يعتبر معاوية بن أبي سفيان أول قائد مسلم فكًر في صناعة أسطول وركوب البحر لمواجهة سيطرة الروم على البحر المتوسط فأرسل الى الخليفة عمر الفاروق رضي الله عنه يستأذنه في بناء سفن وفتح قبرص وحتى يغريه بالموافقة قال في رسالته : (إن قرية من قرى حمص ليسمع أهلها نباح كلابهم وصياح دجاجهم) .
والمعروف عن عمر رضي الله عنه حرصه الشديد على سلامة المسلمين وعدم تعريضهم للخطر او المقامرة بحياة المجاهدين .ولذلك كان يأمر قادة الجيوش بالمكث والتأني لأن الحرب لا ينجح فيها إلا الرجل المكيث. لذلك أرسل الى عمرو بن العاص وآليه على مصر يقول: صف لي البحر فرد عمرو بهذا الوصف البديع :
(يا أمير المؤمنين إني رأيت البحر خلقا كبيرا يركبه خلق صغير ليس إلا السماء والماء إن ركن أحزن القلوب وان تحرك أزاغ العقول يزداد فيه اليقين قلة والشك كثرة هم فيه كدود على عود ان مال غرق وان نجا برق) فلما قرأ عمر الوصف أرسل الى معاوية(لا والذي بعث محمدا بالحق لا أحمل فيه مسلما أبدا).
ولم يجرؤ معاوية على مخالفة أمر عمر رضي الله عنه . ولما تولى عثمان رضي الله عنه الخلافة أستأذنه معاوية في فتح قبرص فأذن له واشترط عليه أن لايجبر أحدا من المسلمين على ركوب البحر وأن يترك الأمر تطوعا واختيارا وأن يكون بزوجته مع الغزاة في البحر فأمر معاوية ببناء السفن في موانئ الشام.
وسار الاسطول الاسلامي في سنة 28هجرية وفتح جزيرة قبرص . وحرم الروم من قاعدة يمكن اتخاذها للهجوم على الشام ومصر. ومن الطريف أنه كان مع المسلمين في تلك الغزوة أم حرام بنت ملحان التي بشرها النبي صلى الله عليه وسلم بالشهادة في أول غزوة تغزوها امته في البحر فوقعت عن بغلتها وماتت شهيدة كما بشرها.