المتأمل في تاريخ الحروب الصليبية يلاحظ ان الدول الإسلامية المعاصرة لتلك الحروب قد اكتسبت شرعية وجودها – منذعهد الدولة السلجوقية حين بدأ الغرب النصراني الصليبي هجومه الحاقد ضد بلاد الاسلام والمسلمين – من إقامتها لفريضة الجهاد كما أمر بها القرآن الكريم وألاحاديث الشريفة .وما أن تتخلى تلك الدول أو تتقاعس عن إقامة فريضة الجهاد حتى تفقد مبرر وجودها الشرعي وتسقط لتحل محلها دولة أخرى تقيم فريضة الجهاد ،فالدولة السلجوقية اكتسبت شرعية وجودها من جهادها للروم -وإزالة الرفض من بلاد العراق والشام – وحينما عجز سلاجقة الشام عن القيام بصد الحملة الصليبية الاولى سقطوا وحلت محلهم الدولة الزنكية التي قامت بأداء فريضة الجهاد خير قيام زمن عماد الدين زنكي وابنه نور الدين محمود.وحين عجزت الدولة الزنكية عن إقامة فريضة الجهاد بعد موت نور الدين حلت محلها الدولة الايوبية بقيادة صلاح الدين الذي أقام فريضة الجهاد في أبهى وأجل صورها،واستمر أداء تلك الفريضة بصورة أقل في عهد اخيه العادل ، وحينما أخفق خلفاؤه من بعده في جهاد الصليبيين فقدت الدولة الايوبية مبرر وجودها وشرعيته وسقطت بأيدي مماليكها (دولة المماليك ) الذين اكتسبوا الشرعية لدولتهم من جهادهم وهزيمتهم للمغول وأقتلاع الوجود الصليبي من جذوره في بلاد الشام ودرء الاخطار عن بلاد المسلمين.ولما اخفقت دولة المماليك عن القيام بتلك الفريضة حلت محلها الدولة العثمانية لتقوم بأداء تلك الفريضة على مدى عدة قرون.
كتبه؛ أ.د/ علي محمد عودة الغامدي.