الموقع الرسمي للدكتور علي بن محمد عودة الغامدي
درس من دروس فتح مكة

درس من دروس فتح مكة.
حينما دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة فاتحاً في 20 رمضان من السنة الثامنة للهجرة. وهي المدينة التي اضطهده أهلها وعذبوه وآذوه ، وقاوموا دعوته بكل وسائل العنف والبطش والسخرية ، ونكَّلوا بأصحابه أشد التنكيل.
وحين رآها طائعة خاضعة ، لم تأخذه نشوة الانتصار ، ولم تحدثه نفسه بالانتقام ، فقد أرسله الله رحمة للعالمين ، وليسمو ويرتقي بالبشرية عن كل حقد وكراهية ، وليرتفع بها إلى معارج العبودية المطلقة لله وحده.
حينما رأى مكة خاضعة مستسلمة أمامه أخذ يقرأ سورة الفتح ، وكان وهو داخل إلى مكة يوم الفتح يضع راسه تواضعاً لله تعالى – حين رأى ما اكرمه به من الفتح ، حتى أن ذقنه ليكاد أن يمس واسطة رحله خشوعاً لله وتذللاً له .فكان خضوعه لربه وتذلله بين يديه قمة سعادته . وهي سعادة ما بعدها سعادة. وهو في هذا يختلف عن كل القادة والفاتحين في التاريخ البشري ، وفي كل العصور الذين لا تتحقق سعادتهم إلا بالبطش والانتقام من أعدائهم حين الظفر بهم. فعلى سبيل المثال : عبَّر جنكيزخان – فيما بعد – عن قمة السعادة لديه حينما قال يخاطب أحد أعوانه ” إن السعادة أقصى السعادة هي أن تسحق العدو سحقاً حتى يجثو خاشعاً عند قدميك ثم تسلبه كل ما يملك ومن حوله نساؤه يعولن باكيات “. هذا هو مقياس جنكيزخان ومقياس كل القادة والجبابرة من الفاتحين في سائر حقب التاريخ البشري.
أما محمد صلى الله عليه وسلم فقد جاء يعلم البشرية أن السعادة الحقة – حتى في أعز ساعات النصر – هي الخضوع الكامل لله وحده ، وعندها تتم السيطرة على كل نوازع النفس الإنسانية.
كتبه.أ.د/ علي بن محمد عودة الغامدي.
في العشرين من رمضان.

شاركـنـا !

أترك تعليق

صوت التطور لخدمات الويب