الموقع الرسمي للدكتور علي بن محمد عودة الغامدي
الحملة الصليبية الخامسة والتنصير

بدأت حركة التنصير الغربية الموجهة إلى المسلمين مع مجيء الحملة الصليبية الخامسة ٦١٤ – ٦١٨ هجرية. فقبل تلك الحملة لم تظهر حركة التنصير تلك ، ولم يصحب الحملات السابقة منصرون يريدون تنصير المسلمين ، وفي أوائل القرن السابع الهجري نشأت في أوربا منظمة الرهبان الفرنسيسكان التي أسسها الإيطالي فرنسيس الأسيسي ، والتي هدفت إلى نشر النصرانية الكاثوليكية في جميع أنحاء العالم وبخاصة بين المسلمين ، ونشأت بعدها منظمة الرهبان الدومنيكان التي أسسها دومنيك القشتالي لتقوم بنفس الدور الذي تقوم به منظمة الرهبان الفرنسيسكان. وقد صحب فرنسيس الأسيسي – مؤسس منظمة الرهبان الفرنسيسكان – الحملة الصليبية الخامسة التي احتلت دمياط في مصر وبدأت بالزحف لاحتلال مصر. وقد طلب فرنسيس الأسيسي من قادة الحملة الصليبية الخامسة السماح له بالذهاب الى معسكر السلطان الأيوبي محمد الكامل بن العادل ليدعوه إلى اعتناق النصرانية ، فسمحوا له بذلك ، ووصل فرنسيس الى معسكر السلطان وهو يحمل علماً أبيضاً ، فإذن له السلطان الكامل بالمثول بين يدية وبدأ يتحدث إلى السلطان عن طريق مترجمين تابعين للسلطان ( يبدو انهم من بقايا حملة الأطفال الذين اشتراهم الكامل من تجار الرقيق ) ودعا فرنسيس السلطان الى اعتناق النصرانية. فاستمع إليه السلطان بأدب جم ثم قدّم له بعض الهدايا وأمره بالانصراف. فتوسل إلى السلطان بأن يسمح له بإقامة دير له ولرهبانه في القدس ، فسمح له السلطان بذلك دون أن يدرك أبعاد تلك الخطوة الخطيرة ، فأنشأ فرنسيس مع رفاقه دير الرهبان الفرنسيسكان في القدس ، وعاد فرنسيس إلى الغرب ، لكن ديره في القدس ظل يقوم بدوره التنصيري والتجسسي طوال قرون تالية. أما جاكيوس دي فتري فهو منصًر أيضاً جاء إلى الشام مع طلائع الحملة الصليبية الخامسة سنة٦١٤هجرية وقام بتعميد أطفال المسلمين الذين أسرهم الصليبيون من بيسان ووزعهم على راهبات ليقمن بتربيتهم وتنشئتهم نشأة كاثوليكية ثم صحب الحملة إلى مصر وبعد احتلال دمياط سنة ٦١٦ قام بتعميد الاف الأطفال من المسلمين الذين وقعوا في أسر الصليبيين. ولقد مات من أولئك الأطفال أكثر من ٥٠٠ طفل بعد غمسهم في ماء المعمودية – الذي يبدو أنه كان ملوثا – وأرسل بقية الأطفال الأحياء الى الراهبات الكاثوليكات في سواحل الشام لتربيتهم على العقيدة الكاثوليكية ويعتبر المنصر جاكيوس دي دفتري نقطة تحول في تاريخ حركة التنصير الموجهة إلى المسلمين. فقد دفع بقوة زخم تلك الحركة الخبيثة التي ظهرت في بداية القرن السابع الهجري بقيام منظمتي الرهبان الفرنسيسكان والدومنيكان اللتين أخذتا على عاتقهما نشر النصرانية الكاثوليكية في جميع أنحاء العالم ولم تقتصر جهود جاكيوس على تنصير المسلمين بل حاول كثلكة النصارى اليعاقبة والسريان وغيرهم. وكذلك أوليفر أوف كولون وهو من دعاة الحملة الصليبية الخامسة ومنصًر أيضا رافق الحملة ومن جوار دمياط أرسل الى السلطان الكامل سنة ٦١٨هجرية رسالة يناشده فيها بحرارة عجيبة اعتناق النصرانية الكاثوليكية وترك الإسلام وزعم في رسالته – كاذبا – أن النصرانية انتشرت بالتبشير بينما انتشر الإسلام بالسيف ولأن هذا الزعم الكذوب يتناقض مع الحروب الصليبية التي يشنها الغرب ضد المسلمين في عقر دارهم منذ أكثر من قرن من الزمان، برًر أوليفر تلك الحروب بقوله:(إن المسلمين يرفضون اعتناق المسيحية ويمتلكون القوة المسلحة ولذلك لم يبق أمام الأمراء الكاثوليك سوى استعمال السيف للدفاع عن المسيحية واستعادة حقها في فلسطين). وشدد أوليفر على زعمه أن حق الكاثوليك في الأماكن المقدسة في فلسطين حق تاريخي كما قدًم أوليفر مبررا آخرا للحروب الصليبية وهو:(أن المسلمين لا يسمحون للمبشرين بالدخول الى بلادهم والتجول فيها بحرية والدعوة للمسيحية) والمتأمل في هذا النهج من التفكير يلاحظ أن الغرب لايزال ينهجه إلى الآن كتبه أ. د/علي بن محمد عودة الغامدي.

شاركـنـا !

أترك تعليق
صوت التطور لخدمات الويب
%d