Page 139 - كتاب يوحنا الدمشقي رائد العدوان الفكري على الإسلام
P. 139
ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﺭﺑﹰﺎ ﻟﻠﺨﻠﻖ ،ﻭﻇﻞ ﻳﺆﻛﺪ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺩﻳﻦ ﳏﻤﺪ ﺩﻳﻦ ﻭﺛﲏ ﻭﺃﻥ ﺍﺗﺒﺎﻋـﻪ ﳎـﺮﺩ ﲨﺎﻋـﺔ ﻣـﻦ
ﺍﻟﻮﺛﻨﻴﲔ .ﻭﻛﺎﻥ ﰲ ﻛﻞ ﺳﻮﺭﺓ ﻳﺘﺤﺪﺙ ﻋﻨﻬﺎ ﻳﻮﺟﻪ ﺍﻟﺴﺐ ﻭﺍﻟﺸﺘﻢ ﺇﱃ ﺍﻟﻨﱯ - ﺯﺍﻋﻤﹰﺎ -ﺃﻧـﻪ ﻫـﻮ
ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺷﺤﻨﻪ ﺑﺎﻷﺳﺎﻃﲑ ،ﻭﺃﻧﻪ ﺃﻣﺮ ﺍﺗﺒﺎﻋﻪ ﺑﻘﺘﻞ ﻣﻦ ﳚﻌﻞ ﺷﺮﻳﻜﺎﹰ ﰲ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﷲ ،ﻭﻟﺬﻟﻚ
ﻭﻗﻊ ﻣﻌﻈﻢ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺒﺪﻭﻥ ﺍﳌﺴﻴﺢ ﺍﺑﻦ ﺍﷲ -ﺑﺰﻋﻤﻪ -ﻭﺃﺧﺬ ﻧﻴﻘﺘﺎﺱ ﳛﺎﻭﻝ
ﺗﻔﻨﻴﺪ ﺑﻌﺾ ﻧﺼﻮﺹ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﻗﺼﺼﻪ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻣﻘﺎﺭﻧﺘﻬﺎ ﺑﻨﺼﻮﺹ ﺍﻟﻌﻬﺪﻳﻦ ﺍﻟﻘﺪﱘ ﻭﺍﳉﺪﻳﺪ .ﻭﻳﺒﺪﻭ ﰲ
ﻫﺬﺍ ﻣﺘﺄﺛﺮﺍﹰ ﺑﺮﺃﻱ ﻳﻮﺣﻨﺎ ﺍﻟﺪﻣﺸﻘﻲ ،ﻓﺰﻋﻢ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﳌﺜﺎﻝ ﺃﻥ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺍﳋﻠﻴﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﱂ ﻳﺼﻞ ﺇﱃ
ﻣﻜﺔ ﻭﱂ ﻳﱭ ﺍﻟﻜﻌﺒﺔ ،ﻷﻥ ﺳﻔﺮ ﺍﻟﺘﻜﻮﻳﻦ ﱂ ﻳﺬﻛﺮ ﺫﻟﻚ .ﻛﻤﺎ ﺣﺎﻭﻝ ﻧﻴﻘﺘﺎﺱ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﻋﻘﻴـﺪﺓ
ﺍﻟﺜﺎﻟﻮﺙ ﺑﺒﻌﺾ ﺁﻳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺑﺘﺄﻭﻳﻠﻬﺎ ﺣﺴﺐ ﻋﻘﻴﺪﺗﻪ .ﻭﺍﺧﺘﺘﻢ ﺣﺪﻳﺜﻪ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺒـﺪﻩ
ﳏﻤﺪ ﻭﻳﺪﻋﻮ ﺇﱃ ﻋﺒﺎﺩﺗﻪ ﺇﳕﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻧﻔﺴﻪ .ﻭﺍﳊﻖ ﺃﻥ ﻛﻞ ﺃﺭﺍﺀ ﻧﻴﻘﺘـﺎﺱ ﻻ ﺗﺘﻌـﺪﻯ ﻫـﺬﺍ
ﺍﳍﺬﻳﺎﻥ .ﻭﻗﺪ ﺃﻭﺭﺩﻧﺎﻫﺎ ﻟﻨﺮﻯ ﺍﻷﺛﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺳﻬﻤﺖ ﺑﻪ ﰲ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﲡﺎﻩ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺍﳌﺴﻠﻤﲔ
ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ ﺍﻟﻮﺳﻄﻰ ﻭﺇﱃ ﺍﻵﻥ .
ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﻟﺒﻌﺾ ﺃﺭﺍﺀ ﻧﻴﻘﺘﺎﺱ ﺍﻟﺰﺍﺋﻔﺔ ﺃﺛﺮﻫﺎ ﰲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﺒﻴﺰﻧﻄﻴﺔ ﺣﱴ ﺃﻥ ﺃﺣﺪ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺃﻟـﻒ
ﺭﺳﺎﻟﺔ ﰲ ﺯﻣﻦ ﺍﻻﻣﱪﺍﻃﻮﺭ ﻣﺎﻧﻮﻳﻞ ﻛﻮﻣﻨﲔ ) ٥٨٥-٥٤٩ﻫـ١١٨٠-١١٤٣ /ﻡ ( ﻳﺸﺠﺐ ﻓﻴﻬـﺎ
ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻭﻓﻴﻬﺎ ﻳﻠﻌﻦ ﻣﺼﻨﻔﻬﺎ ) ﺍﻟﺮﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺒﺪﻩ ﳏﻤﺪ (ﻭﻗﺪﻡ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻟﻺﻣﱪﺍﻃـﻮﺭ
ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺭﺍﺩ ﺷﻄﺐ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﺍﳌﻘﻴﺘﻪ ﳏﺘﺠﹰﺎ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺮﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺒﺪﻩ ﳏﻤﺪ ﺇﳕﺎ ﻫﻮ ﺍﻷﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺒﺪﻩ
ﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﻓﺄﺻﺮ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺒﺪﻩ ﳏﻤﺪ ﺇﳕﺎ ﻫﻮ ﺇﻟﻪ ﻏﲑ ﺇﻟﻪ ﺍﳌﺴﻴﺤﻴﲔ .
ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻮﺿﺢ ﺇﱃ ﺃﻱ ﻣﺪﻯ ﺑﻘﻴﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﺍﻟﺰﺍﺋﻔﺔ ﺣﻴﺔ ﺣﱴ ﺍﻋﺘﻨﻘﻬﺎ ﻭﻗﺎﻝ ـﺎ ﻓـﺮﺍﻧﻜﻠﲔ
ﺟﺮﺍﻫﺎﻡ ﻭﺟﲑﻱ ﻓﺎﻳﱰ ﻛﻤﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎ ﺁﻧﻔﹰﺎ .
ﻭﻣﻨﺬ ﺍﻟﻨﺼﻒ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺍﳍﺠﺮﻱ /ﺍﻟﻨﺼﻒ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺘﺎﺳـﻊ ﺍﳌـﻴﻼﺩﻱ
ﺃﺻﺒﺢ ﰲ ﻣﻘﺪﻭﺭ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﰲ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺍﻷﻭﺭﻭﰊ ﺍﻹﻃﻼﻉ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺼﻮﺭ ﺍﳌﺸﻮﻫﺔ ﺣﲔ ﺗﺮﺟﻢ ﺃﻣﲔ
ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﺒﻼﻁ ﺍﻟﺒﺎﺑﻮﻱ ﺃﻧﺴﺘﺎﺳﻴﻮﺱ ﺑﻌﺾ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺎﺕ ،ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﻭﺍﻟﺒﻴﺰﻧﻄﻴﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ ﻭﺃﺩﳎﻬﺎ ﰲ
ﺣﻮﻟﻴﺎﺗﻪ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻴﺔ .
١٣٧