الموقع الرسمي للدكتور علي بن محمد عودة الغامدي
صُلح يافا سنة ٦٢٦ هجرية بين السلطان الأيوبي محمد الكامل وامبراطور ألمانيا وصقلية فردريك الثاني وتسليم القدس لفردريك الثاني.

اثبت تاريخ الحروب الصليبية التي دارت رحاها على بلاد الشام لمدة قرنين من الزمان أن كل ما ترتب على المفاوضات بين المسلمين والصليبيين كانت في الغالب لصالح الصليبيين.
وقد تعاون الأخوة الثلاثة ابناء العادل ، السلطان الكامل محمد صاحب مصر مع اخويه المعظم عيسى ملك دمشق والقدس وما يتبعهما والأشرف موسى ملك الجزيرة الفراتية وخلاط. وترتب على تعاونهم هزيمتهم للحملة الصليبية الخامسة التي غزت مصر بعد اربع سنوات من القتال ، رغم ان اعداد جيوش الحملة زادت على مئة وستين الفاً. وكان ذلك النصر سنة ٦١٨ هجرية.
ولم يلبث الخلاف والنزاع ان دب بين الاخوة – وسبب الخلاف وتفاقمه موضوع يطول شرحه – فاتفق الكامل محمد مع أخيه الأشرف موسى ضد اخيهما المعظم عيسى الذي شعر أنه أصبح مطوقاً من جانب أخويه فراسل سلطان الدولة الخوارزمية جلال الدين منكبرتي وتحالف معه ضد أخويه. وبدأ جلال الدين يهاجم ممتلكات الاشرف في الجزيرة. عندئذ راسل الكامل محمد ملك المانيا وصقلية فردريك الثاني – حفيد فردريك بربرسا – وطلب مساعدته على أخيه المعظم ووعده بإعطائه القدس مقابل مساعدته له ، وكانت البابوية قد اصدرت قرار الحرمان ضد فردريك لتقاعسه عن القيام بحملة صليبية لاحتلال القدس مرة أخرى.
وقد وصل فردريك إلى عكا في شوال سنة ٥٢٥ هجرية بحملة صغيرة مكونة من مئات الفرسان. وكان الملك المعظم عيسى قد توفي قبيل وصوله وأعلن ابنه الناصر داوود طاعته لعمه السلطان الكامل. فوقع الكامل في موقف حرج مع فردريك ، فلم يعد في حاجة لمساعدته بعد موت أخيه. ولكنه هو الذي استدعاه ووعده ومنَّاه بالقدس. وقد جرت مفاوضات طويلة بين الجانبين وكان السفير المتنقل بين الكامل وفردريك هو فخر الدين بن شيخ الشيوخ وزير الكامل ، الذي انعقدت بينه وبين فردريك صداقة متينة ، وذكرت المصادر أن فردريك كان يبكي أحياناً خلال المفاوضات ويرجو أن ينعم عليه الكامل بالقدس ، وانه ليس له هدف في القدس سوى حفظ مكانته في الغرب ورفع قرار الحرمان عنه…
واخيراً توصَّل الجانبان إلى اتفاقية صلح يافا في ٢٨ ربيع الأول سنة ٦٢٦ هجرية/ ١٨ فبراير سنة ١٢٢٩م
وكانت نصوصه كما يلي :
– مدة الهدنة بين الجانبين” الصلح “عشر سنوات.
 – أن يأخذ الصليبيون بيت المقدس وبيت لحم والناصرة.
 – أن يبقى سور بيت المقدس خراباً فلا يُجَدَّد.
 – تكون جميع القرى التابعة للقدس بأيدي المسلمين ويحكمها والٍ مسلم  يُقيم بالبيرة شمال القدس.
ان يكون المسجد الأقصى وقبة الصخرة بأيدي المسلمين ولا يدخلها الفرنج إلا للزيارة فقط.
 – حرية العبادة للمسلمين والمسيحيين على حد سواء.
 – منحت الأتفاقية الصليبيين عدداً من القرى فيما بين عكا ويافا وبين اللد وبيت المقدس لضمان سلامتهم أثناء تنقلهم إلى المدينة المقدسة.
 – تعهد الامبراطور فردريك الثاني من جانبه للسلطان الكامل بعدم الاشتراك أو المساعدة في أي حملة صليبية قادمة للهجوم على ممتلكات السلطان ، بل وعرقلة أي جُهد صليبي ضد ممتلكاته.

شاركـنـا !

أترك تعليق
صوت التطور لخدمات الويب
%d