Page 12 - كتاب يوحنا الدمشقي رائد العدوان الفكري على الإسلام
P. 12
ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺸﺎﻡ ﻭﻣﺼﺮ – ﺍﺭﺗﺒﻄﺖ ﺑﺄﺻﻮﻝ ﺍﳌﺴﻴﺤﻴﺔ ﺍﻷﻭﱃ ،ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﳌﺴﺮﺡ ﺍﻷﻭﻝ ﻟﺘﺤﺮﻛـﺎﺕ ﺍﳌﺴـﻴﺢ
ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﻣﺮﱘ ﻭﻧﺸﺎﻃﻪ ،ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺃﻫﺎﱄ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻛﺎﻥ ﳍـﻢ ﺩﻭﺭ ﺑـﺎﺭﺯ ﰲ ﺍﻟـﺪﻓﺎﻉ ﻋـﻦ
ﺍﳌﺴﻴﺤﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﺼﻤﻮﺩ ﺿﺪ ﻣﺎ ﻧﺰﻝ ﻢ ﻣﻦ ﺍﺿﻄﻬﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﺃﻳﺪﻱ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻥ ﺍﻟﻮﺛﻨﻴﺔ ،ﻓﻀـ ﹰﻼ ﻋـﻦ
ﺟﻬﻮﺩﻫﻢ ﰲ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﳌﺴﻴﺤﻲ ،ﻭﺇﻗﺎﻣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻭﺍﺑﺘﻜﺎﺭ ﺍﻟﺮﻫﺒﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﺪﻳﺮﻳﺔ.
ﻭﻳﺒﺪﻭ ﺃﻥ ﺧﺮﻭﺝ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻭﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﻣﻦ ﺣﻈﲑﺓ ﺍﳌﺴﻴﺤﻴﺔ ،ﺃﻓﺰﻉ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻭﺁﳌﻬـﺎ .ﻭﳌـﺎ
ﻛﺎﻧﺖ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﳌﺴﻴﺤﻲ ﰲ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﻭﺍﻟﻐﺮﺏ ﲨﻴﻌﺎﹰ ﻻ ﺗﺴﺎﻋﺪ ﻋﻨﺪﺋـﺬ ﻋﻠـﻰ ﻣﻮﺍﺟﻬـﺔ ﺍﻟﺘﻮﺳـﻊ
ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﺎﻟﻘﻮﺓ ،ﻓﺈﻧﻪ ﱂ ﻳﻌﺪ ﰲ ﻭﺳﻊ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻭﺭﺟﺎﳍﺎ ﺳﻮﻯ ﺍﻻﻓﺘﺮﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺃﻫﻠﻪ ،ﻭﺗﺸـﻮﻳﻪ
ﺻﻮﺭﺗﻪ ﺑﺄﺧﺒﺎﺭ ﳐﺘﻠﻘﺔ ،ﻭﺭﺳﻢ ﺻﻮﺭﺓ ﻛﺎﺫﺑﺔ ﺑﻌﻴﺪﺓ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻟﻪ ،ﻟﺘﺸﻔﻰ ﺻﺪﺭﻫﺎ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ،ﻭﲢﺘﻔﻆ
ﻟﻨﻔﺴﻬﺎ ﰲ ﻧﻈﺮ ﺭﻋﺎﻳﺎﻫﺎ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﺃﻗﻞ ﺍﻫﺘﺰﺍﺯﹰﺍ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ " ).(١٧
ﻭﻟﻌﻞ ﻣﻦ ﺃﻭﺍﺋﻞ ﺃﺳﺎﻗﻔﺔ ﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﲢ ﺪﺛﻮﺍ ﻋﻦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﳌﺆﺭﺥ ﺍﻷﺭﻣﲏ ﺳـﻴﺒﻴﻮﺱ
ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺎﺵ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻷﻭﻝ ﺍﳍﺠﺮﻱ /ﺍﻟﺴﺎﺑﻊ ﺍﳌﻴﻼﺩﻱ ﻭﻛﺘﺐ ﺗﺎﺭﳜﻴﹰﺎ ﻋﻦ ﻋﺼﺮ ﺍﻹﻣﱪﺍﻃﻮﺭ ﺍﻟﺒﻴﺰﻧﻄﻲ
ﻫﺮﻗﻞ .ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻛﺘﺎﺑﺘﻪ ﺗﺘﺼﻒ ﺑﺎﳌﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﱂ ﻳﺘﻌﻤﺪ ﺍﻟﺘﺸﻮﻳﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻧﺘﻬﺠﻪ ﺍﻟﻜﺘـﺎﺏ ﺍﻟﻨﺼـﺎﺭﻯ
ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﺘﺒﻮﺍ ﺑﻌﺪﻩ ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﱯ ﳏﻤﺪ ﻭﺩﻋﻮﺗﻪ " :ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻇﻬﺮ ﺭﺟـﻞ ﻣـﻦ ﻭﻟـﺪ
ﺇﲰﺎﻋﻴﻞ ﺍﲰﻪ ﳏﻤﺪ ﻛﺎﻥ ﺗﺎﺟﺮﺍﹰ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﺇﻥ ﺍﷲ ﺃﺭﺳﻠﻪ ﺑﺪﻋﻮﺓ ﺍﳊﻖ ،ﻭﳌﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟـﺪﻋﻮﺓ ﻣـﻦ ﺍﷲ
ﺍﺟﺘﻤﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺄﻣﺮﻩ ﻭﺩﺍﻧﻮﺍ ﻟﺸﺮﻳﻌﺘﻪ ،ﻭﻫﺠﺮﻭﺍ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺍﻷﻭﺛﺎﻥ ﺍﻟﺒﺎﻃﻠﺔ ﻭﺃﻧﺎﺑﻮﺍ ﺇﱃ ﺍﷲ ﺍﳊﻲ ﺍﻟﻘﻴﻮﻡ ﺍﻟﺬﻱ
ﻇﻬﺮ ﻷﺑﻴﻬﻢ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻭﻗﺪ ﺃﻣﺮﻫﻢ ﳏﻤﺪ ﺃﻻ ﻳﺄﻛﻠﻮﺍ ﺍﳌﻮﻗﻮﺫﺓ ،ﻭﻻ ﻳﺸـﺮﺑﻮﺍ ﺍﳋﻤـﺮ ﻭﻻ ﻳﻜـﺬﺑﻮﺍ ﻭﻻ
ﻳﺰﻧﻮﺍ") .(١٨ﻭﻣﻦ ﻋﺠﺐ ﺃﻧﻨﺎ ﻻ ﳒﺪ ﺃﺣﺪﺍﹰ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺟﺎﺅﻭﺍ ﺑﻌﺪﻩ ،ﻧﻘﻠﻮﺍ ﻋﺒﺎﺭﺗﻪ ﻫﺬﻩ
ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻓﻌﻠﻮﺍ ﻣﻊ ﻛﺘﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﺍﳌﺘﻌﺼﺒﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻋﻤﺪﻭﺍ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﺸﻮﻳﻪ ﻭﺍﻟﺘﻠﻔﻴﻖ .ﻭﻻ ﻳﻮﺟـﺪ
) (١٧ﻣﺮﺍﺟﻌﺎﺕ ﻟﻜﺘﺎﺑﺎﺕ ﺑﻌﺾ ﺍﳌﺴﺘﺸﺮﻗﲔ ﺍﶈﺪﺛﲔ ﻋﻦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺣﻀﺎﺭﺗﻪ ،ﻣﻨﺸﻮﺭ ﰲ ﻛﺘـﺎﺏ ﲝـﻮﺙ ﰲ ﺗـﺎﺭﻳﺦ
ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺣﻀﺎﺭﺗﻪ ،ﻁ .ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ١٩٨٧ ،ﻡ ،ﺹ . ١٤-١٣
) (١٨ﺑﺘﻠﺮ :ﻓﺘﺢ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﳌﺼﺮ ،ﺗﺮﲨﺔ ﳏﻤﺪ ﻓﺮﻳﺪ ﺃﺑﻮ ﺣﺪﻳﺪ ﺑـﻚ ،ﺍﻟﻘـﺎﻫﺮﺓ ١٤١٦ ،ﻫــ١٩٩٦/ﻡ ،ﺹ، ١٨٨
ﺣﺎﺷﻴﺔ ﺭﻗﻢ ). (١
١٠
