺪﺑﺮ ﺍﻟﺴـﻤﻮﺍﺕ ﻭﺍﻷﺭﺽ ﻭﻣـﻦ
ﻓﻴﻬﻤﺎ ﻗﺒﻞ ﻣﻴﻼﺩﻩ ﻭﺇﳚﺎﺩﻩ ؟ ﻭﻛﻴﻒ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻜﺮ ﺍﳋﻼﺋﻖ ﻭﻫﻮ ﺍﳋﺎﻟﻖ ﳉﻤﻴﻌﻬﺎ ﺑﺰﻋﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ،ﻷﻥ
ﻣﻌﲎ ﻗﻮﻟﻪ ﺑﻜﺮ ﺍﳋﻼﺋﻖ ﺃﻱ ﺃﻭﻝ ﻣﺎ ﻭﺟﺪ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻭﻋﻘﻴﺪﺓ ﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ﻭﺍﶈـﺎﻝ؛
ﻷﻢ ﳎﻤﻌﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﳌﺴﻴﺢ ﺃﺯﱄ ﻭﺧﺎﻟﻖ ﻭﻗﺪﱘ ،ﻭﺃﻧﻪ ﻣﻮﻟﻮﺩ ﻭﻟﺪ ﻣﻦ ﺑﻄﻦ ﻣﺮﱘ ﺑﻌﺪ ﲪﻠﻬﺎ ﺑﻪ ").(٦٧
ﻭﱂ ﻳﻜﻦ ﲟﻘﺪﻭﺭ ﻳﻮﺣﻨﺎ ﺍﻟﺪﻣﺸﻘﻲ ،ﻭﻻ ﻛﻞ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﻜﻨﺎﺋﺲ ﺇﱃ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺗﻘﺪﱘ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﺪﻗﻴﻖ ﻟﺘﻠـﻚ
ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ )ﺁﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ( ﻣﻊ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﺍﻟﻨﺼﺮﺍﱐ – ﺍﳌﺬﻛﻮﺭ ﺁﻧﻔﺎﹰ – ﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟﻨﺼـﺎﺭﻯ
ﻟﻴﺨﺘﺎﺭﻭﺍ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﺍﻟﱵ ﺗﻘﺒﻠﻬﺎ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ ﺍﻟﺮﺍﺟﺤﺔ ﻭﺍﻟﻔﻄﺮ ﺍﻟﺴﻠﻴﻤﺔ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﱂ ﻳﻌـﺪ ﺃﻣـﺎﻣﻬﻢ ﻟﺘﺜﺒﻴـﺖ
ﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﻋﻠﻰ ﺩﻳﻨﻬﻢ ﻭﺍﳊﻴﻠﻮﻟﺔ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻭﺑﲔ ﺍﻋﺘﻨﺎﻕ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺳﻮﻯ ﺗﺸﻮﻳﻪ ﺻﻮﺭﺗﻪ ﰲ ﻋﻴـﻮﻢ ﻭﺭﺳـﻢ
ﺻﻮﺭ ﻛﺎﺫﺑﺔ ﻣﻠﻔﻘﺔ ﻟﻪ ﰲ ﺃﺫﻫﺎﻢ .
) (٦٦ﺍﻧﺴﻠﻢ ﺗﻮﺭﻣﻴﺪﺍ :ﲢﻔﺔ ﺍﻷﺭﻳﺐ ﰲ ﺍﻟﺮﺩ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺼﻠﻴﺐ ،ﲢﻘﻴﻖ :ﳏﻤﻮﺩ ﻋﻠﻰ ﲪﺎﻳـﺔ ،ﺍﻟﻘـﺎﻫﺮﺓ ١٩٨٤ ،ﻡ ،
ﺹ. ٩٥
) (٦٧ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺹ. ٩٧-٩٦
٢٧
