دور شيخ الإسلام ابن تيمية في جهاد المغول :
تولى غازان عرش مغول فارس سنة 694هـ فاعتنق الإسلام وجعله دين دولته الرسمي وبدأ في انشاء المدارس والربط ووقف الأوقاف وتشجيع العلماء، إلا أنه طمع في أن يوسع حدود دولته على حساب المماليك ذلك أنه رأى أنه أحق بالملك منهم باعتبار أنهم في الأصل مماليك ارقاء لذلك نجده يكرر الهجوم على بلاد الشام في سنوات 699هـ و701هـ و703هـ.
ذلك أنه استغل الإضطراب الذي حدث في دولة المماليك بعد وفاة الأشرف خليل بن قلاوون فجاء بحملة كبيرة إلى بلاد الشام سنة 699هـ، وفي خارج دمشق التقى بجيش المماليك فأنزل بهم الهزيمة وفرّ الجيش المملوكي إلى مصر وكان من أثر ذلك أن أرسل أهل دمشق بقيادة شيخ الإسلام ابن تيمية وفداً فقابل شيخ الإسلام غازان وكلمه كلاما قوياً وأوضح له أنه إذا كان سلطانا مسلما فإنه لا يحل له أن يسفك دماء المسلمين ويسلب أموالهم، وقد خضعت له دمشق وبلاد الشام زهاء 100 يوم وولى على تلك البلاد نواب من جانبه وحدث خلال ذلك عمليات سلب ونهب للسكان.
كما أن نواب المغول عملوا على نشر الفساد في دمشق وسائر بلاد الشام ففتحوا حانات الخمور والدعارة حتى يحصلوا على ضرائب كبيرة من ذلك ، لكن الأمور في مصر استقرت للسلطان محمد بن قلاوون، فأرسل جيشاً إلى بلاد الشام واسترد دمشق وسائر بلاد الشام ودار شيخ الإسلام ابن تيمية على حانات الخمور وكسر جرارها وكل مظاهر الفسق التي نشرها المغول على أن غازان عاد مرة أخرى في سنة 701هـ وهاجم بلاد الشام وفر الناس من شمال الشام فدخلها المغول ونهبوا كل مافيها ولما سمعوا بقدوم جيش المماليك انسحبوا.
معركة شقحب (مرج الصفر):
في سنة 703هـ أرسل غازان حملة كبيرة لإخضاع بلاد الشام ،ولما سمع سكان بلاد الشام في حلب وحمص وغيرها تركوا مدنهم وذهبوا إلى دمشق للتحصن فيها، وخاف أهل دمشق أن يجتاحهم المغول قبل وصول الجيش من مصر ولكن شيخ الإسلام حثهم على الصمود.
وبعد ذلك وصل الجيش من مصر بقيادة السلطان محمد بن قلاوون وانضم اليهم المتطوعون من بلاد الشام بقيادة شيخ الإسلام ابن تيمية والذي حثهم على الجهاد ضد المغول.
ولما سُئِل كيف نقاتل المغول وهم يشهدون ان لا إله الا الله محمد رسول الله فقال إِن هؤلاء من جنس الخوارج الذين قاتلوا علي ومعاوية وكان يقسم أمام الجيش ويقول والله إنكم منصورون هذه المرة.
فقالوا قل إن شاءالله فقال ان شاءالله تحقيقا لا تعليقا وكان يستند في قسمه إلى قوله تعالى(ذَٰلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ )
والحق أن دولة المماليك أفضل في ذلك الحين من الناحية الشرعية من دولة غازان فهي دولة جهاد قضت على الصليبين في بلاد الشام وظلت بعد ذلك تجاهد الأرمن النصارى والنصيرية والقراصنة الصليبين الذين يهاجمون سواحل مصر والشام خصوصا القراصنة القطلان ، بينما دولة غازان لم تقم بأي دور جهادي البتة فضلاً عن أن دولة المماليك مليئة بالعلماء الفضلاء من أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية وتلاميذه.
.والتقى الجيشان في أوائل رمضان سنة 703هـ وأفتى شيخ الإسلام بانه يجب على الجيش الفطر حتى يتقوون على القتال، وأفطر إمامهم وحدثت معركة حاسمة انتصر فيها جيش المماليك وسكان دمشق على المغول عند شقحب خارج دمشق في اوائل رمضان سنة 703هـ ، وكانت أحز المعاوك الكبيرة بين الجانبين حيث مات غازان في نفس السنة فخلفه أخوه اولجايتو بن ارغون الذي راسل سلطنة المماليك ودعا إلى اقامة صداقة بين الجانبين وتحسنت العلاقة بينهما وظل ذلك
التحسن سائداً حتى نهاية سلطة مغول فارس سنة 756هـ.
كتبه. أ.د.علي بن محمد عودة الغامدي
الله يجزاك خير أستاذي الفاضل
جزيت خيرا وكثر الله من أمثالك …ماأحوجنا الى مثلك مؤرخين
ماشاء الله تبارك الله
شهر رمضان شهر الفتوحات