قال تعالى : (إنّ الله يأمركم ان تؤدوا الأمانات الى أهلها )
لايوجد في تاريخ أمة من الأمم نماذج وأمثلة في أداء الامانة مثلما هو الحال في تاريخ أمة الاسلام وألأمثلة في هذا الباب لاتحصر. ويكفي ان أشير هنا الى ان اليهودي المتنصر بدرو ألفونسو الذي تنصر سنة 499 هجرية صنف كتبا كثيرة منها كتاب بعنوان ( تهذيب رجال الدين ) وهدف منه الى تهذيب رجال الدين النصراني ولكنه لم يجد في تاريخ النصرانية واليهودية ما يخدم هدفه فلجأ الى كتب التراث الاسلامي ليستقى منها الامثلة ولكنه سلب منها الصفة الاسلامية وابدلها بالصفة العربية لان كلمة اسلام واسلامي كانت تثير الكراهية والذعر في نفوس الغرب – كما هي الحال اليوم – وكان تأليف بدرو الفونسو لكتابه في أوائل عصر الحروب الصليبية . وتحدث عن امثلة كثيرة عن أمانة حجاج عرب سافروا من الاندلس الى مكة….. وعن حاج اندلسي استودع امواله الكثيرة عند عربي آخر في القاهرة وهو في طريقه الى مكة ………
وهنا سأضرب مثالا واقعيا من تاريخ المسلمين في عصر الحروب الصليبية
عن عيسى العوام
عندما نهضت أوربا بأكملها في حرب طاغيةهي الحملة الصليبية الثالثة عقب أن هزم صلاح الدين الصليبيين في حطين سنة 583 هجرية 1187م واسترد منهم القدس وكل فلسطين خلال شهرين بعد المعركة. فاتخذ مئات الالوف من الغربيين شعار الصليب وجأوا عبر البحر والبر للانتقام من صلاح الدين واحتلال القدس مرة أخرى.
وطوقت الاف السفن الصليبية عكا التي صمدت مدة 685 يوما. ولم يعد بوسع صلاح الدين الاتصال بحامية عكا الا عن طريق الحمام الزاجل. وحرص صلاح الدين على ان يشد من عزائم رجال الحامية في عكا بأرسال الاموال أليهم. وهنا تطوع احد الابطال وهو عيسى العوام للقيام بايصال الاموال الى داخل عكا .فكان يعطيه صلاح الدين كل مرة 2000 دينار ذهب ، فيربطها على ظهره ويغوص ليلا بين السفن الصليبية الى ان يصل الى اسوار عكا من جهة البحر ويدخل من بعض الفتحات الضيقة التي في أسفل السور ويسلم الاموال لرجال الحامية. ونجح عيسى العوام مرات كثيرة في أداء مهمته.
وفي المرة الاخيرة غرق عيسى وانقطع خبره عدة ايام. وبعد ذلك دفعت الامواج جثمان عيسى من أحدفتحات السور .واخرج رجال الحامية الجثمان فوجدوا الاموال مربوطه على ظهره كاملة لم ينقص منها شيء.
ويعلق القاضي بهاء الدين بن شداد على هذه الحادثة بقوله:- ( انه لم ير احد في أداء الأمانة مثل عيسى العوام ادى الأمانة حتى وهو ميتا )
هذه أمة النصر . فأينكم يا أمة الاسلام منها اليوم .؟؟؟؟؟؟
كتبه .أ.د /علي بن محمد عودة الغامدي.