Page 27 - كتاب يوحنا الدمشقي رائد العدوان الفكري على الإسلام
P. 27
ﺑﺎﻟﻀﺤﻚ ،ﻫﻮ ﺳﻠﻤﻪ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﺑﺎﻟﺘﺴﻠﺴﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻢ ﳝﻜﻦ ﻳﺴﺘﺠﻴﺒﻮﻥ ﻣﻌﻪ .ﻫﻮ ﻳﻘﻮﻝ :ﺇﻧﻪ ﻳﻮﺟﺪ ﻫﻨـﺎﻙ
ﺭﺏ ﻭﺍﺣﺪ ﺧﺎﻟﻖ ﻟﻠﻜﻞ ،ﺍﻟﺬﻱ ﱂ ﻳﻠﺪ ﻭﱂ ﻳﻮﻟﺪ ().(٦٢
ﻭﻧﻼﺣﻆ ﻫﻨﺎ ﰲ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﺃﻥ ﻳﻮﺣﻨﺎ ﺍﻟﺪﻣﺸﻘﻲ ﻳﻀﻊ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﰲ ﺗﺸﻮﻳﻪ ﺳﲑﺓ ﺍﻟﻨﱯ
ﰲ ﻋﻴﻮﻥ ﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ،ﺣﻴﺚ ﻳﺸﲑ ﺑﺎﻗﺘﻀﺎﺏ ﺇﱃ ﺳﲑﺓ ﺍﻟﻨﱯ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺒﻌﺜﺔ ،ﻓﻠﻘﺪ ﺃﲨﻌـﺖ ﻣﺼـﺎﺩﺭ
ﻭﻛﺘﺐ ﺍﻟﺴﲑﺓ ،ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﺣﻔﻆ ﺭﺳﻮﻟﻪ ﻭﺻﺎﻧﻪ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺒﻌﺜﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻗﻮﻉ ﰲ ﺃﻗﺬﺍﺭ ﺍﳉﺎﻫﻠﻴﺔ ،ﻓﻠﻢ
ﻳﺴﺠﺪ ﻟﺼﻨﻢ ﻗﻂ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻳﺘﺠﻨﺐ ﻛﻞ ﺍﻟﻌﺎﺩﺍﺕ ﻭﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﺴﻴﺌﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﻳﻐﺸﺎﻫﺎ ﺃﻗﺮﺍﻧﻪ ﰲ ﺍﳉﺎﻫﻠﻴﺔ .
ﻭﺍﺷﺘﻬﺮ ﺑﺎﻷﺧﻼﻕ ﺍﳊﻤﻴﺪﺓ ﺣﱴ ﻋﺮﻓﻪ ﻗﻮﻣﻪ ﺑﻠﻘﺐ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﺍﻷﻣﲔ) . (٦٣ﻭﻫﻨﺎ ﻳﺼﻞ ﺍﻟﺒﻐﻲ ﻭﺍﻟﻌـﺪﻭﺍﻥ
ﺑﻴﻮﺣﻨﺎ ﺍﻟﺪﻣﺸﻘﻲ ﺣﺪﹰﺍ ﳚﻌﻠﻪ ﻳﻌﺘﱪ ﻛﻞ ﻫﺬﺍ ﺇﺩﻋﺎ ًﺀ ﻭﺗﺪﺑﲑﹰﺍ ﻣﻨﻪ ﻟﻴﺠﻌﻞ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﻌﺘﻘﺪﻭﻥ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻣﺮﺍﻓﻘـﺎﹰ
ﳋﺸﻴﺔ ﺍﷲ.
ﰒ ﻳﺼﻞ ﺍﳊﺴﺪ ﻭﺍﻟﺒﻐﻲ ﻭﺍﻟﻌﺪﻭﺍﻥ ﺑﻴﻮﺣﻨﺎ ﺍﻟﺪﻣﺸﻘﻲ ﺣﺪ ﺍﳍﺬﺭ ﻭﺍﻟﺴﻔﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺇﻥ ﺍﻟﻨﱯ
"ﻧﺸﺮ ﺇﺷﺎﻋﺎﺕ ﺃﻥ ﻛﺘﺎﺑﺎﹰ ﻣﻘﺪﺳﺎﹰ ﺃﹸﻧﺰﻝ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ،ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻫﻮ ﺃﻋ ﺪ ﺑﻌﺾ ﺍﻵﺭﺍﺀ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﳉﺪﻳﺮﺓ
ﺑﺎﻟﻀﺤﻚ .ﻭﻳﻮﺣﻨﺎ ﺍﻟﺪﻣﺸﻘﻲ ،ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻳﻮﺟﻪ ﺧﻄﺎﺑﻪ ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﻧﺼﺎﺭﻯ ﻻ ﻳﺘﺤـﺪﺛﻮﻥ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴـﺔ .
ﻭﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﳛﺼﻨﻬﻢ ﺿﺪ ﺍﻋﺘﻨﺎﻕ ﺍﻹﺳﻼﻡ ،ﻭﻻ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﻟﻪ ﻫﺬﺍ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﻜﺬﺏ ﻭﺍﻟﺘﺸﻮﻳﻪ ،ﻓﻴﺰﻋﻢ
– ﺯﻭﺭﺍﹰ ﻭﺘﺎﻧﺎ – ﺃﻥ ﻣﺎ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﳎﺮﺩ ﺃﺭﺍﺀ ﺃﻋ ﺪﻫﺎ ﳏﻤﺪ ﺟﺪﻳﺮﺓ ﻓﻘﻂ ﺑﺎﻟﻀﺤﻚ .ﻭﻟﻮ ﺃﻥ ﻳﻮﺣﻨـﺎ
ﺍﻟﺪﻣﺸﻘﻲ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﺼﻔﺎﹰ ﻣﻊ ﻗﺮﺍﺋﻪ ،ﻟﻘﺪﻡ ﳍﻢ ﺗﺮﲨﺔ ﺃﻣﻴﻨﺔ ﻟﺒﻌﺾ ﺁﻳﺎﺕ ﻭﺳﻮﺭ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜـﺮﱘ ،ﻭﺗـﺮﻙ
ﺍﳊﻜﻢ ﳍﻢ ،ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻌﻄﻴﻬﻢ ﺣﻜﻤﺎﹰ ﻣﺴﺒﻘﺎﹰ ﻇﺎﳌﹰﺎ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﳎﺮﺩ ﺇﺷﺎﻋﺎﺕ ﻧﺸﺮﻫﺎ ﳏﻤﺪ ﻭﺃﻥ ﻣﺎ ﻓﻴـﻪ
ﺟﺪﻳﺮ ﺑﺎﻟﻀﺤﻚ .ﻭﻳﻜﺘﻢ ﻋﻨﻬﻢ ﻋﻘﺎﺋﺪ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺷﺮﺍﺋﻌﻪ ﺍﻟﱵ ﺗﺘﻔﻖ ﰲ ﺃﺻﻮﳍﺎ ﻭﺃﺳﺴﻬﺎ ﻣﻊ ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﺑـﻪ
ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﻟﺪﻥ ﻧﻮﺡ ﻭﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻭﻣﻮﺳﻰ ﻭﻋﻴﺴﻰ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺴﻼﻡ .ﺇﻥ ﻳﻮﺣﻨﺎ ﺍﻟﺪﻣﺸﻘﻲ ﻳﻌﻠﻢ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻴﻘﲔ
(62) Migne: op. cit , Vol , 94 , Col , 765 ; Sahas , op.cit , p . 134 .
) (٦٣ﺍﻧﻈﺮ :ﻣﺜﻼﹰ :ﺍﻟﻌﻤﺮﻱ :ﺍﻟﺴﲑﺓ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ﺝ /١ﺹ ١١٧-١١٤؛ ﻣﻬﺪﻱ ﺭﺯﻕ ﺍﷲ ﺃﲪﺪ :ﺍﻟﺴﲑﺓ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳـﺔ
ﰲ ﺿﻮﺀ ﺍﳌﺼﺎﺩﺭ ﺍﻷﺻﻠﻴﺔ ،ﺍﻟﺮﻳﺎﺽ ١٤١٢ﻫـ١٩٩٢ /ﻡ ،ﺹ. ١٤٠-١٢٥
٢٥
