الموقع الرسمي للدكتور علي بن محمد عودة الغامدي
معركة حران

بعد نجاح الحملة الصليبية الاولى وقيام إمارتي الرها وأنطاكية الصليبيتين ، اراد الصليبيون التوسع في منطقة الجزيرة الفراتية للوصول الى العراق ، فاتفق بوهمند النورماني أمير انطاكية وابن أخته تانكر مع امير الرها بولدين لي بورج وأمير تل باشر جوسلين ، على الاستيلاء على مدينة حران ، ذات الموقع الاستراتيجي الخطير حيث تقع على تقاطع طرق المواصلات بين الشام والعراق وآسيا الصغرى. والسيطرة عليها يؤدي إلى قطع الاتصال بين البلدان الإسلامية الثلاثة ، كم يُعطي قاعدة متقدمة للصليبيين يمكن ان ينطلقوا منها عبر نهر الفرات للسيطرة على الموصل ، ومن ثمة التقدم وتهديد بغداد ، والوصول إلى الخليج العربي ، وطعن المسلمين في الصميم ، وزحف القادة الاربعة بجيوشهم قاصدين حران.
وعندئذ شعر بهذا الخطر أميران مسلمان هما جكرمش حاكم الموصل ، وإيلغازي بن أرتق أمير ماردين. وعلى الرغم من أنهما كانا على خلاف على بعض المناطق الواقعة بين ماردين والموصل ، فإنهما اتفقا على التصدي للصليبيين ، وتقدما بقواتهما نحو حران ، والتقوا بالجيش الصليبي الذي يقوده أولئك القادة الاربعة. ودارت معركة حامية الوطيس بين المسلمين والصليبيين سنة ٤٩٧ هجرية/ ١١٠٤م عند نهر البليخ – احد روافد نهر الفرات – وحلَّت هزيمة ساحقة بالصليبيين ، فقُتِلَ منهم حوالي عشرة آلاف ، ووقع في الأسر بلدوين لي بورج أمير الرها ، وجوسلين أمير تل باشر ، وهرب بوهمند وابن أخته تانكرد إلى انطاكية ، ولم ينجح الصليبيون في قطع الاتصال بين العراق والشام وآسيا الصغرى ، واوقفت المعركة توسع الصليبيين في شمال الشام والجزيرة ، وحطمت أسطورة أن الفرنج قوة لا تقهر ، التي راجت بين المسلمين في الشام والعراق قبيل المعركة.
وكان في الامكان استغلال وقوع امير الرها وامير تل باشر في الأسر واسترداد المدينتين من الصليبيين ، لكن الخلاف الذي اندلع بعد المعركة بين جكرمش وإيلغازي على الأسرى والغنائم حال دون تحقيق ذلك الهدف.
كتبه. أ . د/ علي بن محمد عودة الغامدي.

شاركـنـا !

أترك تعليق
صوت التطور لخدمات الويب
%d