ريموند لول ورسالة عبدالمسيح الكندي.
المتأمل في سيرة المُنصِّر القطالوني ريموند لول ومؤلفاته التنصيرية والخطط التي صاغها لتنصير المسلمين يلاحظ شدة شغفه برسالة النصراني الشرقي التي كتبها الفيلسوف والطبيب يحيى بن عدي تحت اسم مستعار هو عبدالمسيح بن اسحاق الكندي. فقد تأثر ريموند لول بهذه الرسالة الى حد بعيد وتبنَّى مفترياتها وتلفيقاتها ، ولا غرابة في ذلك فقد أُعْتُبِرَت في الغرب منذ ترجمتها الى اللاتينية ، كأساس للمشروع الكلوني ألمُنْجَز سنة ٥٣٧ هجرية ، أقوى رد ودحض للإسلام حسب زعم كٌتَّاب الغرب وعلى رأسهم الأسباني بيدرو باسكوال ، المعاصر لريموند لول ، الذي وصفها بالمصداقية ووصف مؤلفها بالموثوقية ، والمستشرق الأنجليزي وليم موير الذي ترجمها إلى الأنجليزية سنة ١٨٨٠م ونثر معظم تلفيقاتها في كتبه التي كتبها عن الإسلام ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
ومن أهم الاراء المغرضة التي استقاها ريموند لول من رسالة الكندي ورددها في بعض مؤلفاته الزعم الباطل بأن النبي محمد صلى الله عليه وسلم نشر دينه بين الناس بحد السيف في حين نشر المسيح وحواريوه المسيحية بالحب والتبشير. وهذا المفترى رددته الرسالة المنسوبة لعبد المسيح الكندي كثيراً.
وكان ريموند لول يرى أن رسالة الكندي مهمة جداً لنشر النصرانية بين المسلمين ، ولذلك دعا الى ان يدرسها المنصرون الكاثوليك حتى يستطيعون – حسب زعمه الكذوب – أن يثبتوا بطلان نبوة محمد صلى الله عليه وسلم.
ليس هذا فحسب ، بل لقد تصوَّر ريموند لول ان بمقدور هذه الرسالة إقناع المسلمين بترك دينهم واعتناق النصرانية وحث المنصرين الذين يتجادلون مع المسلمين – في المناطق التي يسيطر عليها النصارى – أن يجبروا المسلمين : ( طوعاً أو كرهاً على قراءة رسالة عبد المسيح الكندي ).
ومن عجب أن المنظمات التنصيرية – سواء الكاثوليكية أو البروتستانتية – التزمت بهذه النصيحة لريموند لول منذ العصر الاستعماري وإلى اليوم فلا تجد إرسالية تنصيرية إلا وهي تحمل هذه الرسالة أو تردد تلفيقاتها ومفترياتها في دعوة المسلمين لاعتناق النصرانية.
كتبه : أ. د / علي بن محمد عودة الغامدي.