Page 121 - كتاب يوحنا الدمشقي رائد العدوان الفكري على الإسلام
P. 121
ﻭﺇﺫﺍ ﻛﻨﺖ ﻗﺪ ﻭﻗﻔﺖ ﺃﻣﺎﻡ ﻓﺼﻞ ﻳﻮﺣﻨﺎ ﺍﻟﺪﻣﺸﻘﻲ ﻭﻗﻔﺎﺕ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺗﻔﻨﻴﺪﻩ .ﻓﻤـﺮﺩ
ﺫﻟﻚ ﺇﱃ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺃﺻﺒﺢ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﺍﻷﻭﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻧﻄﻠﻖ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺒﻴﺰﻧﻄﻴـﻮﻥ ﻭﺍﻟﻜﺘـﺎﺏ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴـﻮﻥ
ﻭﻏﲑﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﰲ ﺗﺸﻮﻳﻪ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﻧﺒﻴﻪ ﳏﻤﺪ . ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﻳﻮﺣﻨـﺎ ﺍﻟﺪﻣﺸـﻘﻲ
ﺃﺻﺒﺢ ﰲ ﻧﻈﺮ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺘﲔ ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﻭﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻗﺪﻳﺴﺎﹰ) . (٣٣٢ﻭﺃﺿﺤﺖ ﺃﺭﺍﺅﻩ ﺍﻟﺰﺍﺋﻔﺔ ﻋﻦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺗﺆﺧـﺬ
ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﻭﻛﺄﺎ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﺻﺎﺩﻗﺔ ﻻ ﺗﻘﺒﻞ ﺍﳉﺪﻝ .
ﻭﻟﻴﻮﺣﻨﺎ ﺍﻟﺪﻣﺸﻘﻲ ﺣﻮﺍﺭ ﺑﻌﻨﻮﺍﻥ )ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﻣﺴـﻠﻢ ﻭﻣﺴـﻴﺤﻲ ( )Disputatio Saraceni et (٣٣٣
Christianiﺻﺎﻏﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ ﺣﻮﺍﺭ ﺑﲔ ﻣﺴﻠﻢ ﻭﻧﺼﺮﺍﱐ .ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻳﻮﺣﻨﺎ ﺍﻟﺪﻣﺸﻘﻲ ﰲ ﻫـﺬﺍ ﺍﳊـﻮﺍﺭ
ﻳﻌﱪ ﺑﺪﻗﺔ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻨﺼﺮﺍﱐ ﻋﻤﺎ ﻳﻌﺘﻘﺪﻩ ﻫﻮ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻋﺎﳌﹰﺎ ﻻﻫﻮﺗﻴﹰﺎ ﻧﺼﺮﺍﻧﻴﺎﹰ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻘﻮﻡ ﺑﺘﻤﺜﻴـﻞ ﺩﻭﺭ
ﺍﳌﺴﻠﻢ ﻭﻳﻘﻮﻡ ﺑﺎﻹﺟﺎﺑﺔ ﻧﻴﺎﺑﺔ ﻋﻨﻪ .ﻭﻣﻦ ﻋﺠﺐ ﺃﻧﻪ ﺟﻌﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺴﻠﻢ ﺍﳌﻔﺘﺮﺽ ﻣﻨﺘﻤﻴﺎﹰ ﺇﱃ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﺍﳉﱪﻳـﺔ
ﻭﻻ ﻳﻌﺒﺮ ﺑﺪﻗﺔ ﻋﻦ ﻋﻘﻴﺪﺓ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﳉﻤﺎﻋﺔ ،ﻛﻤﺎ ﳚﻌﻠﻪ ﳚﻴﺐ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺍﳌﻨﻈﻮﺭ ﺍﻟﻜﺘﺎﰊ ﻓﻴﺴﺘﺪﻝ
ﺑﺎﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﳌﻘﺪﺱ .ﻭﺭﻏﻢ ﻣﺎ ﻳﻈﻬﺮﻩ ﻳﻮﺣﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﳌﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﺑﺮﺍﻋﺔ ﰲ ﺍﳊﻮﺍﺭ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎﹰ ﻓﺈﻧـﻪ ﳚﻌـﻞ
ﺍﻟﻨﺼﺮﺍﱐ ﻣﺘﻔﻮﻗﺎﹰ ﰲ ﺇﺟﺎﺑﺎﺗﻪ ﻭﻳﺘﺨﻠﻞ ﺍﳊﻮﺍﺭ ﺗﻮﺟﻴﻬﺎﺕ ﻣﻦ ﻳﻮﺣﻨﺎ ﺍﻟﺪﻣﺸـﻘﻲ ﻟﻠﻨﺼـﺎﺭﻯ ﰲ ﻣﻨﺎﻗﺸـﺔ
ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ .ﻭﻳﻨﻬﻲ ﻳﻮﺣﻨﺎ ﺍﻟﺪﻣﺸﻘﻲ ﺍﳊﻮﺍﺭ ﺑﺬﻫﻮﻝ ﺍﳌﺴﻠﻢ ﻭﺩﻫﺸﺘﻪ ﻭﻋﺠﺰﻩ ﺍﻟﺘﺎﻡ ﻋﻦ ﻣﻮﺍﺻﻠﺔ ﺍﳊـﻮﺍﺭ
ﻣﻊ ﺍﻟﻨﺼﺮﺍﱐ .
ﻭﻳﺪﻭﺭ ﺍﳊﻮﺍﺭ ﺣﻮﻝ ﻣﻮﺿﻮﻋﲔ ﺭﺋﻴﺴﲔ :ﺃﺣﺪﳘﺎ ﻋﻦ ﻣﺼﺪﺭ ﺍﳋﲑ ﻭﺍﻟﺸـﺮ ،ﻭﺣﺮﻳـﺔ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ
ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭﻋﻘﻴﺪﺓ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻭﺍﻟﻘﺪﺭ .ﻭﺍﻵﺧﺮ ﻋﻦ ﺍﳌﺴﻴﺢ ،ﻭﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﲔ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﻭﻛﻼﻡ ﺍﷲ).(٣٣٤
ﻭﻳﺸﲑ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺒﺎﺣﺜﲔ ﺍﶈﺪﺛﲔ ﺇﱃ ﺃﻥ ﻳﻮﺣﻨﺎ ﺍﻟﺪﻣﺸﻘﻲ ﻫﺪﻑ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳊﻮﺍﺭ ﺃﻥ ﻳﻜـﻮﻥ ﺗﱪﻳـﺮﺍﹰ
ﻟﻠﻨﺼﺮﺍﻧﻴﺔ ،ﻭﻣﺴﺘﻨﺪﺍﹰ ﳍﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﰲ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ).(٣٣٥
) (٣٣٢ﻓﻴﻠﻴﺐ ﺣﱴ :ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺳﻮﺭﻳﺔ ،ﺝ /٢ﺹ. ١١٦
(333) Sahas: op.cit. pp.143-155 .
ﻭﻗﺪ ﻗﻤﺖ ﺑﺘﺮﲨﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻨﺎﻗﺸﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ .ﻭﻻ ﳎﺎﻝ ﻟﻌﺮﺿﻬﺎ ﻫﻨﺎ ﻷﺎ ﺃﻗﺮﺏ ﻣﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺇﱃ ﺍﻟﺪﻋﺎﻳﺔ ﺍﻟﺘﻨﺼﲑﻳﺔ .ﻭﺳﻮﻑ ﺃﻋﺮﺿﻬﺎ ﺇﻥ ﺷـﺎﺀ ﺍﷲ ﰲ
ﻛﺘﺎﺏ ﻛﺒﲑ ﺍﻧﺘﻬﻴﺖ ﲤﺎﻣﺎﹰ ﻣﻦ ﲨﻊ ﻣﺎﺩﺗﻪ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺑﻌﻨﻮﺍﻥ )ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟﺘﻨﺼﲑ ﰲ ﻋﺼﺮ ﺍﳊﺮﻭﺏ ﺍﻟﺼﻠﻴﺒﻴﺔ ( ﻭﺳﺄﻗﻮﻡ ﺑﻜﺘﺎﺑﺘﻪ ﺇﻥ ﺷـﺎﺀ ﺍﷲ ﺑﻌـﺪ
ﺍﻻﻧﺘﻬﺎﺀ ﻣﻦ ﻃﺒﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﷲ .
(334) Sahas : op.cit . p.99 .
) (٣٣٥ﻓﻴﻠﻴﺐ ﺣﱴ :ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺳﻮﺭﻳﺔ ،ﺝ/٢ﺹ. ١١٦
١١٩
