الموقع الرسمي للدكتور علي بن محمد عودة الغامدي
الفتح المبين

قال تعالى ( إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً)  كان هذا بعد صلح  الحديبية . وعندما يتناول بعض الإخوة الفضلاء شرح معنى الفتح المبين لا يخرجون عن المعنى الذي شرحه الزهري رحمه الله تعالى من أن الصلح أتاح للناس فرصة الحديث مع بعضهم البعض بحيث دخل في الإسلام خلال السنتين التاليتين للصلح أضعاف العدد الذي كان في الحديبية بحيث فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة في السنه الثامنة من الهجرة ومعه عشرة آلاف من المسلمين  هذا فضلا عن فتح خيبر ومراسلته ملوك ذلك العصر. بيد أن هذا لا يكفي لشرح المعنى العميق للفتح المبين الذي ذكره الله تعالى . ذلك أن صلح الحديبية أكبر نقطة تحول في التاريخ البشري بأكمله  ومنعطف لم يشهدله التاريخ الإنساني مثيلاً .وحتى يتبين لنا هذ المعنى فلنستحضر أمامنا خارطة العالم في ذلك الحين . وكان الصلح في العام السادس من الهجرة وكان عدد المسلمين الذين مع النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في رواية جابر بن عبدالله 1400 رجل .ولم يكن بيد المسلمين سوى المدينة واذاجمعنا 6 سنوات في المدينة مع 13 سنة في مكة تصبح 19 سنة  والحصيلة فقط  1400مسلم والمدينة فقط .وهنا فلنأخذ 19 سنة بعد صلح الحديبية  فنصبح في سنة 25 هجرية أي في عهد عثمان رضي الله عنه . فما الذي حدث خلال تلك التسعة عشر عاما التي تلت الحديبية ؟ هزم المسلمون  بصورة إعجازية أكبر امبراطوريتن في العالم في ذلك الحين وفي وقت واحد و أزالو من الوجود اكبر امبراطورية في شرق العالم القديم عرفت حتى ذلك الحين وهي امبراطورية فارس  وأخمدوا نار المجوس وإلى الأبد. وفتحوا أكثر من نصف مساحة امبراطوريةالروم التي كانت أكبر امبراطورية عرفها غرب العالم القديم . ووصلت حملة قادها معاوية بن أبي سفيان زمن عثمان رضي الله عنه الى خليج البسفور وذلك في نهاية السنة   التاسعة عشرة بعد صلح الحديبية وامتدت حدود دولة الإسلام في نهاية تلك المدة من حدود الصين شرقا الى شمال افريقية غربا ومن بلاد القوقاز شمالا الى المحيط الهندي  جنوبا .ودخل الملايين من سكان تلك البلاد في الإسلام لاسيما من الشعوب الوثنية  . وأصبحت دولة الإسلام في نهاية تلك التسعة عشر سنة بعد صلح الحديبية  أكبر وأقوى واعدل دولة في العالم بلا منازع . ولم يحدث في التاريخ الانساني كله إلى اليوم ان استطاعت امة من الأمم أن تقيم في  19 سنة دولة تضاهي هذه الدولة العظيمة . وهكذا  بهذا المنظور نتبين المعنى الحقيقي  للفتح المبين الذي أشار إليه القران الكريم  .
كتبه .أ.د. علي محمد عودة الغامدي .

شاركـنـا !

أترك تعليق
صوت التطور لخدمات الويب
%d