Page 28 - كتاب يوحنا الدمشقي رائد العدوان الفكري على الإسلام
P. 28
ﺃﻥ ﻣﺎ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻣﻦ ﺗﻮﺣﻴﺪ ﺍﷲ ﰲ ﺭﺑﻮﺑﻴﺘﻪ ﻭﺃﻟﻮﻫﻴﺘﻪ ﻭﺃﲰﺎﺋﻪ ﻭﺻﻔﺎﺗﻪ ،ﻳﻔـﻮﻕ ﰲ ﲰـﻮﻩ ﻭﻧﺼـﺎﻋﺘﻪ
ﻭﻭﺿﻮﺣﻪ ﻭﻛﻤﺎﻟﻪ ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﰲ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﺍﻟﻘﺪﱘ ﻭﺍﳉﺪﻳﺪ .ﻓﻬﻞ ﻛﺎﻥ ﰲ ﻣﻘﺪﻭﺭﻩ – ﻣﺜﻼﹰ – ﺃﻥ ﻳﺄﰐ ﺑﺄﻳﺔ ﻣـﻦ
ﺍﻟﻌﻬﺪ ﺍﻟﻘﺪﱘ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﺍﳉﺪﻳﺪ ﺗﻌﺎﺩﻝ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ }|{ zy x w v u t s M :
~ ¡¼»º¹¸¶ µ´³²±°¯®¬«ª©¨§ ¦¥¤£¢
½ ¾ ¿ ،(٦٤)LÏ ÎÍÌË Ê ÉÈÇÆ ÅÄÃÂ Á Àﻭﻳﻌﺮﺽ
ﺫﻟﻚ ﻣﻊ ﻣﻌﲎ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﳝﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﺍﳋﺎﻟﺺ ﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻭﺃﻧﻪ ﻻ ﻣﻌﺒﻮﺩ ﲝﻖ ﺇﻻ ﻫﻮ
،ﻭﺃﻧﻪ ﺍﳊﻲ ﺫﻭ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﺍﳌﻄﻠﻘﺔ ،ﺍﻟﻘﻴﻮﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻡ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻭﻗﺎﻡ ﺑﺴﺎﺋﺮ ﺧﻠﻘﻪ .ﺍﳌﺎﻟﻚ ﻟﻜﻞ ﻣﺎﺣﻮﺗﻪ
ﺍﻟﺴﻤﻮﺍﺕ ﻭﺍﻷﺭﺽ ،ﻭﻫﻮ ﺍﳋﺎﻟﻖ ﺍﻟﺮﺍﺯﻕ ﺍﳌﺪﺑﺮ ،ﻭﻣﺎ ﺳﻮﺍﻩ ﳐﻠﻮﻕ ﻣﺮﺯﻭﻕ ﻻ ﳝﻠﻚ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻭﻻ ﻟﻐـﲑﻩ
ﻣﺜﻘﺎﻝ ﺫﺭﺓ ﰲ ﺍﻟﺴﻤﻮﺍﺕ ﻭﻻ ﰲ ﺍﻷﺭﺽ .ﻭﻻ ﳝﻠﻚ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﺧﻠﻘﻪ ﺍﻟﺸﻔﺎﻋﺔ ﻋﻨﺪﻩ ﺇﻻ ﺑﺄﺫﻧـﻪ ،ﺍﻟﻌﻠـﻴﻢ
ﺑﻜﻞ ﺷﻲﺀ ،ﻭﺍﳋﻠﻖ ﻟﻴﺲ ﳍﻢ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﺷﻲﺀ ﺇﻻ ﻣﺎ ﻋﻠﻤﻬﻢ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻭﻫﺪﺍﻫﻢ ﳌﻌﺮﻓﺘـﻪ .ﻭﺃﻥ
ﻛﺮﺳﻴﻪ ﻭﺳﻊ ﺍﻟﺴﻤﻮﺍﺕ ﻭﺍﻷﺭﺽ ﻭﺍﻟﻜﻮﻥ ﻛﻠﻪ .ﻭﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﻟﻴﺲ ﺃﻋﻈﻢ ﳐﻠﻮﻗﺎﺗﻪ .ﺑﻞ ﻫﻮ ﰲ ﺍﻟﻌـﺮﺵ
ﺃﺷﺒﻪ ﺑﺪﺭﻫﻢ ﰲ ﻓﻼﺓ .ﻭﰲ ﻋﻈﻤﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﲢﲑ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﻭﺗﻜﻞ ﺍﻷﺑﺼﺎﺭ ﻓﻜﻴﻒ ﺑﻌﻈﻤﺔ ﺧﺎﻟﻘﻬـﺎ
ﻭﻣﺒﺪﻋﻬﺎ ﺟﻞﹼ ﺷﺄﻧﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺜﻘﻠﻪ ﻭﻻ ﻳﻌﺠﺰﻩ ﺣﻔﻆ ﺍﻟﺴﻤﻮﺍﺕ ﻭﺍﻷﺭﺽ ﻭﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻌﻠﻲ ﻓـﻮﻕ
ﻋﺮﺷﻪ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮ ﳉﻤﻴﻊ ﳐﻠﻮﻗﺎﺗﻪ ،ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺘﻀﺎﺀﻝ ﻋﻨﺪ ﻋﻈﻤﺘﻪ ﺟﱪﻭﺕ ﺍﳉﺒﺎﺑﺮﺓ ،ﻭﺗﺼﻐﺮ ﰲ ﺟﺎﻧﺐ
ﺟﻼﻟﻪ ﻟﻪ ﺃﻧﻮﻑ ﺍﳌﻠﻮﻙ ﻭﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ).(٦٥
ﻣﻦ ﺍﶈﻘﻖ ﺃﻥ ﻳﻮﺣﻨﺎ ﺍﻟﺪﻣﺸﻘﻲ ﻭﻣﻦ ﺳﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺠﻪ ،ﻟﻦ ﳚﺪﻭﺍ ﰲ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﺍﻟﻘﺪﱘ ﻭﻻ ﰲ ﺍﻟﻌﻬـﺪ
ﺍﳉﺪﻳﺪ ﺁﻳﺔ ﺗﻀﺎﻫﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻀﻤﻨﺖ ﺗﻮﺣﻴﺪ ﺍﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﰲ ﺃﻟﻮﻫﻴﺘﻪ ﻭﺭﺑﻮﺑﻴﺘـﻪ
ﻭﺃﲰﺎﺋﻪ ﻭﺻﻔﺎﺗﻪ .ﺑﻞ ﻟﻴﺲ ﰲ ﻭﺳﻌﻬﻢ ﻋﺮﺽ ﻣﻌﲎ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﳝﺔ ﺃﻣﺎﻡ ﺃﺗﺒﺎﻋﻬﻢ ﻣﻊ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﻋﻘﻴـﺪﻢ
ﺍﻟﻨﺼﺮﺍﻧﻴﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻮﻝ ) :ﻧﺆﻣﻦ ﺑﺎﷲ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺍﻷﺏ ،ﻣﺎﻟﻚ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﺻﺎﻧﻊ ﻣﺎ ﻳﺮﻯ ﻭﻣـﺎ ﻻ ﻳـﺮﻯ ،
) (٦٤ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ . ٢٥٥ :
) (٦٥ﻟﻠﻤﺰﻳﺪ ﻋﻦ ﺗﻔﺴﲑ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻧﻈﺮ :ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺑﻦ ﻧﺎﺻﺮ ﺍﻟﺴﻌﺪﻱ :ﺗﻴﺴﲑ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﰲ ﺗﻔﺴﲑ ﻛﻼﻡ ﺍﳌﻨـﺎﻥ
،ﲢﻘﻴﻖ :ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﻠﹼﻮﳛﻖ ،ﺑﲑﻭﺕ ١٤٢٣ﻫـ ٢٠٠٢ /ﻡ ،ﺹ. ١١٠
٢٦
