الموقع الرسمي للدكتور علي بن محمد عودة الغامدي
لقاء عجيب بين أويس القرني وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم

(لقاء عجيب بين أويس القرني وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم)

كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يحج بالناس في كل سنة طوال فترة خلافته. وكان في كل سنة يسأل عن أويس القرني، الذي وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه خير التابعين وقد حدث الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد ثم من قرن كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم، له والدة هو برّ بها لو أقسم على الله لأبره فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل). وفي حج عام٢٣هـ
صعد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى جبل أبي قبيس فنادى بأعلى صوته يا أهل الحجيج من أهل اليمن، أفيكم أويس من مراد؟ فقام شيخ كبير طويل اللحية من قرن فقال : يا أمير المؤمنين إنك قد أكثرت السؤال عن أويس هذا، ومافينا أحد اسمه أويس إلا ابن اخ لي يقال له أويس فأنا عمه وهو حقير بين أظهرنا، خامل الذكر، وأقل مالاً، وأوهن أمراً من أن يرفع اليك ذكره، فقال عمر: وأين ابن أخيك هذا الذي تزعم ؟ أهو معنا بالحرم؟ قال الشيخ : نعم يا أمير المؤمنين هو معنا في الحرم، غير أنه في أراكِ عرفة يرعى إبلاً لنا. فركب عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه عنهما على حمارين لهما، وخرج من مكة وأسرعا السير إلى أراك عرفة يبحثان عنه، فوجداه بين الشجر في طمرين من صوف أبيض وقد صف قدمه يصلي إلى شجرة متخذها سترة له وقد وضع يديه على صدره وألقى بناظريه إلى موضع سجوده والإبل حوله ترعى، ثم أقبلا نحوه، فلما أحس بهما أوجز في صلاته فقالا له : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فقال أويس : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وسأل عمر عن اسمه فقال إنه  عبدالله وابن أمته، فما  زال به عمر حتى أخبره باسمه ، فطلب منه أن يريه شقه الأيسر، قال: وما حاجتكما إلى ذلك؟ قال علي رضي الله عنه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وصفك لنا، وقد وجدنا الصفة كما أخبرنا غير أنه أعلمنا أن بشقك لمعة بيضاء كمقدارالدينار أو
الدرهم، ونحن نحب أن ننظر إلى ذلك، فكشف لهما عن شقه الأيسر، فلما شاهدا اللمعة ابتداره يقبلانه وقالا:
نشهد أنك أويس القرني، ثم بكيا طويلاً وقالا: يا أويس
إن رسول الله أمرنا أن نقرئك السلام، وأمرنا أن نسألك أن تستغفر لنا فإن رأيت أن تستغفر لنا يرحمك الله فافعل..
ولكن أويسا طلب أن يعرفاه بنفسيهما، فقال علي: أما هذا فأمير  المؤمنين، وأما أنا فعلي بن أبي طالب فوثب أويس مستبشراً فعانقهما ورحب بهما ،  وقال جزاكما الله
عن هذه الأمة خيرا، قالا:و أنت جزاك الله عن نفسك خيرا
ثم قال أويس:  ومثلي يستغفر لأمثالكما؟ فقالا: نعم، إنا
قد احتجنا إلى ذلك منك، وطلبا منه أن يدعو لهما حتى يؤمنا على دعائه  فقال اللهم أن هذين يذكران انهما  يحباني فيك فاغفر لهما وإدخلهما في شفاعة نبيهما
محمد صلى الله عليه وسلم. فقال له عمر رضي الله عنه:
مكانك رحمك الله حتى أدخل مكة فآتيك بنفقة من عطائي وفضل كسوة من ثيابي، فإني اراك رث الحال، هذا المكان الميعاد بيني وبينك غداً ،فقال: يا أمير المؤمنين لا ميعاد بيني وبينك، ولا أعرفك بعد اليوم ولا تعرفني، ما أصنع بالنفقة؟ وما أصنع بالكسوة ؟ أما ترى علي آزارا من صوف ورداء من صوف متى اراني أخلقهما؟ أما ترى نعلي مخصوفتين، متى تراني أبليهما?
ومعي أربعة دراهم أخذتها من رعايتي، متى تراني أكلهما!
يا أمير المؤمنين إن بين يدي عقبة لا يقطعها إلا كل مخف مهزول، فأخف يرحمك الله. يا أبا حفص إن الدنيا غرارة،زائلة،فانية، فمن أمسى وهمته فيها اليوم مد عنقه إلى غد، ومن مد عنقه إلى غد أعلق قلبه بالجمعة، ومن أعلق قلبه بالجمعة لم ييأس من الشهر، ويوشك  أن يطلب السنة، وأجله أقرب إليه من أمله، ومن رفض هذه الدنيا أدرك مايريد غداً من مجاورة الجبار، وجرت تحت منازله الثمار، فلما سمع عمر رضي الله عنه، ضرب بدرته الأرض ، ثم نادى بأعلى صوته: ألا ليت عمر لم تلده أمه،
ليتها عاقراً لم تعالج حملها. ألا من يأخذها بما فيها ولها ومضى أويس يسوق الإبل  وعمر وعلي رضي الله عنهما ينظران إليه حتى غاب فلم يروه، وعاد عمر وعلي رضي الله عنهما نحو مكة. وأخبار أويس مستوعبة في كثير من المصادر. وقد أوردنا ملخصها هنا لصلتها بتاريخ مكة ولما فيها من دروس وعبر.
كتبه: أ.د. علي بن محمد عودة الغامدي.
المرجع كتاب لي عن تاريخ مكة لم يطبع

شاركـنـا !

أترك تعليق
صوت التطور لخدمات الويب
%d